أجمع عدد كبير من الشباب المستفيد من القروض المصغرة بكل أشكالها التي تمنحها الدولة في إطار دعم وتشغيل الشباب، على مدى أهمية هذه القروض في القضاء على البطالة ومساهمتها الفعالة في خلق مناصب عمل لصاحب القرض وللشباب الآخرين الذين يستفيدون معه بطريقة غير مباشرة من فوائد هذه العملية التي ساهمت لحد الآن في إخراج العديد من الشباب من شبح البطالة. القروض تنعش الحرف التقليدية يقول السيد بوساحة مبروك من ولاية الطارف -وهو أحد المستفيدين من قروض التشغيل- إن القرض منحه فرصة لم يكن يحلم بها وقد ساعده على تنمية حرفته وإبرازها كنموذج للحرف التقليدية التي تشتهر بها منطقة القالة بولاية الطارف، وهي تحويل المواد الطبيعية مثل الأحجار والصدف البحرية وخشب الفلين والغليون إلى تحف فنية راقية تبين براعة اليد العاملة الجزائرية التي تحتاج فقط لمن يمد لها العون. ويروي السيد بوساحة تجربته مع هذه الحرفة التي بدأت منذ سنة 1976 حيث كان يعمل في شركة الصيد البحري تحت إشراف الإيطاليين الذين أخذ عنهم حرفة تحويل المرجان إلى تحف فنية نادرة، إلا أنه وبعد حظر صيد المرجان من قبل الدولة استعاض السيد بوساحة في صنع التحف الفنية بالخشب ومواد أولية أخرى، واستطاع أن يطور حرفته عندما تمكن من الاستفادة من قرض من الوكالة الوطنية للتأمين على البطالة الذي يقول بشأنه السيد بوساحة إنه مكنه من شراء آلات ساعدته على زيادة وفرة منتوجه وتحسين نوعيته بشكل كبير، وساهم في نشره وتعريفه بشكل أفضل، مما جعل العديد من الشباب يقبل على تعلم هذه الحرفة التقليدية التي كثر الإقبال عليها من طرف المولعين بالصناعات التقليدية. ويضيف السيد بوساحة أنه وبفضل القرض تمكن من إعطاء الفرصة لكثير من الشباب الراغب في تعلم هذه الحرفة وفتح أبواب محله الصغير لهم وإعطائهم الأمل في الحصول هم أيضا على قروض مماثلة. فرصة للتميز وإبراز القدرات الذاتية بين معروضات تنوعت بين الأثاث المنزلي وأثاث المكاتب وتجهيزات المستشفيات التي بدت غاية في الجودة والإتقان، حدثنا السيد داودي خالد صاحب مؤسسة النسر الذهبي لصناعة الأثاث الخشبي والمعدني من قسنطينة عن تجربته الناجحة في مجال المؤسسات الصغيرة. يقول السيد داودي إن مؤسسته أنشئت بفضل القرض الذي استفاد منه من قبل الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب، هذا القرض مكنه من فتح ورشة صغيرة لصناعة الاثاث تحولت فيما بعد إلى مؤسسة قائمة بذاتها تشغل عددا لا بأس به من الشباب. ويضيف السيد داودي أنه استفاد بخبرة والده الذي اشتغل لمدة أربعين سنة في مؤسسة عمومية تختص في صناعة الأثاث المنزلي بكل أنواعه، وقد ساعدهم ذلك على تحقيق الكثير من النجاحات وتمكنت مؤسستهم الصغيرة من فرض نفسها وتسويق منتوجها على المستوى الوطني في مدة قصيرة. ويضيف السيد داودي أن القروض التي تمنح للشباب اليوم، هي فرصة ذهبية يجب استغلالها جيدا لتحقيق نجاحات متميزة على جميع الأصعدة، فأي شاب جزائري باستطاعته أن يتقدم للوكالة للاستفادة من القروض المختلفة ليضع خطوة في الطريق الصحيح ليتمكن من الخروج من عالم البطالة. تغيير الذهنيات مهم لاستمرار العملية يسعى الشاب سيدي أحمد إبراهيم إلى لفت أنظار الشباب إلى مزايا الحصول على قروض تؤمن لهم الخروج من البطالة التي أجبرتهم قلة فرص العمل على البقاء فيها، ويرى أن الحل ليس بعيدا عن متناول الشباب فالتقدم إلى وكالات التشغيل والحصول على قرض لم يعد بعيد المنال، وأكثر من ذلك فالكثير من الشباب الجزائري -وفي مختلف مناطق الوطن- تمكن من الحصول عليه واستخدامه في مشاريع ناجحة. ويضيف السيد إبراهيم أن الشباب يملك نظرة خاطئة عن القروض وكثير منهم لا يتقدم بالطلب ويكتفي بآرائه وتصوراته الخاطئة عن القروض المختلفة التي تمنحها الدولة في هذا الإطار، والعديد من الشباب الذين أعرفهم لم يتقدموا إلى الوكالات بسبب ما حملوه من هذه الأفكار المسبقة، لكن استطيع أن أؤكد لكم أن نسبة كبيرة منهم غيرت رأيها بعد حصولي على القرض ونجاحي في الاستفادة منه بالشكل الصحيح في مجال صناعة الأرائك والصالونات المختلفة، وقد استطعت بفضل هذا القرض توسيع عملي وفتح مناصب شغل لعدد معتبر من الشباب، كما تمكنت من توسيع مجال عملي والقيام بتسويق منتجاتي على نطاق واسع في مختلف مناطق الوطن. قبل حصولي على القرض كنت أعاني من صعوبات كثيرة خاصة في مجال التسويق ونقل البضائع أما الآن فقد منح لي القرض فرصة كبيرة وزاد من نشاط المعمل بصورة كبيرة، كما ساهم في توسعة نشاطه ليشمل منتوجات أخرى. ويضيف السيد إبراهيم أن الشباب الجزائري طموح جدا وقادر على تخطي العقبات المختلفة ولا يحتاج إلا ليد تساعده على إظهار قدراته المميزة في أي يعمل يسند إليه، ويرى أن الشاب الذي يتقدم بطلب قرض يجب أن لا يضع في ذهنه انه لن يكون قادرا على تسديد المبلغ فهذه الأفكار لا تخدم أبدا الشباب، وعليه أن يعمل على تسديد القرض في وقته المحدد كي لا يضع نفسه في متاهات لن يستطيع الخروج منها، ولا يجب أن يتردد، بل عليه أن يغير الأفكار المسبقة التي ترافقه ويتحلى بالشجاعة والمقدرة على إنجاز العمل وهذا وحده كفيل بأن يجعله يتسلق سلم النجاح درجة درجة. لم تختلف آراء الشباب الحاصل على قروض التشغيل وأجمع العديد منهم على أن الإرادة القوية كافية لصنع المعجزات، وأن الشباب الذين سبقوهم في هذه الخطوة ساهموا في دفعهم نحو التوجه وطرق أبواب مختلف الوكالات الوطنية رغبة منهم في الخروج من قوقعة البطالة ودخول عالم الشغل بتجارب ناجحة يشهد لها الجميع، فالسياسة التي تتبعها الدولة في هذا المجال تعد -حسب رأي الكثير منهم- سياسة ناجحة وخطوة فعالة في سبيل القضاء على البطالة ومكافحة كل أشكالها، والقروض الممنوحة في إطار هذه السياسة ساهمت في إبراز الكثير من المواهب والإنجازات الشبانية التي برهنت قدرة الشاب الجزائري على تجاوز العراقيل وإثبات قدراته الذاتية في شتى المجالات.