بدأ العدل التنازلي للتشريعيات المقبلة، مباشرة بعد توقيع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على المرسوم الرئاسي المتعلق باستدعاء الهيئة الناخبة لانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني يوم 4 ماي 2017، حيث ستدخل الأحزاب السياسية التي قررت ولوج هذا المعترك الانتخابي، في سباق مع الزمن لتحضير نفسها، انطلاقا من تحديد قوائمها الانتخابية وتسطير برامج واستراتيجيات لمباشرة حملة انتخابية "ساخنة" تمكنها من استمالة الهيئة الناخبة وبسط يدها على كعكة مقاعد زيغود يوسف. التوقيع على مرسوم استعداء الهيئة الناخب، والذي سيدخل حيز النفاذ مباشرة بعد نشره في الجريدة الرسمية خلال الفترة القصيرة المقبلة، يعد إيذانا للأحزاب السياسية على الانطلاق الرسمي لسباق مبنى زيغود يوسف، حيث سيكون التنافس حسب مراقبين للساحة السياسية "حامي الوطيس"، مقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة، علما أن العديد من التشكيلات الحزبية قد سطرت برامج ترى أنها محكمة لتجاوز منافسيها في هذا الموعد، عن طريق نسج العديد من التكتلات الحزبية، على شاكلة التيار الإسلامي الذي توحد في إطار قطبين سيجدان لا محالة نفسيهما في منافسة شرسة على وعاء انتخابي واحد مرجعيته التيار الإسلامي، ما سيزيد من "سخونة" هذا الموعد، ضف الى ذلك ما يجري اليوم من سباق مراطوني بين حزبي السلطة "الأفلان والأرندي" اللذين يعملان على استقطاب الشخصيات "الثقيلة" لتكون على رأس قوائمها، علما أن حزب خدام الدولة "الأرندي" يسعى جاهدا إلى الانتشار الميداني والاستثمار في استقرار قواعده، واستغلال "المطبات" التي يعاني منها غريمه التقليدي "الأفلان" الذي لا يزال يتجرع آلام جروحه المستمرة، لحصد أغلبية كعكة زيغود يوسف، والعودة إلى "أمجاده" التى صنعها سنة 1997، حينما حقق الأغلبية البرلمانية، وهو الحزب الذي كان وقتها وليد الأمس. الأحزاب العلمانية والديمقراطية كالأرسيدي والأفافاس والعمال، بدورها ستتحرك ذات اليمين وذات الشمال ليكون لها وزن سياسي ثقيل في هذا الموعد،عن طريق حشد آلتها الانتخابية لتكون صمام أمانها لتحقيق أرقام مريحة بعد الرابع من ماي الداخل، وهي التي اعتادت على اغتنام نوابها في الغرفة السفلى كمنابر لتمرير أجنداتها السياسية، مثلما فعل الأفافاس في العهدة الحالية التي تتجه إلى الانقضاء، عكس الأرسيدي الذي اكتوى بنيران مقاطعته لتشريعيات 2012. الحراك الذي ستعرفه الساحة السياسية بعد استدعاء الهيئة الناخبة، أكيد سيوقظ الأحزاب "النائمة" التي عودتنا على البروز في المواعيد الانتخابية، حيث ستخرج بدورها من سباتها العميق وتحاول جمع التوقيعات في بعض الولايات وتنشيط حملة انتخابية مع نظرائهم من الاحزاب، ما يجعل هذا الموعد ذا حركية ونشاط سياسي منقطع النظير. وجاء استدعاء الهيئة الانتخابية بعد المراجعة السنوية للقوائم، وذلك ما بين 1 و30 أكتوبر المنصرم، وقد تم تسهيل هذه المراجعة بفضل التكنولوجيات الجديدة والسجل الوطني للحالة المدنية الذي يمنع التسجيل المزدوج للناخبين. ومن المقرر ايضا اجراء مراجعة استثنائية للقوائم الانتخابية خلال الفترة الممتدة من 8 الى 22 فيفير2017 بموجب مرسوم رئاسي يتعلق باستدعاء الهيئة الانتخابية. وعلى الصعيد التنظيمي، فإن التشريعيات القادمة تتميز بكونها تأتي في اطار الدستور المصادق عليه في فيفري 2016 المؤسس للهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، والذي أدخل أيضا ضمانات جديدة من حيث النزاهة والشفافية مرتبطة بمراجعة القانون المتعلق بالنظام الانتخابي. وكلفت الهيئة بموجب الدستور بمهمة العمل بكل استقلالية على تعزيز مصداقية الانتخابات والسهر على شفافيتها ونزاهتها منذ استدعاء الهيئة الانتخابية إلى غاية الاعلان عن النتائج المؤقتة للاقتراع. نورالدين علواش