حالة من التخبط الشديد تسود مبنى الاتحاد الجزائري لكرة القدم، وهذا عقب تدخل وزارة الشباب والرياضة لرفض قرار لجنة الترشيحات الخاصة بالجمعية العامة الانتخابية القاضي بتأجيل انتخابات اختيار رئيس جديد ل"الفاف"، ليتم سحب بيان التأجيل بعد سويعات من نشره على الموقع الرسمي للاتحاد. هذه التطورات زادت من غموض المشهد، وصعّبت من التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور في الأيام القادمة. ومن أجل توضيح الرؤية وفك طلاسم هذه التطورات، ارتأت "الحوار" طرح بعض الأسئلة على أحد الصحفيين المختصين في شؤون كرة القدم، وهو مسعود علال رئيس القسم الرياضي بيومية "الشروق". * ماذا يحدث في مبنى دالي براهيم؟ ما يحدث في "الفاف" حاليا سابقة ووصمة عار في جبين هذه الاتحادية والقائمين على تسييرها وكذا على وزير القطاع. الأمر خرج عن النطاق الرياضي، وأضحى تصفية حسابات بين أطراف في السلطة وفي مجال كرة القدم. التطاحن الدائر حول "الفاف" هو نتيجة صراع أجنحة في السلطة، وحرب مصالح بين العصابات التي تسير كرة القدم. سواء الرئيس المنتهية عهدته أو رؤساء الأندية. فالرئيس المنتهية ولايته، محمد روراوة، لم يهضم الطريقة التي انتهت بها عهدته، وهو يمارس الآن سياسة الأرض المحروقة، وسياسة "أنا وبعدي الطوفان"، وهناك عديد المصادر تؤكد أنه عقد صفقة مع عدو الأمس خير الدين زطشي (رئيس نادي بارادو) رفقة رابح حداد حداد (رئيس اتحاد العاصمة)، وتم بموجبها "بيع" الاتحادية وكأنها ملكية خاصة، وهو ما يفسر ثورة رؤساء باقي الأندية الذين يريدون –طبعا- نصيبهم من الكعكة، ويرفضون أن تتحول ملكية "الفاف" إلى يد زطشي وحداد. * هل عهد محمد روراوة انتهى فعلا، أي أنه قرر ألّا يترشح ولن يرشح أي من حاشيته، على غرار رئيس الرابطة محفوظ قرباج؟ روراوة قام بالتلاعب مع مساعديه السابقين، وأوهمهم بأنه يدعمهم، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما، ومن الصعب أن يترشح إن لم يحصل على دعم من السلطة وضمانات بتبييض صورته ومنع الحملة الإعلامية ضده. * هناك قراءة تشير أن روراوة لن يترشح في حال فوزه بمقعد في المكتب التنفيذي ل "الكاف" عن شمال إفريقيا (الانتخابات مقررة غدا)، ما مدى صحة هذا السيناريو؟ روراوة "يربح الوقت" قبيل حسم معركته في "الكاف"، وهو يرغب أن يبقى في "الفاف" لكن من موقع قوة، وليس وسط الظروف الحالية. فروراوة استعمل حاشيته في صورة قرباج وبن حمزة كي يناور على زطشي، ويمنع إجراء الانتخابات في وقتها حتى نهاية انتخابات الكاف، وهو يريد أيضا أن تصل الأمور إلى مرحلة الانسداد، وتمديد الفترة الانتقالية، وما سيأتي معها من سقوط مريع للكرة الجزائرية والمنتخب الوطني الأول، كي يتم اللجوء إليه كمنقذ. 4- هناك من يحاول تقديم زطشي، في صورة المرشح المنقذ الذي سيعيد الهيبة لكرة القدم الجزائرية، خاصة انه يلقى الدعم من جهات نافذة في السلطة.. فهل يمتلك الرجل فعلا القدرة على فرض نفسه، خاصة وانه لا يلقى الإجماع لدى أعضاء الجمعية العامة؟ بالنسبة لزطشي أظن بأنه كان وإلى غاية إقدامه على الترشح مصدر أمل وتفاؤل لكن الطريقة التي بدأ بها حملته كانت خاطئة من الأساس بعد أن اتضح انه مدعوم من السلطة وبالتالي فهو وروراوة سيان. ففي البداية، ظهر كأنه رئيس للفاف حتى قبل إجراء الانتخابات وأدلى بتصريحات أضرّت به كثيرا، وضربت بمصداقيته كحديثه عن استبعاد المحترفين واعتماده على المحليين وقدرته على التتويج بالكان، وما شابه ذلك. فضلا عن استباقه الأمور، ما جعله لعبة في يد السلطة وبعض رؤساء الأندية النافذين للأسف، ولن يخرج من هذا المأزق بسهولة فقد تم توريطه. * بالحديث عن تدخل وزارة الرياضة في سيرورة هذه الانتخابات، فهل روراوة ومناوئوه سيوظفون ورقة "عقوبات الفيفا" من أجل إجبار الوزارة على الكف من تدخلاتها في شؤون "الفاف"؟ تدخل الفيفا سابق لأوانه، فمختلف الأطراف المتنازعة لا ترغب لحدوث ذلك خشية التعرض لتصفية الحسابات. ولكن روراوة وحاشيته تحركوا مؤخرا عبر قنوات غير رسمية لإيصال ما يحدث للفيفا. أضف إلى ذلك، فوزير الرياضة الهادي ولد علي لم يعرف التعامل مع أزمة الفاف منذ البداية، وهو ماض في طريق عواقبها وخيمة، وأعتقد بأنها ستنتهي بالتضحية به. 6- ما السيناريو الذي تتوقعه في قادم الأيام؟ في اعتقادي، الانتخابات ستؤجل لا محالة (رغم سحب بيان التأجيل الذي صدر أول أمس)، وهنا يجب الإشارة إلى التجاوزات القانونية الخطيرة التي ارتكبها المكتب السابق بقيادة روراوة من خلال الدّوس على القوانين الأساسية للفاف، سيما المتعلقة بموعد تنظيم الجمعية الانتخابية وآجال الترشيحات والطعون، فالجميع تعمّد التعامي على الحقيقة، وحتى لجنة الترشيحات الحالية تعاملت بحيلة مع الوضع كان عليها الاعلان يوم 27 فيفري الماضي عن تغيير موعد الانتخابات ليوم 27 افريل اي ستين يوما بعد الجمعية العادية مثلما تنص عليه القوانين لكنها انتظرت نهاية مهلة الترشيحات للاعلان عن التأجيل وتطبيق القانون. وأظن بان هذه الخطوة كانت مبرمجة مسبقا خدمة لمخطط روراوة الذي كان يريد منذ البداية إيصال الوضع إلى الانسداد.