كشف شيخ زاوية الهامل، محمد المأمون القاسمي الحسني، عن ارائه ل "الحوار" بخصوص عدة مواضيع تشغل الرأي العام مؤخرا، وأبرزها أزمة المدارس القرآنية التي أثارتها وزارة التربية، ووزارة الشؤون الدينية، حيث حمل الشيخ المسؤولية في ذلك الى هذه الاخيرة، معتبرا محاولة تدخلها في ما تقدمه المدارس القرآنية عن طريق وزارة التربية أمرا غير مقبول، كما انتقد محدثنا طريقة معالجة مصالح محمد عيسى لملف الأحمدية، معتبرا إياها طريقة خاطئة. * كيف ترون فضيلة الشيخ الجدل المثار حول المدارس القرآنية؟ أولا أقول وأؤكد إن المدارس القرآنية في الجزائر كانت دائما ناجحة، وحققت إلى حد ما نتائج ايجابية، بناء على الأهداف المسطرة لها، لكن مؤخرا في ظل وجود الصراعات السياسية والفكرية تم تسجيل تراجع فيها، فهناك العديد من الأفكار الدينية والمذهبية تحاول العبث بها. * ماذا عن الجدل الحاصل اليوم بين جمعية العلماء المسلمين ووزارة الشؤون الدينية، كيف تنظرون إلى هذه النقطة بالذات؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، من باب العرفان أقف أمام تاريخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي اقل ما أقول عنه انه مشرف، وأن القائمين عليها أشخاصا أفاضل يشهد لهم، خاصة فيما يخص ما قدموه ولا يزالون يقدمونه ويناضلون من اجله، أما فيما يتعلق بالجدل الحاصل بين جمعية العلماء المسلمين ووزارة الشؤون الدينية اقو ل إن تدخل هذه الأخيرة في بعض المواقف، خاصة المنظومة التربوية، هي القطرة التي أفاضت الكأس. وفي نظري جمعية العلماء المسلمين الجزائريين محقة لأن إدارة الشؤون الدينية من المفروض أن يكون لها موقف، ومن جهة أخرى لما نقارن نجاحات الجمعية أقول إنها مصيبة في توجهها.
* لو حدثتنا فضيلة الشيخ، عن رأيك في ظاهرة استيراد العلماء والدعاة من الخارج، وهل يمكن أن تكون لصالح الجزائر بالخصوص مرجعيتها الدينية؟ أقول بصريح العبارة "أنا آسف لهذه الظاهرة" وأصفها بالدخيلة، لأننا في الجزائر عندنا مرجعيتنا، فعلى سبيل المثال اكبر المحاضرين في المملكة السعودية من أصول جزائرية، وهذا دليل على أننا عندنا كفاءات منافسة ومشرفة، وعليه فنحن لا نحتاج لاستيراد العلماء والدعاة، فأكبر خطأ يمكن أن يقع اختلاف المذاهب الدينية إضافة إلى وجود أمور لا تخلو من التوجهات السياسية والفكرية المختلفة ويمكن تصنيفها على أنها لا تخدم المصالح الجزائرية أبدا لأن التاريخ والثقافة الفكرية الجزائرية يختلفان عن ما يمكن أن يأتوا به. وفي هذا السياق أتساءل كيف للشعب الجزائري أن صمد وحافظ على هويته لأكثر من قرن وهو تحت ضغوطات الاستعمار الفرنسي لولا نجاعة القائمين على ترسيخ القيم الدينية.
* تزامنا مع اقتراب الموعد الانتخابي، طفى على سطح المشهد السياسي، استغلال العديد من المترشحين وأحزابهم للزوايا سياسيا، هل ترون أن هذه الظاهرة صحية أم عكس ذلك؟ أولا اعتبر الأمر سقطة من سقطات المقيمين والمشرفين على الزوايا، وثانيا أقول إن استغلال السياسيين للزوايا على وجه الخصوص في أغراض سياسية، خاصة مع اقتراب الموعد الانتخابي الذي يفصلنا عنه أيام، يعد عملا لا أخلاقي بالنسبة لرجال السياسة، فمن المفروض الزوايا تخدم الدين، القرآن والسنة النبوية لا يجب توظيفهما من اجل الترويج لتوجهات سياسية وقناعات شخصية. * مؤخرا أصبحنا نسمع كثيرا عن الطوائف الدينية في الجزائر.. ما مرد ذلك؟ الضجة الحاصلة وبروز الطوائف الدينية في الجزائر راجع إلى فكرة سياسية وتخلي وزارة الشؤون الدينية والمساجد عن دورها، فمن المفروض نشر ديننا في أماكن أخرى من شأنها أن تصنع وتعمل على التأثير أكثر، ومع عدم توفر ذلك جعل الناس تنتمي لهذه الطوائف، ما أدى إلى وجود أفكار دخيلة، خاصة أن الفرد الجزائري سهل الاستقطاب من طرف الجمعيات الدينية والفكرية التي تأتي من الخارج.
* بخصوص الطريقة التي تعالج بها وزارة الشؤون الدينية ملف الأحمدية.. هل توافق عليها؟ اعتبرها خاطئة، ولا أوافق على الطريقة التي تعالج بها وزارة الشؤون الدينية ملف الاحمدية، فالبنسبة لي عندما نعمل على توقيف شيء بالقوة فمن البديهي أن يختفي ظاهريا، لكن يبقى خفيا وراسخا، لذلك فلا بد من محاربة الأفكار وترسيخ القناعات.
* * ماذا تقترح كرجل دين لمعالجة هذه الظاهرة التي أصبحت محل تهديد للمرجعية الدينية؟ في هذا الشأن اقترح زيادة الحصص الدينية بالنسبة للمنظومة التربوية، خاصة ما تعلق بالكم، أما بالنسبة للشؤون الدينية فلا بد من العمل على توسيع دائرة المحاضرات على مستوى المساجد ووسائل الإعلام من اجل محاربة والحد من الأفكار الدخيلة التي من شأنها أن تهدد مقومات وهوية الشعب. سألته: سامية. س