* مهماه: نموذج أعمال يسمح بالتوغل تدريجيا في سوق المحروقات * حسني: سونطراك ليست بحاجة إلى مستثمرين يستغلون أموالها * تحديات كبرى أمام المستثمرين الخواص للولوج في السوق الطاقوية * الوضع الحالي يتطلب ولوجهم في نشاط الخدمات فقط تحتم الظروف المالية الصعبة على الحكومة الجزائرية إجراء تعديلات على قانون المحروقات، تزامنا مع الأزمة الاقتصادية التي تتطلب في الوقت الراهن جلب استثمارات حقيقية لدعم الخزينة العمومية. تعديلات جديدة من المرتقب أن تفتح المجال أكثر لتحسين صورة سوق الاستثمار في الجزائر في ظل التغيرات التحولات العالمية في هذا الميدان، فيما يبقى السؤال المطروح، ان كانت الحكومة ستراهن بهذا القطاع الحساس وتسمح لرأس المال الخاص الوطني لوضع موطأ قدم فيه.
* التحولات العالمية تقضي إعادة النظر في قانون المحروقات أكد الخبير الطاقوي، بوزيان مهماه، أن مراجعة قانون المحروقات يجب أن تهدف إلى تعزيز الأمن الطاقوي للجزائر، مضيفا أنه يتعين على دولة الوزير الأول فتح نقاش وطني ضمن هذا المنظور، متيقنا أن كل فواعل المجموعة الوطنية متراصة في موقفها تجاه الأمن الطاقوي للبلد. وقال بوزيان مهماه، في اتصال مع "الحوار"، أمس، إن مراجعة قانون المحروقات حاجة ملحة باعتبار أنه تمت الإشارة في برنامج عمل الحكومة الجديد إلى هذه المسألة، مؤكدا أن هذه النقطة تحتاج إلى إبراز أكثر وضوح في مخطط العمل الجديد الذي جاءت به حكومة أويحيى، مضيفا أن التفاف المجتمع الجزائري بكل مكوناته وأطيافه السياسية حول مسألة الأمن الطاقوي ستسهل من مهمة التقنيين والخبراء لإيجاد الميكانيزمات والخطط اللازمة لتحقيق الأمن الطاقوي من خلال ما سيتضمنه قانون المحروقات الجديد. وأفاد الخبير الطاقوي أن التحولات العالمية في ميدان الطاقة، تقضي إعادة النظر في قانون المحروقات، بعد التحولات الحاصلة في مراكز الثقل الطاقوي التقليدية، وبروز أقطاب طاقوية جديدة تصب جل اهتمامها على النشاطات وليس الخام فقط، بالإضافة إلى أن العالم يشهد تجاوزا لنماذج الأعمال التقليدية للشركات النفطية العالمية في ظل فشل نماذج الأعمال السابقة وبروز أنماط جديدة من نماذج الأعمال التجارية، مما يحتم على مؤسسة سونطراك العمل على تغيير نمط نموذج أعمالها التجارية. تزايد معدل النمو بخصوص استهلاك الطاقة والطلب عليها في السوق الوطنية، اعتبرها المتحدث معطيات ثانية تحتم على الحكومة الجزائرية إعادة النظر في قانون المحروقات، مؤكدا أن تفعيل النموذج الاقتصادي الجديد للنمو يستهدف الوصول إلى تحقيق نسبة نمو لبناء اقتصاد تنافسي، مضيفا أن احتياطات الجزائر من النفط والغاز في حدود 12 مليار برميل و300 مليار متر مكعب من الغاز، مؤكدا أن هذه الكمية لن تتجاوز عتبة 2034. أما المعطى الإفريقي، فيضيف مهماه أن إفريقيا تشهد بروز محطات تطوير طاقوية هامة تهدد المكامن النفطية للجزائر، مؤكدا أن جميع هذه المعطيات تحتم على الجزائر مباشرة نشاطات واسعة على مستوى الاستكشاف، بالإضافة إلى تنمية المخزونات الفعلية، وهذا ما يتطلب رصد الأموال الكافية لتنفيذ مخططات التطوير وامتلاك التكنولوجيات الحديثة ومواكبة التطورات، مشددا على ضرورة تعزيز مكانة سونطراك في سوق النفط، والسعي لبناء نموذج أعمال طاقوي تضطلع عليه سونطراك ويترجمه قانون المحروقات لاستقطاب الرأسمال الأجنبي وتحفيز الرأس مال الوطني للاستثمار في قطاع الطاقة. وفيما يخص استثمار الرأسمال الوطني الخاص في قطاع المحروقات، قال ذات المتحدث إن القانون الحالي يضمن فتح المجال أمام الخواص، مؤكدا أن هناك تحديات موضوعية أمام الرأسمال الخاص ليتمدد في السوق الطاقوية، ولعل أبرز هذه التحديات -يضيف مهماه- صعوبة مرحلة الاستكشاف والتنقيب على المستثمر الجزائري، حيث تحتاج هذه المرحلة إلى شراكة حقيقية مع الرأسمال الأجنبي، مضيفا أن مرحلة الانتاج تتطلب رصد أموال طائلة لا يستطيع المستثمر الجزائري الخاص توفيرها. وحتى لا يتم إعطاء آمال زائفة للمستثمر الجزائري، يضيف مهماه، أن الأولى هو توفير شروط الاستثمار للرأسمال الوطني في نطاق نشاط الخدمات، موضحا آن القانون الحالي يعطي أفضلية في المنافسة للشركات الوطنية ب 25 بالمائة، مؤكدا أنه ينبغي تجميع الجهد الوطني من القطاع الخاص والعام لبناء نموذج أعمال حقيقي يحفظ مصلحة الجميع، مما يسمح للرأسمال الوطني التمدد تدريجيا ضمن سوق الطاقة من خلال نشاط الخدمات للوصول تدريجيا إلى الاستثمار في الحقول النفطية والغازية.
* المؤسسات العمومية ليست بحاجة إلى هذا النوع من الاستثمارات قال توفيق حسني، خبير ومستشار الانتقال الطاقوي، إن مؤسسة سوناطراك لا ترحب بالمستثمرين الخواص الذين يريدون استغلال أموال سوناطراك لدعم استثماراتهم، مؤكدا أن المؤسسة ليست بحاجة إلى هذا النوع من الاستثمارات بقدر حاجتها إلى استثمارات حقيقية لدعم المؤسسة والمشاركة معها في تطوير مجال المحروقات والطاقات المتجددة. وفيما يخص ضغط الخواص للمشاركة في ولوج مجال المحروقات، أكد توفيق حسني، في اتصال هاتفي مع "الحوار"، أمس، أنه لا يوجد مستثمر جزائري خاص قادر على الاستثمار في مجال المحروقات، باعتبار هذا الأخير يتطلب رؤوس أموال ضخمة، مشيرا إلى أن إمكانية المستثمرين الخواص لا تتعدى سوى قدرتهم على مشاركة سوناطراك في بعض الخدمات التي لا تكلف رؤوس أموال معتبرة. واعترف الخبير ومستشار الانتقال الطاقوي، بأن التحولات العالمية في الميدان الطاقوي، تلزم الجزائر بتعديل قانون الاستثمار في ميدان المحروقات، وهذا لمواكبة هذه التحولات التي تتطلب تحفيز المستثمرين الأجانب لضمان سوق استثمار مستقر يضمن للمستثمرين… مؤكدا أن القانون الحالي عجز عن جلب استثمارات حقيقية في القطاع، باعتبار أن الاستثمار يتطلب مردودية مالية، متسائلا في السياق كيف ستكون هذه المردودية في ظل تهاوي أسعار البترول، متوقعا في ذات الصدد تراجع نسبة الاستثمارات باعتبار أن مساهمة البترول في الاستهلاك الطاقوي ستنخفض في هذه المرحلة. وعن إمكانية تعديل قانون 49/51، شدد المتحدث ذاته على ضرورة المحافظة على هذه القاعدة في القطاعات الاستراتيجية فقط على غرار قطاع المحروقات، على أن يمس تعديل القانون كل القطاعات الأخرى، خاصة في ظل تراجع احتياطي الصرف وتكل أموال الخزينة العمومية.
* هذا هو المستقبل الحقيقي للأمن الطاقوي كما شدد توفيق حسني، خبير ومستشار الانتقال الطاقوي، على ضرورة التوجه إلى الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة للخروج من سياسة الريع النفطي والتبعية المطلقة للمحروقات، موضحا أن التغيرات والتحولات الطاقوية في العالم تحتم على الجزائر التوجه إلى تطوير الطاقات المتجددة، خاصة بعد الاتفاقات التي أبرمتها الجزائر مع بلدان العالم لتخفيض بعث غازي ثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى التزام الدستور الجزائري في بعض نصوصه بضرورة استغلال الطاقات المتجددة والحد من بعث الغازات السامة. وأكد توفيق حسني أن الوضع الراهن يحتم على سوناطراك التحول إلى استعمال الطاقات المتجددة كون العديد من الشركات العالمية في ميدان المحروقات غيرت توجهها نحو هذا المجال، مضيفا في السياق أن المستقبل الحقيقي للأمن الطاقوي مرتبط بتطوير استغلال الموارد الطبيعية. وفي ذات السياق، أفاد ذات المتحدث أن مصير سوناطراك مرتبط بتطوير استغلال الطاقات المتجددة، في ظل الاستهلاك غير المعقول للمحروقات خاصة في إنتاج الطاقة الكهربائية، مؤكدا أن مسؤولية تحويل واستغلال الطاقة الشمسية ستقع على عاتق سونطراك في ظل إعلان مؤسسة سونلغاز عن إفلاسها. سمية شبيطة