دفعت الأزمة المالية التي أصابت الاقتصاد الوطني منذ نهاية سنة 2014 السلطات نحو قرار تصدير مادة الإسمنت إلى الخارج بحلول عام 2019/2020 حسب ما ذكره وزير الصناعة والمناجم يوسف يوسفي في محاولة لخلق بديل آخر عن المحروقات، بما قد يعود على الخزينة العمومية التي يتآكل احتياط الصرف فيها، خاصة بعد تهاوي أسعار الذهب الأسود، بمزيد من المداخيل من العملة الصعبة لإنعاشها والتخفيف من حدة الوضع الاقتصادي الراهن، فهل يمكن فعلا تحقيق الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو تصدير هذه المادة! وحول الموضوع، قال أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر 3، محمد حشماوي، لدى استضافته في برنامج "خبايا الأرقام" للقناة الإذاعية الأولى، حينما سئل عن قدرة المصانع والمنشآت الموجودة حاليا عبر التراب الوطني سواء كانت عمومية أو خاصة أن تحقق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال وإنتاج ما يفوق 10 ملايين طن إضافية سنويا تراهن الدولة على تصديرها في الآفاق المذكورة، إن الجزائر لحد الآن تستورد مادة الإسمنت، وكان من المتوقع أن تبدأ عملية التصدير منذ سنة 2017 خاصة في السداسي الأخير منها، مضيفا أن هناك مجموعة من المشاريع لإنتاج الإسمنت، وفي حالة إتمام وإنجاز هذه المشاريع، يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من جهة والتوجه نحو التصدير من جهة أخرى، نظرا للفائض في الإنتاج الذي ينتج عنها، وتجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج أسبوعي ويهتم بتحليل وقراءة الأرقام الصادرة عن المؤسسات والمنظمات الاقتصادية. وفي سياق متصل، وصف ذات المتحدث سنة 2016 بالعجز لأن احتياجات الجزائريين من هذه المادة تتراوح ما بين 22 و24 مليون طن، في حين يتراوح الإنتاج ما بين 18 و19 مليون طن، وبالتالي هناك عجز ب 5 أو 6 ملايين طن من الإسمنت سنويا، ما يكلف الدولة نصف مليار دولار، مضيفا بالقول: "إذا دخلت هذه المشاريع في عملية الإنتاج خلال السنة المقبلة، يمكن أن تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي لمادة الإسمنت، بشرط انخفاض الطلب عليها، لأن هناك مشاريع كثيرة خاصة في مجال السكن، إضافة إلى حسن استعمالها حيث نجد استهلاك الإسمنت في بناية معينة أكثر مما يستلزم نظرا لقلة الخبرة في هذا الميدان وعدم وجود مؤهلات بشرية". وشدد الأستاذ محمد حشماوي على ضرورة التحكم في الإنتاج من جهة والتحكم في الطلب والاستهلاك من جهة أخرى، حتى تتمكن الدولة من تنويع إيراداتها من العملة الصعبة، مضيفا بالقول "إذا استطاعت الجزائر تصدير من 8 إلى 10 مليون طن خلال السنوات القادمة فسيكون هذا مصدرا جديدا بالنسبة للدولة، مما يؤدي إلى تقليص فاتورة الاستيراد".
* برامج محفزة تتطلب كميات ضخمة من الإسمنت من جهته، قال الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، سعيد بن عياد، لدى استضافته في نفس البرنامج، إن الإسمنت مادة حيوية في السلسلة الصناعية الجزائرية، لأنها مرتبطة ببرامج التنمية والاستثمارات المعلن عنها والجاري تنفيذها والمسطرة، خاصة في المشاريع الكبرى، وإن الرفع من الإنتاج ضرورة، ليس فقط للتصدير بل لتلبية حاجيات السوق الداخلية، مضيفا بالقول: "نحن نعلم أن في السنة الجارية هناك برامج محفزة وتتطلب كميات كبيرة من الإسمنت، خاصة في قطاع السكن والمنشآت القاعدية"، معتبرا أن إمكانات توفير هذا المنتوج قائمة، لأن مناخ الاستثمار محفز وإيجابي -حسبه- وهذا المجال مفتوح أمام المؤسسات الخاصة للدخول في تركيبة استثمارية تكاملية مع القطاع العام. وفي سياق ذي صلة، شدد سعيد بن عياد على ضرورة انفتاح المؤسسات القائمة حاليا، والتي بلغت درجة من المحدودية في الإنتاج من جهة، وعلى ضرورة الانفتاح على رأس المال الخاص الوطني لتوسيع الاستثمارات الإنتاجية من جهة أخرى، خاصة أن الوزارة الوصية اهتمت بالتنمية في المناجم والذهاب إلى المواد الباطنية كالمواد الأولية للإسمنت، وحسب ذات المتحدث فإنه يمكن رفع هذا التحدي بعد سنة 2019 لأن السنة المقبلة هي سنة إشباع وتلبية الحاجة المحلية في السوق.
* مصنع الشلف.. 4 مليون طن سنويا في آفاق 2018 هذا ويعد مصنع الإسمنت ومشتقاته بالشلف من بين أهم مصانع المجمع الصناعي على المستوى الوطني من حيث جودة المواد الأولية التي تدخل في تركيبه، وبطاقة إنتاجية تقدر بمليوني طن سنويا، لتغطية طلبات وحاجيات مختلف المشاريع التنموية الكبرى، خصوصا السكن والبنى التحتية والمرافق العمومية بالوسط والوسط الغربي والجنوب، وعرف هذا المصنع تطورا كبيرا منذ نشأته، حيث ارتفعت طاقته الإنتاجية من مليون طن في ثمانينات القرن الماضي إلى 4 ملايين طن سنويا في آفاق 2018، وهو يغطي نسبة 10% من احتياجات السوق الوطنية ومتواجد عبر 25 ولاية، هذا ويسعى المصنع إلى مضاعفة حصته الإنتاجية الوطنية من خلال دخول الخط الثالث حيز الخدمة خلال الثلاثي الأول من السنة المقبلة لتصل إلى 4 ملايين طن سنويا، ناهيك عن فتح مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة واستحداث مؤسسات في التحويل، وتهدف المؤسسة إلى توزيع كمية كبيرة ومعتبرة من الإسمنت، وذلك تماشيا مع توجيهات السلطات الوصية لمرافقة المشاريع التنموية، ويعتبر هذا المصنع نموذجا من المصانع الوطنية العمومية التي تراهن عليها الدولة. سمية. ن