تزامنا مع تأزم الأوضاع الاقتصادية للبلاد وتدني القدرة الشرائية ترافع العديد من الفئات الاجتماعية العاملة في مختلف القطاعات من أجل تحسين إطارها المعيشي، وتأتي في مقدمتهم الأسرة التربوية المتمثلة في الأساتذة من مختلف الأطوار الدراسية الذين يرون أن الراتب الشهري الذي يتقاضونه غير كاف لسد لقمة العيش في ظل ما تم ذكره آنفا، وفي السياق دعا هؤلاء الجهات المعنية إلى ضرورة إعادة النظر في الراتب الشهري الذي لا يغني ولا يسمني من جوع –حسبهم- دائما. قال رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين الصادق زيري، إن أجور الأساتذة في الأطوار الثلاثة الابتدائي والمتوسط والثانوي يتراوح ما بين 25000 و 80000 دج كأكبر أجر يتقاضاه أستاذ في مؤسسة تربوية, مضيفا أن متوسط أجور الأساتذة في الجزائر لا يتعدى 40000 دج, وبمقارنتها مع تكلفة الحياة الاجتماعية لا يمكن لهذا الأجر تغطية كل مصاريفه اليومية إلا لمدة 10 أيام بالنسبة للأساتذة الجدد و 16 يوم بالنسبة للأساتذة القدماء, مؤكدا أن الأجر الذي حدد للأستاذ من أجل تغطية تكاليفه اليومية حدد ب 62000 دج حسب دراسات أجرتها العديد من النقابات الفاعلة في قطاع التربية, مشددا على ضرورة إعادة نظر الحكومة في سياسات الأجور في الجزائر بشكل يتماشى مع التكلفة الحقيقية التي تكفل حياة كريمة للأستاذ في تصريح خص به "الحوار". من جهته, قال عضو لجنة التربية والتعليم العالي بالبرلمان مسعود عمراوي، إن الراتب الشهري للأستاذ الجديد لا يتعدى 32000 دج, مؤكدا في السياق أن الزيادات الكبيرة في أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع في مشروع قانون المالية لكل سنة لا يسايره بالمقابل زيادة في أجور الموظفين في جميع القطاعات على غرار قطاع التربية, حيث يشهد هذا الأخير استقرارا في التوظيف العمومي, مؤكدا في السياق في حديثه مع "الحوار" خلال اتصال هاتفي أن الأجر الذي يتقاضاه الأستاذ في المؤسسة التربوية لا يساير الوضع المعيشي الراهن، في ظل استمرار الأزمة المالية التي عرفتها البلاد منذ تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية من جهة, وضعف قدرته الشرائية في ظل ارتفاع أسعار جميع المواد الاستهلاكية في السوق الوطني من جهة أخرى. وفي السياق, دعا ذات المتحدث الحكومة إلى القيام بدراسة اقتصادية لإعداد مؤشر المعيشة كما هو معمول به في الدول الأخرى, مشيرا إلى أن زيادة الأجور تخضع إلى مؤشر المعيشة وهو مرتبط – حسبه – بغلاء الأسعار وصرف الدينار الجزائري, مطالبا في ذات الصدد بالحفاظ على تكافؤ المعيشة في الجزائر من خلال حماية الطبقة الوسطى التي انهارت في ظل وجود طبقتين الأولى غنية والثانية فقيرة, مؤكدا أن تماسك المجتمع مرتبط بتواجد الطبقة الوسطى التي تحافظ على تماسك الدولة الاجتماعية التي تنادي بها الجزائر منذ الاستقلال. من جهته أكد المكلف بالتنظيم في النقابة الوطنية لعمال التربية الأسنتيوا، قويدري يحياوي، أن ملف الأجور في الجزائر لا يعني الأساتذة فقط بل كل عمال الوظيف العمومي في الجزائر، مضيفا بالقول أن الراتب الشهري للأستاذ في الجزائر قد أصبح لا يكفي قياسا بتدهور القدرة الشرائية للمواطن البسيط وكذا سعر الدينار المحلي مقارنة بالعملة الصعبة، مضيفا بالقول أن الزيادات الحاصلة في قوانين المالية لم يقابلها إطلاقا زيادات في الأجور، ولذا لازال الأساتذة يتقاضون حتى مبلغ 30 ألف دينار بالنسبة للجدد و40 ألف دينار بالنسبة للأساتذة ذوي الخبرة مما يعادل 130 أورو بالعملة الصعبة، هذه الأخيرة التي تعد منحة صغيرة يتقاضاها البطالون في أوروبا. يحياوي قال أيضا "يجب أن يتراوح أجر الأستاذ من 60 ألف دينار حتى 100 دينار فقط من أجل حياة كريمة تضمن قوته هو وعائلته، أما رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ علي بن زينة فقد أكد في اتصال ب"الحوار" أن "الأستاذ الذي يدرس بالطور الابتدائي يستحق راتبا يفوق مرتب مدير عام لمؤسسة اقتصادية، لكونه يقضي جل وقته في تدريس التلاميذ الصغار و "يتعب معهم". وتأسف ذات المتحدث "للراتب الذي يتقاضاه الأستاذ الجزائري"، مشددا على ضرورة تخصيص أجر محترم يضمن له حياة كريمة وهذا تفاديا لتوجهه نحو تدريس الدروس الخصوصية خارج أوقات العمل في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة".