نظمت جامعة الجزائر قسم اللغة العربية ندوة علمية قيمة بعنوان فنيات الكتابة السردية في الجزائر تحت إشراف عميد الكلية عبد الحميد علاوي والدكتور الشاعر علي ملاحي. وحضر هذه الندوة العديد من الدكاترة والروائيين من أمثال محمد ساري مشري بن خليفة وعبد الحميد هيمة وعمار بن زايد وزاوي لعموري وكذلك الروائي المبدع عز الدين الجلاوجي… وقد تناولت هذه الندوة العلمية بالخصوص التجربة السردية عند "عز الدين جلاوجي" ففي البداية أشار هذا الاخير إلى ان هاجس الكتابة عنده قد تولد من ذاته القلقة التي تسعى الى التعبير والإفصاح ولكن هذا الهاجس قد بدأت ملامحه تظهر بشكل واضح في الصغر من خلال احتكاكه بجده الذي اعتبره شلال الحكاية الشعبية التي كان يستحم بدفئها وعبقها الذي لا ينظب ولا ينتهي وبفضل هذا الشلال والزخاف صقلت تجربة وتوجه الروائي عز الدين الجلاوجي، بالإضافة إلى والده الذي كان له دور كبير في هذه التجربة كونه من حفظة القرآن والمتون الدينية وهذا بالنسبة إليه كان حافزا دفعه الى حب اللغة العربية والتعمق فيها والجمع بين ميوله إلى السرد والارتباط باللغة. وفي السياق ذاته أقر الروائي عز الدين جلاوجي أن اهتمامه بالكتابة حتى وإن كان نابعا من هذا التكوين فإنه أيضا موقف وهذا الموقف يمكن تفريعه إلى تفرعين، الكتابة بالنسبة إليه والسرد بالنسبة إليه كلاهما موقف جمالي، مضيفا على ذلك أن الروائي عندما يكتب يجب أن يكتب بجمالية وفنية وهذا الجمال هو الذي يمثل الروائي في حد ذاته…. كما أنه أشار في مداخلته القيمة على أن الجمال يجب أن يكون محايدا فعلى الروائي أن يكتب نصا بطعمه وأن يغمس قلمه في مبراته.. وفي نفس الإطار قدم مقطعا من روايته "الحب ليلا في حضرة الأعور الدجال"..حيث كتب عن امرأة تشد رأسها بخمارها قائلا "وقد زمت رأسها بمحرمة حمراء" وفي هذا المقطع اعتبر الروائي عز الدين جلاوجي أن كلمة زمت وكلمة محرمة كلمات عربية فصحى وهي أرقى وأكثر تمثيلا وتعبيرا عن الوجدان والخصوصيات.. وقد أوضح عز الدين الجلاوجي في هذه الندوة العلمية أن الكتابة الإبداعية هي رسالة تعبر عن المحيط وعن قناعة الذات فهي تحمل هاجس الإنسان الثائر المتمرد والمحارب لكل الآفات الاجتماعية. كما أنه صرح بتمرده على شكل الكتابة المعتاد لكي ينتج شكلا جديد مغايرا حيث تمثل هذا الشكل السردي الجديد في المزج بين السرد والمسرح وقد لاقت هذه الطريقة قبولا كبيرا وبدأ هذا المصطلح يحضر في البحوث وداخل الجامعة وخارجها. وقد تميزت هذه الندوة العلمية بالعديد من المداخلات الجميلة على رأسها تدخلات الأستاذ والروائي عبد الحميد هيمة الذي قدم قراءة راقية لرواية عز الدين جلاوجي "حائط المبكى"….ففي هذه االقراءة عبر الدكتور عيد الحميد هيمة عن الصدمة التي أحدثتها هذه الرواية في نفسه معتبرا إياها تجربة من طراز جديد من خلال تداخل الأجناس، فبمجرد قراءة الرواية نجد أن جلاوجي قد ينطلق من الإنسان الى الفنون ويغوص في أعماق النفس البشرية ليرسم لوحة جديدة خالدة للفن الأصيل. وفي الأخير أشار الأستاذ عبد الحميد هيمة أن هذا التداخل في رواية عز الدين الجلاوجي يثير ويطرح مسألة القراءة، فالنص عندما يكون بنية معقدة أو مركبة يحتاج إلى نقد مركب عابر للتخصصات يستجيب الى بنية التعقيد التي أصبحت تميز الرواية الجديدة. تغطية: بودروة لميس