كشفت الداليا غنية، وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، في حديث مع جريدة "الحوار" عن كل تفاصيل برنامج التكفل بالفئات الهشة المسطر لسنة 2018، مبرزة التدابير التي باشرت مصالحها في تطبيقها لحماية وترقية حقوق الطفل، والمرأة الريفية، وإسهامها في التنمية المجتمعية، كما فتحت قلبها لقرائها متحدثة عن هواياتها، بعيدا عن السياسة وحبها للسياحة والترحال، وشغفها بالمطالعة، وأمور أخرى تقرأونها في هذا الحوار. بداية، لو تطلعيننا على أبرز التدابير الجديدة المتخذة من قبل مصالحك في إطار التكفل بالفئات الهشة في المجتمع؟ – يتم سنوياً تخصيص حصص من البرامج الاجتماعية التي تسيرها وكالة التنمية الاجتماعية، والمتمثلة في جهاز المنحة الجزافية للتضامن (AFS)، الذي يتم بموجبه التكفل بالفئات الهشّة والمعوزة التي لا تتوفر على أي مدخول، وغير قادرة على العمل، من خلال إعطاء منحة شهرية لكل شخص مستفيد، والأشخاص تحت كفالته في حدود (3) أشخاص. كما يضمن هذا الجهاز الحماية والتغطية الاجتماعية للمستفيدين، وذوي الحقوق، من خلال التكفل بدفع مستحقات الضمان الاجتماعي، (محتسبة على أساس 6 % من الأجر الوطني الأدنى المضمون). وبعنوان سنة 2018، سيتم التكفل بمصاريف المنحة والأعباء لفائدة 831.452 شخص و268.054 شخص تحت الكفالة، وبالنسبة الى جهاز نشاطات الإدماج الاجتماعي (DAIS)، إضافة إلى التكفل بعقود 218.441 شخص مستفيد حالياً، سيضمن هذا الجهاز خلال سنة 2018 التكفل بحصة إضافية تقدر بحوالي 70.000 شخص في حالة هشاشة اجتماعية، والتي سيتم توزيعها على كامل ولايات الوطن، مع إعطاء الأولوية لولايات الهضاب العليا والجنوب. أما برنامج الإدماج الاجتماعي لحاملي الشهادات (PID)، إضافة إلى التكفل بعقود 6.721 شاب من خريجي الجامعات ومعاهد التكوين المهني حالياً، سيضمن هذا البرنامج، خلال سنة 2018، التكفل بحصة إضافية تقدر بحوالي 20.000 منصب جديد، والتي سيتم توزيعها على كامل ولايات الوطن، وبرنامج أشغال المنفعة العمومية ذات الاستعمال المكثف لليد العاملة، تعتزم مصالحي، بعنوان سنة 2018، إنجاز حوالي 1.000 مشروع منفعة عمومية سيسمح بخلق 4.683 منصب شغل مؤقت لفائدة الأشخاص في حالة بطالة وهشاشة اجتماعية عبر كامل ولايات الوطن.أما بخصوص برنامج التنمية الجماعية، سيتم خلال السنة الجارية إنجاز 382 مشروع جديد، بغرض تحسين الظروف المعيشية للفئات المحرومة، وذلك من خلال إنجاز مشاريع اجتماعية لفائدة الفئات السكانية الهشة القاطنة، خاصّة بالمناطق المعزولة، والتي تستجيب لاحتياجاتهم الأولية، على غرار المشاريع الموجهة للتكفل بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة، فتح المسالك، التزوّد بالمياه الصالحة للشرب.
* قمتم بدعوة المجتمع المدني والحركة الجمعوية للمساهمة في التكفل بالفئات الهشة، هل من نتائج ملموسة إلى غاية اليوم؟ – نعم، قمت بذلك خلال زيارة العمل والتفقد التي قادتني إلى ولاية البليدة، لقد أصبح إشراك الحركة الجمعوية في برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد حتمية لابد منها، حيث أصبحت الجمعيات من أهم أدوات الخدمة الاجتماعية التي أدخلتها المرحلة العلمية والمهنية، وذلك بالتكفل بمختلف الاحتياجات المتزايدة، وتعزيز التماسك الاجتماعي والتضامن بين مختلف الفئات، ووفق مقاربة تشاركية، وبغرض توسيع دائرة العمل الاجتماعي والتضامني والإنساني، ليشمل إلى جانب المؤسسات الحكومية، المجتمع المدني والحركة الجمعوية، وذلك للحد من ذهنية الاتكالية والتوجه نحو غرس روح الاعتماد على النفس وتحقيق الاستقلالية، كما يتم التنسيق مع العديد من الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي، التي لها أهداف ذات الصلة بالبرامج الاجتماعية الموجهة لمختلف الفئات الاجتماعية المتكفل بها من طرف القطاع، وذلك بغرض تضافر الجهود، وتوحيد الرؤى، والتدخل بنشاطات هادفة وملمة بكل الجوانب الحياتية للمجتمع، كل من موقعه، وحسب مجال اختصاصه، عبر العديد من قنوات التواصل والعمل المشترك. جل المشاريع الممولة تلخصت في محاور التكفل بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ومرافقة الأشخاص المسنين، والمرأة، والطفل في وضع صعب، حيث بلغ مجموع المشاريع الممولة 305 مشروع، خلال الفترة الممتدة ما بين 2012 إلى 2017، واستفاد من هذه المشاريع حوالي 285.688 شخص من بينهم أشخاص معاقون، عائلات معوزة، أطفال، أشخاص مسنون، نساء وفتيات في وضع صعب.
* ما تقييمكم للعمل الجمعوي في الجزائر؟ وإلى أي مدى يساهم في تجسيد البرامج الاجتماعية؟ وهل يمكن إيفادنا بأرقام حول الجمعيات التي تعملون بالتنسيق معها لتحقيق حاجيات الفئات المعوزة؟ – لقد اكتسبت الحركة الجمعوية في الفترة الأخيرة خبرة لا يستهان بها في مجال التكفل بالفئات الهشة، وفي مرافقة الأشخاص في وضع صعب، كما أن مستوى المهنية الذي أصبحت تتمتع به الجمعيات سمح لها بتطوير آليات التكفل، وذلك بإنشاء شبكة قاعدية تتشكل من 96 مؤسسة مسيرة من طرف الحركة الجمعوية، تتكفل بفئات الأشخاص المعاقين، الأشخاص المسنين، الطفولة المسعفة، والنساء في وضع صعب، وترافق وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة 3434 جمعية وطنية ومحلية ذات طابع اجتماعي وإنساني، باعتبارها شريكا فعالا للسلطات العمومية في تجسيد العمليات التضامنية محليا، موزعة حسب مجال النشاط الذي يعنى به من قبل قطاعنا الوزاري، جمعيات تهتم بالمرأة، بكبار السن، بالمعاقين، بالطفولة، بالشباب، إضافة إلى الجمعيات الخيرية والتضامنية. واعتبارا للدور الهام الذي تضطلع به الجمعيات في مجال الرعاية والإدماج، وسعيا منا إلى تطوير وتحسين نوعية خدماتها، أسديت تعليماتي للمصالح المختصة بالوزارة على دعم وتفعيل النشاط الجمعوي، من خلال الدعم المالي لتمويل المشاريع المقدمة من قبل الجمعيات، وخاصة في مجال تكوين إطاراتها في مجال تسيير الجمعية والتأطير والمرافقة.
* برزت في السنوات الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعات خيرية من قبل شباب يؤدون العمل الخيري خارج تنظيم قانوني، وللذكر، العديد منها وصلت إلى مناطق نائية، وعائلات معوزة وتمكنت من مساعدتها، ما تعليقك على أداء هذه المجموعات؟ – إن العمل الخيري في الجزائر مترسخ، ونابع من قيّمنا الإسلامية، فهو ليس وليد اليوم، بل الشعب الجزائري معروف عنه حب المبادرة والتطوع والمشاركة، والمساهمة في مختلف النشاطات الخيرية، أضف إلى ذلك نشاطات الخيرين والمحسنين وكل الفاعلين في هذا المجال، أما المجموعات الخيرية التي يقودها شباب في سبيل العمل الخيري، فلا يعتبر نشاطها دخيلا على مجتمعنا على الإطلاق، بل هو عمل مكمل لنشاط الخيرين والمحسنين والجمعيات الخيرية، ومع تطور وسائل الاتصال، وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، أدى إلى إبرازها بشكل واسع، علما أن هذه المجموعات تعمل تحت مظلة الجمعيات المعتمدة، وبالتنسيق مع مختلف المصالح.
* تحرص وزارتكم على حماية وترقية حقوق الطفل، وجعل هذا الموضوع من الملفات الاستراتيجية، لاسيما أمام انتشار وسائط التواصل الحديثة، وما تعرفه من إقبال من طرف فئة الأطفال والمراهقين والشباب، رغم المخاطر المحدقة بهم، جراء استعمالها غير الآمن، ما أهم السبل التي تعتمدها وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة في ذلك؟ – يعد موضوع حماية الطفولة من أولويات العمل الحكومي في بلادنا، وتتولى وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة ضمن برامجها، العمل على توفير كل الوسائل اللازمة لحماية الطفل وترقيته بالتنسيق مع القطاعات الوزارية، والهيئات الوطنية ذات الصلة، وأيضا الجمعيات الناشطة في ميدان حماية الطفولة، وبخصوص سؤالكم حول ظاهرة الإقبال على الوسائل التكنولوجية الرقمية، ووسائط التواصل الاجتماعي، من طرف الأطفال والمراهقين والشباب، وما ترتب عنها من مخاطر جراء الاستعمال السيئ لها، بعيدا عن مراقبة الوالدين أو الأسرة، فإن قطاعنا الوزاري، وضمن مخطط عمل الحكومة، يعي كل الوعي هذا التحدي الجديد، ويعمل في الكثير من المناسبات على التحسيس، من خلال تنظيم حملات وطنية ومحلية، وتوفير الجو الآمن والصحي لحماية أطفالنا، وعبر التكفل المؤسساتي من خلال الشبكة الوطنية لمراكز الحماية ومؤسسات الطفولة المسعفة، ومصالح الوسط المفتوح، وأيضا عبر التراتيب والبرامج والأنشطة الموجهة للأسر، حيث نظمت وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة يوما إعلاميا بتاريخ 24 ديسمبر 2017، تحت عنوان "حق الطفل في الترفيه وحمايته من مخاطر الأنترنت"، والذي تمخض عنه إنشاء فوج عمل قطاعي لصياغة التوصيات، والعمل على بلورتها في شكل ورقة عمل قطاعية، كما تم الإعلان عن إنشاء جائزة وطنية لأفضل الإبداعات الرقمية الموجهة للأطفال، كما تم إطلاق الحملة الوطنية لمحاربة مخاطر الأنترنت في صيغتها الثانية، والتي شملت الإعلان عن الومضات الإشهارية في القنوات والجرائد والمحطات الإذاعية، بشكل مكثف وواسع، وهي مستمرة لسنة كاملة، وكذلك عبر الوقاية والتحسيس من خلال الحملات والقوافل التحسيسية على المستوى المحلي، كانت آخرها إطلاق قوافل التحسيس في النصف الثاني شهر ديسمبر2017 عبر كل ولايات الوطن، حول الوقاية من مخاطر الأنترنت.
* فئة ذوي الاحتياجات الخاصة هي الأخرى ترفع العديد من المطالب على غرار زيادة منحة المعاق، الوزارة انطلقت في هذا المطلب، أين وصل الأمر؟ – يعتبر مطلب رفع قيمة المنحة المالية المخصصة للأشخاص المعاقين مطلبا شرعيا وعادلا، نتمنى أن نستطيع تجسيده عندما تتحسن الوضعية المالية للبلاد، غير أنه تجدر الإشارة إلى أن علاوة على هذه المنحة المالية، فهذه الفئة تستفيد من التغطية الصحية التي تضمن لها مجانية العلاج والدواء والتجهيزات المتخصصة، بالإضافة إلى مجانية النقل أو التخفيض في تسعيراته. * في إطار إدماج فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في عالم الشغل، ونحو تفعيل القانون الخاص بتوجيه نسبة 1% لإدماج هذه الشريحة على مستوى مختلف المؤسسات، انطلقتم في نقاش مع أرباب المؤسسات، أين وصلت هذه المساعي؟ – إضافة إلى سعينا إلى تحسيس أرباب العمل العموميين والخواص للالتزام بقانون 02-09 المتعلق بحماية الأشخاص المعوقين وترقيتهم، المؤرخ في 8 ماي 2002، والذي يكرس حق العمل من خلال ممارسة نشاط مهني يُناسب قُدراتهم، ويسمح بضمان استقلاليهم البدنية والاجتماعية والاقتصادية، فإننا نعمل منذ سنة في إطار توأمة تدوم سنتين مع الشريك الفرنسي، ضمن برنامج دعم تنفيذ اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، على ضبط استراتيجية وطنية للإدماج المهني للأشخاص المعوقين. * شرعتم في إدماج اللغة الأمازيغية في مختلف برامج التنمية الاجتماعية، لو تحدثينا عن أبرز ما توصلتم إليه في هذا الإطار؟ – عملا على تجسيد مبادئ الدستور الذي كرّس اللغة الأمازيغية لغة رسمية للدولة الجزائرية، لما لها من دور أساسي في شدّ لحمة الوطن، والشعور بالانتماء، وكذا المساهمة في تقوية التماسك الاجتماعي لأفراد المجتمع الجزائري، يعمل قطاعنا الوزاري على ترقية اللغة الأمازيغية، حيث تم عقد اتفاقية إطار ما بين وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة والمحافظة السامية للأمازيغية في جانفي 2015، ونحن اليوم بصدد تحيين بنودها، وإعادة إطلاقها بشكل فعّال بهدف الإدماج الاجتماعي للأشخاص في وضع صعب، لاسيما المعاقين منهم والمتواجدين في مناطق معزولة، من خلال إدراج اللغة الأمازيغية ضمن برنامج خاص لمحو الأمية، موجه لذوي الاحتياجات الخاصة والمرأة الريفية، وتشجيع المديريات الولائية لاستعمالها ضمن الحملات التحسيسية الموجهة لفائدة الأشخاص المعوقين، وتحسين وضع المرأة ودعم الأسرة. وتعمل مصالحنا المركزية على ترجمة قاموس لغة الإشارات الجزائرية الموجه لفئة الأشخاص المعوقين سمعيا، إلى اللغة الأمازيغية، بالتنسيق مع المحافظة السامية للأمازيغية، وذلك بغرض تعميم استعماله لدى الأشخاص المعوقين سمعيا وفي محيطهم، كما يشجع قطاعنا طباعة النصوص الأمازيغية بطريقة البراي، لفائدة المكفوفين، بالتنسيق مع المحافظة السامية للأمازيغية، وديوان المطبوعات المدرسية (ONPS) الذي وضع القطاع تحت تصرفه مطبعة البراي الرقمية. وقصد ترسيخ الثقافة الأمازيغية في نفوس الأطفال المعوقين، والأشخاص المقيمين بالمؤسسات المتخصصة، تحتفل مؤسساتنا المتخصصة كل سنة "بيناير" رأس السنة الأمازيغية، وذلك بإشراك الحركة الجمعوية الناشطة في الميدان، وكذا وسائل الإعلام المحلية والجهوية منذ سنة 2015. كما تستغل الوزارة، كل سانحة أثناء استصدار المناشير والوثائق الموجهة لعموم المواطنين بإدراج نسخ بالأمازيغية، والتي ستتوسع تدريجيا في إطار تجسيد حق الإعلام والمعلومة للجميع بشكل دائم ومستمر. وبعد إعلان فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، عن ترسيم عيد "ينّاير" المصادف للثاني عشر من يناير من كل سنة، عيدًا وطنيًا، باعتباره يمثل رأس السنة الأمازيغية، قام قطاعنا الوزاري من خلال فرق الخلايا الجوارية للتضامن بالمشاركة الفعّالة في مختلف التظاهرات والأنشطة التي تم برمجتها للاحتفال بهذه المناسبة، والتي من خلالها تم تنظيم نشاطات على شرف العائلات المعوزة، والأطفال اليتامى، بالتنسيق مع عدد من الشركاء المحليين، وممثلي المجتمع المدني، وقد أشرفتُ على احتفال رسمي بالمناسبة في الزيارة التي قادتني إلى ولاية أم البواقي.
* ما تقييمك لواقع المرأة الجزائرية العاملة، هل يمكن القول إنها اقتحمت كل المجالات وأثبتت جدارتها في شتى القطاعات؟ – رغم اقتحامها كل المجالات، وإثبات جدارتها أينما وجدت، إلا أنه لابد أن نسعى إلى تعزيز تواجدها في المجالات ذات الطابع الاقتصادي والصناعي المنتج، دون إغفال ضرورة تواجدها في مناصب المسؤولية وصنع القرار، وعمليا ودون أي تردد، يمكن القول إن العام والخاص يعرفان أن المرأة الجزائرية اقتحمت كافة المجالات في سوق العمل، سواء كانت في الوظيفة العمومية أو القطاع، زيادة على ولوجها عالم المقاولاتية بكل ثقة، وكذا كافة الوظائف، بما فيها الوظائف العليا في الدولة، وذلك لعدم وجود القوانين التمييزية في بلادنا، زيادة على أن التعديل الدستوري الأخير في نص مادته رقم 36 التي تنص على أن تعمل الدولة على ترقية التناصف بين الرجال والنساء في سوق التشغيل، تشجع الدولة على ترقية المرأة في مناصب المسؤولية في الهيئات والإدارات العمومية، وعلى مستوى المؤسسات، وهنا أفتح قوسا لأؤكد لكم من خلال مجلتكم المحترمة، أن كل ما تحقق اليوم للمرأة الجزائرية، هو بفضل فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة.
* أطلقتم المسابقة الوطنية "المرأة تنشئ" لأحسن المشاريع الريفية، ما رأيك في واقع هذه الفئة ودورها في المساهمة في النهوض بالاقتصاد والتنمية المجتمعية؟ وكيف كانت نسبة المشاركة في هذه المسابقة؟ – تندرج المسابقة الوطنية "المرأة تنشئ" ضمن مجمل المبادرات التي تطلقها وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة لتشجيع المقاولاتية النسوية، والتي لاتزال فيها المرأة تخطو خطوات محتشمة رغم أنها تتوجه بخطوات ثابتة نحو إطلاق المشاريع المصغرة، وتبين أرقام الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر استفادة 31.312 امرأة من القروض سنة 2017، وهو ما يمثل نسبة 74.83 بالمئة من القروض الممنوحة، وتعتبر المشاريع المصغرة خطوة هامة نحو توسيع النشاط الاقتصادي الذي تشجعه الدولة، بفضل مختلف القروض، كما أنها تخلق مناصب شغل وتحرك النشاطات الاقتصادية، زيادة على المساهمة في خلق مناصب شغل إضافية، وقد تم تخصيص المسابقة في طبعتها الثانية لأحسن المشاريع الريفية، وذلك تثمينا لدور المرأة الريفية في التنمية المستدامة في المناطق الريفية، وفي استقرار الساكنة، زيادة على تشجيع المتميزات منهن على أدوار الريادة، بحيث تمثل كل امرأة ناجحة في الريف (كما في المدينة) على السواء، مثالا يقتدى به لتغيير الذهنيات والصور النمطية، وتمكن من إسقاط بعض الاكراهات التي تعرقل التمكين الاقتصادي والاجتماعي لفئات واسعة من النساء، وقد بلغ عدد المترشحات أكثر من 70 مشاركة، وذلك من مختلف الولايات، للفوز بإحدى الجوائز المخصصة والمتمثلة في جائزة أحسن مشروع فلاحي، وجائزة أحسن مشروع تعاونية فلاحية نسوية، إضافة الى جائزة أحسن مبادرة للتنمية المستدامة بالريف، مخصصة للجمعيات والمؤسسات. وقد تم إطلاق العديد من المشاريع لفائدة المرأة الريفية على مستوى البلديات الريفية 100%، والمصنفة كبلديات ريفية نموذجية من طرف اللجان الولائية، قبل أن نقرر توسيعها إلى جميع البلديات الريفية، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الريفية الموافق ل25أكتوبر2017.
* لو سألتك عن الدالية غنية، فمن هي؟ – هي مواطنة جزائرية عادية، تدرجت في عدة وظائف، كما تقلدت عدة مسؤوليات، آخرها وزيرة للعلاقات مع البرلمان، قبل تعييني على رأس وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة.
* مناضلة في الأفلان منذ 1990، كيف اقتحمت السيدة الدالية عالم السياسية، وما تقييمك لأكثر من ربع قرن من ممارسة العمل السياسي؟ – نعم بالفعل، أنا مناضلة جبهوية، وأنا في صفوف الحزب منذ 1990 وإلى غاية اللحظة، وسأبقى وفية للحزب ولمبادئه النوفمبرية، وأنا لم أنقطع عن النضال. كما أعتبر ممارسة العمل السياسي بالنسبة لي تجربة رائعة في حياتي، وصعبة في الكثير من الأحيان، ومغامرة في أحيان أخرى، فقد تدرجت في المسؤوليات على مستوى هياكل الحزب محليا ووطنياً، من القسمة إلى المحافظة، وصولا إلى عضوية اللجنة المركزية. كما خضت تجربة الترشح للانتخابات المحلية والوطنية، بدءا بالمجلس الشعبي الولائي سنة 2002 ثم الانتخابات التشريعية على مرتين سنة 2012، وسنة 2017، وكان لي الشرف أن ترأست قائمة حزب جبهة التحرير الوطني لتشريعيات 2017 بالدائرة الانتخابية البليدة، كأول امرأة في حزب جبهة التحرير الوطني تخوض هذه التجربة، والحمد لله كان النجاح باهرا، وأغتنم الفرصة لأشكر كل المناضلين والمواطنين على حد سواء بولاية البليدة.
* من تعتبره الدالية قدوتها في عالم السياسة ؟ – دون شّك أو حتى تفكير، قدوتي في عالم السياسة المجاهد رئيس حزب جبهة التحرير الوطني، فخّامة رئيس الجمهورية، السيّد عبد العزيز بوتفليقة، الذي قدم للجزائر وللمرأة الجزائرية الكثير والكثير، وخاصة تمكينها سياسياً. * انتخبت نائبا في البرلمان، ثم توليت منصب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، ماذا أضافت هذه التجربة لك، خاصة أنها تمكنك من الاحتكاك بمختلف أطياف المجتمع ؟ – مهنيا، شغلت العديد من المناصب، منها التدريس، وتدرجت في العديد من المسؤوليات بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كما تمكنت من دخول قبة المجلس الشعبي الوطني في تشريعيات ماي 2012، العهدة التشريعية السابعة، وخلالها تقلدت مسؤوليات تمثلت في عضويتي في اللجان المتخصصة بالمجلس، إلى غاية انتخابي نائبأ لرئيس المجلس الشعبي الوطني سنة 2014، دون تقلد النيابة، حيث حالت بعض الظروف دون ترسيم تنصيبي، ليعاد انتخابي مجدداً نائباً لرئيس المجلس الشعبي الوطني، مكلفة بالعلاقات الخارجية شهر أكتوبر 2015 إلى غاية جوان 2016، وهنا أغتنم السانحة لأحيي وأشكر كل زملائي الذين ساندوني خلال تلك الفترة من العهدة التشريعية السابعة. هذا، وقد كنت عضوا في اللجنة الموسعة المشتركة للبرلمان بغرفتيه، كما كنت مقررة لذات اللجنة التي كلفت بإعداد التقرير النهائي، وتلاوته على أعضاء البرلمان المجتمعين للمصادقة على التعديل الدستوري شهر فيفري سنة 2016، وفعلا منصبي كنائب لرئيس المجلس الشعبي الوطني، جعلني في اتصال دائم ومستمر مع مختلف أطياف المجتمع مثلما أشرتم، حتى وإن كنت قبل ذلك ابنة القاعدة النضالية للحزب، وقد مكنني ذلك من اكتساب خبرات جديدة في مساري المهني، ولي ذكرى جميلة لا تنسى مع هذا المنصب، كون فخامة رئيس الجمهورية، السيّد عبد العزيز بوتفليقة، شرفني بتعيينه لي وزيرة للعلاقات مع البرلمان في شهر جوان 2016. * ثاني حقيبة وزارية بعد وزارة العلاقات مع البرلمان، ماذا يمثل هذا بالنسبة إليك؟ – بعد الانتخابات التشريعية شهر ماي 2017 التي انتخبت على إثرها نائبا بالمجلس الشعبي الوطني في العهدة التشريعية الثامنة، جدّد الثقة في شخصي فخامة رئيس الجمهورية، وزيرة للتضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، الأمر الذي يجعلني كلي فخرا واعتزازا لما حظيت به من ثقة، وأتمنى أن أكون عند حسن تطلعات الشعب الجزائري، وفي مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقي. * نعود بك سنوات إلى الوراء، هل تتذكر الدالية فترة المدرسة.. لو تحدثينا قليلا حول هذه الفترة؟ – هي فترة مازلت أحن إليها بشوق، تلك الذكريات الجميلة، جوّ الدراسة والعلاقات الطيبة والمتميزة التي جمعتنا مع أساتذتنا، وكل الأسرة التربوية التي تميزت بالحس العالي. نعم، وككل الجزائريين، النجاح في البكالوريا طموح كل متمدرس للولوج إلى الجامعة، وهنا أتذكر جيدا نجاحي في شهادة البكالوريا، وفرحتي رفقة العائلة بهذا النجاح، بالرغم من أنني كنت من المميزين طوال مشواري الدراسي، من الابتدائي إلى الجامعة. * هل يعلق بذاكرتك موقف معين أو حادثة من أيام الدراسة أو الجامعة؟ – لا يوجد أي موقف معين بالتحديد، كنا نلعب خلال مرحلة الطفولة بأشياء بسيطة، وفق الإمكانات التي كانت متاحة، فلا دروس خصوصية أو أي شيء من هذا القبيل، وعلى كل حال، فأيام الجامعة ميزها الجد والاجتهاد، كما أن تلك الفترة في الثمانينات كانت تشهد رواجا كبيرا لقاعات السينما والمسرح الوطني من صلب اهتماماتنا، فقد كنا في أوقات الفراغ نتجه لمشاهدة الأفلام بقاعات السنيما، خاصة تلك المخصصة للنساء بوسط العاصمة، كما كنا نحضر لمسرحيات بالمسرح الوطني للمرحوم علولة، ودليلة حليلو، وصونيا، وبن قطاف… * ما هوايات الوزيرة الدالية غنية، بعيدا عن السياسة؟ – السياحة والترحال بالداخل والخارج، وخاصة في بلدنا الغني بالتراث الثقافي والحضاري المتنوع، وبما تزخر به الجزائر من مقومات تجعلها قطبا سياحيا واعدا بامتياز، وأنا أعمل على الترويج للسياحة بالجزائر، كلما سنح لي ذلك، وحتى في بعض المهام التي أقوم بها خارج الوطن. ومن هواياتي كذلك الاستماع للموسيقى الجزائرية الأصيلة. * ما نوع الكتب التي تفضلين مطالعتها؟ – أطالع باهتمام كبير كل الكتب والمجلات في مختلف المجالات، كما إنني لا أستغني أبدا عن المطالعة، خاصة في أوقات الفراغ، رغم أنني مشغولة على الدوام بالمهام المنوطة بي. كما أقرأ للعديد، على غرار فرانس فانون، وحاليا أنا بصدد قراءة كتاب للكاتب جاك جون روسو – بعنوان:-Discours sur l'origine et les fondements de l'inégalité parmi les hommes-.