المدخر بإمكانه إنقاذ الخزينة العمومية من قضية اللجوء إلى الاستدانة أكد الدكتور سعيد منصور، رئيس جمعية النادي الاقتصادي، أنه لم يعد يوجد حاجز بين المواطن ومؤسساته المالية بدخول المصارف الإسلامية التي تخضع للمعاملات الإسلامية حيز الخدمة، واضمحلت العراقيل التي كانت تعيقه من إدخال أمواله إلى المصارف، كما تطرق سعيد منصور خلال اللقاء الذي معه ب"الحوار" في إطار الملتقى الدولي للمالية الإسلامية الذي نظمته على مدار يومين معهد العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، والذي تمحور حول "التحول إلى المصرفية الاسلامية في الجزائر.. الأسس والآليات"، إلى العديد من القضايا التي تعنى بالمصارف الاسلامية.
هل أنت متفائل من واقع البنوك الإسلامية في الجزائر؟ طبعا من المؤكد أن المنظومة المصرفية الجزائرية اليوم تسير نحو الأحسن وباتجاه التطور، بدأت الجزائر في وقتنا الحالي تعرف شكلا جديدا من البنوك والمصارف، ويتعلق الأمر بالصيرفة الإسلامية، وقد انطلق أول بنك إسلامي سنة 1992 مع بنك البركة، وكذا بنك السلام، وأرى أن هذين البنكين سيعملان على تطوير الصيرفة الاسلامية، فخمس وعشرون سنة تجربة في هذا المجال توحي أن الجزائر تسير بخطى نحو تبني فكرة تحديث عالم المال والأعمال، ومع ذلك فالجزائر متأخرة في هذا الميدان، لأن هذا النوع من المصارف سبقتنا إليه دول من العالم المسيحي، كبريطانيا وألمانيا وفرنسا، إلا أننا نتفائلون خيرا أن هذا النوع من المؤسسات سيتطور وسينعش الاقتصاد الوطني مستقبلا، وكنادي اقتصادي نبارك عمل هذه البنوك لما لها من ايجابيات على الاقتصاد أولا وما ينتظره منها رجال الأعمال من فرص لتمويل مشارعهم الاقتصادية.
كرئيس لنادي الاقتصادي، لما ترجع أسباب عزوف أغلب الجزائريين إيداع أموالهم في المصارف؟ أكبر نسبة من المدخرين والمتعاملين الاقتصاديين الجزائريين يفضلون اكتناز أموالهم في البيوت، عوض الذهاب بها نحو مؤسسات مالية، والسبب في ذلك عقائدي مائة بالمائة، حيث لا يريد أن يتعامل بقروض الفائدة، باعتبارها ربوية، أي المسألة لا تخرج عن نطاق الدين، وهذا الأمر يطرح العديد من المشاكل، سواء على مستوى المؤسسة البنكية التي تجد نفسها تبحث عن السيولة النقدية. ومن جهة أخرى، أن هذه القضية أحدثت ثغرات كبيرة، حيث توجد كتلة معتبرة من الأموال خارج البنوك لا نستطيع مراقبتها، ولا توجد حرية التصرف فيها، لأن كل الأموال التي هي خارج البنوك هي معاملات لا تكون في الحسبان، ولا يمكن إخضاعها إلى التقييم الاقتصادي، ولا نستطيع إضافتها إلى المنتوج الاقتصادي، وتبقى مجرد معاملات خارج إطار المالية، كما تشكل خطرا على الإنسان ذاته، وبوجود مثل هذا الصنف من البنوك في الجزائر اليوم سيسهل على المواطن عملية الادخار وتنمو في ذهنه فكرة التعامل مع المصرف في أريحية تامة وهو مطمئن البال، ونأمل من المصارف الاسلامية بذل قصارى جهدها من أجل التئام الشرخ الموجود بين المدخر ومؤسسته المالية، حتى نسترجع ثقة المدخر بالبنك، ونستفيد من أمواله، وبالتالي استقطاب أكبر كتلة نقدية حتى لا تضطر الدولة اللجوء إلى الاستدانة الخارجية وتدخلنا في دوامة نحن في غنى عنها.
يطرح غياب الضابط القانوني لتنظيم المعاملات الإسلامية.. ما تعليقك؟ في ظل المتغيرات التي تطرحها التجارة الدولية، وما تفرضه السياسة العالمية في عالم المال والأعمال، فقد تفطنت الحكومة الجزائرية، وأظهرت نيتها في تغيير ما يجب تغييره لمواكبة التطورات الحاصلة على المستوى التجاري، وعليه نستطيع اعتبار هذا القبول من السلطة العليا لتنظيم مثل هذه المصارف، يمكن اعتباره انتصارا للمنظومة المصرفية الجزائرية.
ما رأيك في الخدمات التي يقدمها البنك العمومي اليوم؟ يقال في عالم المال صاحب رأس المال جبان، فهو حر يضع أمواله أينما وجد الثقة، والجهة التي توفر له خدامات توافق ميوله وتستجيب إلى طلبه، لكن للأسف نجد البنوك العمومية الجزائرية ما زالت غارقة في مستنقع البيروقراطية، التي تجاوزتها البنوك الأجنبية، التي انفتحت على العالم واستخدمت تكنولوجيا عالية المستوى لاستقطاب الزبائن لتسهيل عليه عملية التواصل ببنكه، وتوفره السرعة في التنفيذ واقتصاد في الوقت، فيكفي للزبون استخدام هاتفه النقال أو عن طريق تصفح بريده الإلكتروني ينجز معاملته بسرعة فائقة، فيما بقيت بنوكنا الوطنية رهينة الوسائل التقليدية في إنجاز معاملاتها، أما أن تقابل مدير المصرف يطلب منك انتظار أيام، صراحة جلب الزبون وكسب ثقته مرهون بحسن معاملتك له، وأتمنى من الدولة الجزائرية أن تولي الاهتمام للصيرفة الاسلامية لما لها أثر عظيم لاسترجاع الأموال التي هي خارج جدران البنك، وهنا لست أعيب البنوك التقليدية، لكن المطلوب منها تحسين خدماتها وجعلها في مواكبة عصرنا الراهن وبما يخدم الاقتصاد الوطني وتطويره. حاورته نصيرة سيد علي