الاعتقال الإداري هو اعتقال من دون تهمه أو محاكمة، ويعتمد على ما يُعرف ب "الملف السري"، وهناك من الفلسطينيين من جدد لهم الاعتقال الإداري لأكثر من مرة، وأمضوا سنوات طويلة رهن "الاعتقال الإداري"، دون معرفتهم أو اطلاعهم على سبب اعتقالهم. ويعتبر الاعتقال الإداري تدبيرا شديد القسوة، والوسيلة الأكثر تطرفاً، وإجراء شاذا واستثنائيا، ومع ذلك جعلت سلطات الاحتلال من "الاعتقال الإداري" سياسة ثابتة في تعاملها مع الفلسطينيين منذ العام 1967، ولجأت إليه كخيار سهل، وتوسعت في استخدامه بشكل كبير وجعلت منه عقاباً جماعيا بحق عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين مما يخالف قواعد القانون الدولي. وأصدرت سلطات الاحتلال خلال "انتفاضة القدس" (الأول من أكتوبر 2015- الأول من أفريل 2018) قرابة (3600) قرار بالاعتقال الإداري، ما بين قرار جديد وتجديد الاعتقال الإداري، منها (41%) قرارات جديدة والباقي (59%) قرارات تجديد، وقد شملت تلك القرارات الذكور والإناث، الصغار والكبار، وأن منها (1119) قرار صدر خلال العام 2017، فيما صدر منذ مطلع العام الجاري 2018 قرابة (250) قرارا بالاعتقال الإداري، ما بين قرار جديد وتجديد الاعتقال. إن هذا التوسع في استخدام الاعتقال الإداري دفع بالمعتقلين الإداريين إلى مقاطعة المحاكم العسكرية منذ الخامس عشر من فبراير الماضي، كخطوة نضالية للاحتجاج على استمرار هذا النوع من الاعتقال التعسفي، ورفضا للمحاكم الصورية والإجراءات الشكلية التي يقوم بها القضاء الإسرائيلي.
اعتقال (340) فلسطيني بسبب منشورات على "الفيسبوك" واصلت سلطات الاحتلال ملاحقتها للفلسطينيين بسبب آرائهم ونشاطهم على صفحات "الفيسبوك"، واعتقلت في هذا السياق قرابة (340) فلسطيني منذ اندلاع "انتفاضة القدس" في أكتوبر 2015، بتهمة التحريض على شبكات التواصل الاجتماعي ونشر صور شهداء أو أسرى، أو تسجيل الإعجاب لمنشورات الآخرين. إن غالبية أولئك المعتقلين كانوا من القدسالمحتلة، وأن لوائح اتهام وجهت لبعضهم وصدرت بحقهم أحكام مختلفة مقرونة بغرامات مالية، بتهمة التحريض، وأن آخرين تم تحويلهم إلى "الاعتقال الإداري" لبضعة شهور دون محاكمة. وفي مرات أخرى اشترطت على بعض المعتقلين وقبل إطلاق سراحهم الامتناع عن استخدام (الفيسبوك) لفترات هي تحددها. أن اعتقال الفلسطينيين بسبب منشورات ومشاركات عبر (الفيسبوك)، يُعتبر اعتقالا تعسفيا ومخالفا لكل القوانين والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي كفلت للإنسان حقه في حرية الرأي والتعبير، وأن كافة الإجراءات المتخذة بحق المعتقلين هي إجراءات ظالمة وغير عادلة. لقد أصبح "الفيسبوك" حاضرا في لوائح الاتهام، وأن الاعتبارات القانونية في المحكمة لا تطال فقط كتابة (البوست) أو نشر (الصورة)، بل أيضا مقدار ما يوضع عليه من تعليقات أو إعجابات، والتي ترد أعدادها في بنود لائحة الاتهام لتبرير الإدانة وفق منطق الاحتلال. يذكر أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي شكّلت وحدة خاصة في هيئة أركان الجيش الاسرائيلي، تُسمى (وحدة سايبر العربية)، لرصد ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعي، وما ينشر عليها.
(300) قرار بالحبس المنزلي وإبعاد العشرات من المقدسيين عن مكان سكناهم أصدرت المحاكم الإسرائيلية منذ أكتوبر 2015، نحو (300) قرار ب "الحبس المنزلي"، غالبيتها العظمى كانت بحق المقدسيين، ذكورا وإناثا، وأن هذه القرارات تعتبر بديلا عن السجن وتهدف إلى الإقامة المنزلية وتقييد حرية الأشخاص خاصة الأطفال. ويعني "الحبس المنزلي" مكوث الطفل فترات محددة داخل البيت وبتعهد أحد أفراد الأسرة، مما يحوّل البيوت إلى سجون، ويجعل من الآباء والأمهات سجانين ومراقبين على أبنائهم، ويدفعهم لمنعهم من الخروج من البيت حتى للعلاج أو الدراسة تنفيذا والتزاما بما أقرته المحكمة الإسرائيلية، هذا بالإضافة إلى فرض غرامات مالية باهظة!. ويُعتبر "الحبس المنزلي" إجراءً تعسفياً ولا أخلاقياً ومخالفةً لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما ويشكل عقوبة جماعية للأسرة بمجموع أفرادها التي تضطر لأن تَبقى في حالة استنفار دائم، حريصة على حماية ابنهم من خطر تبعات تجاوزه للشروط المفروضة. كما واستمرت سلطات الاحتلال في إبعاد العديد من أطفال القدس ونقلهم بشكل قسري من مناطق سكنهم إلى مناطق أخرى في تحدي جديد لأحكام القانون الدولي، الذي يحظر بشكل صريح الإبعاد والنقل القسري للسكان المحميين.
(27.7 %) من الأسرى مرضى بينهم عشرات ممن يعانون من إعاقات مختلفة مع نهاية شهر مارس 2018، كان عدد الأسرى المرضى قد وصل إلى (1800) أسير، يشكلون ما نسبته (27.7%) من مجموع الأسرى الذي بلغ عددهم (6500) أسير، وأن من بين الأسرى المرضى هناك قرابة (700) أسير بحاجة إلى تدخل علاجي عاجل، بينهم مصابون بالسرطان وعشرات الأسرى الذين يعانون من إعاقات مختلفة (جسدية ونفسية وذهنية وحسية)، وهؤلاء يعيشون ظروفاً مأساوية نتيجة شروط الاحتجاز الصعبة والإهمال الطبي المتعمد وعدم توفير الأدوات المساعدة للمعاقين، والاستهتار الإسرائيلي المتواصل بآلامهم وأوجاعهم، وعدم الاكتراث بمعاناتهم واحتياجاتهم، حيث تسعى إدارة السجون الإسرائيلية إلى إلحاق الأذى بصحة وحياة الأسرى والمعتقلين بشكل متعمد وفي إطار سياسة ممنهجة. وهذه الأرقام رغم ضخامتها فهي تشير إلى أولئك الأسرى الذين ظهرت عليهم الأمراض وأجريت لهم فحوصات، فيما التقديرات تشير إلى أن العدد أكثر من ذلك، ولربما يتضاعف فيما لو أجريت فحوصات شاملة على باقي الأسرى في ظل استمرار الظروف والعوامل المسببة التي أدت إلى ظهور الأمراض واستفحالها، حيث تكثر الأمراض الصعبة كأمراض السرطان والرئتين والقلب والكبد والكلى والمعدة والأمعاء والسكري، وأمراض العظام والمفاصل والروماتيزم والأمراض الجلدية والعيون والسنان والأمراض النفسية والعصبية، والتي من شأنها أن تشكل خطرا على المريض وعلى زملائه في الأسر، وتبقى آلامها ترافق الأسير طوال فترة سجنه، بل وتبقى تلازمه إلى ما بعد التحرر، وكانت سببا في وفاة المئات منهم. إن استشهاد مئات الأسرى داخل سجون الاحتلال نتيجة الأمراض أو بعد الإفراج عنهم بفترة زمنية بسيطة يعطي مؤشرًا خطيرًا يشير إلى الاحتلال جعل من السجن مكانا لزرع الأمراض وتوريثها للأسرى لما بعد التحرر، وتكون سببا في وفاتهم ببطء شديد.
الطفولة الفلسطينية في دائرة الاستهداف الإسرائيلي المتصاعد رصدت هيئة شؤون الأسرى تصاعدا خطيرا في استهداف الأطفال الفلسطينيين خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك في إطار سياسة إسرائيلية ممنهجة تستهدف الطفولة الفلسطينية، من حيث تضاعف أرقام الاعتقالات من جهة، وتزايد حجم الانتهاكات والجرائم المقترفة بحقهم والأحكام الجائرة الصادرة بحقهم والغرامات المالية المفروضة عليهم من جهة ثانية، حيث كان معدل الاعتقالات السنوية في صفوف الأطفال خلال العقد الماضي (2000-2010) نحو (700) حالة سنويا، فيما ارتفع منذ العام 2011 إلى 2017 ليصل إلى قرابة (1250) حالة اعتقال سنويا. وسُجل منذ أكتوبر 2015 وحتى الأول من أفريل 2018، قرابة (4700) حالة اعتقال لأطفال قصّر تتراوح أعمارهم ما بين 11-18 عاما. وخلال العام المنصرم 2017، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي (1467) طفلا، ذكوراً وإناثاً، ويشكلون ما نسبته (21.8%) من مجموع الاعتقالات خلال العام نفسه. فيما سُجل اعتقال (386) طفل منذ مطلع العام الجاري. أن كافة الوقائع والشهادات تؤكد على أن كافة الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال قد مُورس بحقهم شكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، وعُوملوا بقسوة وتم حرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية، وأن الاعترافات التي انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب شكل أدلة ادانة لإصدار الأحكام الجائرة بحقهم من قبل المحاكم العسكرية، وأن غالبية الأحكام التي صدرت بحقهم كانت مقرونة بغرامات مالية باهظة، وأن العشرات منهم قد صدر بحقهم حكماً بالحبس المنزلي، لاسيما بحق الأطفال المقدسيين.
اعتقال النساء والفتيات قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقريرها، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تميز يوما فيما بين الفلسطينيين، ذكورا كانوا أم إناثا، كما لم تستثنِ الأمهات والقاصرات من اعتقالاتها، وأن الأشكال والأساليب التي تتبعها عند اعتقال الرجال، لا تختلف في طبيعتها وتوقيتها، عن اعتقال المرأة الفلسطينية، والتي غالبا ما تُعتقل من البيت وبعد منتصف الليل، وتتعرض للضرب والإهانة والمعاملة القاسية وهي في طريقها للسجن، ومن ثم تتعرض في مراكز التوقيف والاحتجاز إلى صنوف مختلفة من التعذيب الجسدي و النفسي، وكثير منهن يتعرضن للعزل الانفرادي، في زنازين انفرادية. وقد اعتقلت سلطات الاحتلال منذ العام 1967 أكثر من (16) ألف فلسطينية، بينهن (1700) منذ عام 2000، فيما سُجل اعتقال (460) امرأة وفتاة منذ أكتوبر 2015، ومن بينهن (156) اعتقلن خلال العام المنصرم 2017، فيما ما تزال في سجون الاحتلال (62) أسيرة موزعات على سجني هشارون والدامون، بينهن (8) قاصرات تقل أعمارهن عن ال18، ولعل أبرزهن الطفله القاصرة "عهد التميمي" 17 عاما، و(21) أم، هذا بالإضافة إلى وجود (9) أسيرات جريحات، وهن: لما البكري، عبلة العدم، شروق دويات، جيهان حشيمة، أمل طقاطقة، مرح باكير، نورهان عواد، إسراء جعابيص، حلوة حمامرة. ويحتجزن الأسيرات في ظروف قاسية ويتعرضن للإهانة والإيذاء المتعمد والإهمال الطبي والمعاملة اللاإنسانية، ولعل الأسيرة "إسراء الجعابيص" خير نموذج لذلك..
التشريعات والقوانين المعادية لحقوق الأسرى والمعتقلين شهد عام 2017 ومطلع العام 2018 تصعيدا وتغولا من خلال الاستمرار في تشريع القوانين العنصرية والتعسفية والانتقامية من قبل حكومة إسرائيل الداعمة للاحتلال والاستيطان والمعادية لحقوق الأسرى ولمبادىء حقوق الإنسان. وقد طرحت العديد من القوانين ونوقشت في الأطر السياسية والأمنية والتشريعية وأقر بعضها من قبل لجنة التشريع، وأقر الكنيست الإسرائيلي بعض تلك المشاريع بالقراءة التمهيدية، ولعل أبرز تلك القوانين هي: – مشروع قانون إعدام الاسرى. – مشروع قانون خصم مخصصات الشهداء والأسرى من مستحقات السلطة الفلسطينية. – مشروع قانون منع زيارات أسرى منظمات فلسطينية تحتجز إسرائيليين. – مشروع قانون يسمح باحتجاز جثامين الشهداء. – مشروع قانون يقضي بحظر الإفراج عن الأسرى، مقابل جثث الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى فصائل المقاومة.
المطالبة بالحماية الدولية وفي ختام تقريرها وجهت هيئة شؤون الأسرى والمحررين خالص تحياتها إلى كافة الأسرى والأسيرات في كافة سجون ومعتقلات الاحتلال، كما وجهت التحية إلى أسرهم وعائلاتهم، وإلى كافة المخلصين والداعمين للأسرى، وأكدت الهيئة على أنها ستستمر في توظيف كافة إمكانياتها وطاقاتها لخدمة قضيتهم، وستواصل بذل جهودها على كافة الصعد والمستويات، المحلية والإقليمية والدولية، دفاعا عن حقوقهم ودعما لمطالبهم العادلة، واسنادا لخطواتهم المشروعة. كما وستواصل خطواتها وجهودها الحثيثة لتدويل القضية وحشد الرأي العام العربي والدولي وفضح الإجراءات التعسفية والممارسات الإسرائيلية بحق الأسرى والأسيرات أمام المحافل واللجان والمؤسسات الدولية وعبر وسائل الإعلام والمنابر المختلفة، ودعت هيئة شؤون الأسرى جماهير شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات، بالوقوف بجانب الأسرى والمشاركة الفاعلة في فعاليات إحياء يوم الأسير الفلسطيني، كما وتدعو كافة الأشقاء العرب والأصدقاء والأحرار في العالم أجمع بالتحرك لنصرة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي والوقوف بجانبهم في مواجهة المحتل وممارساته التعسفية، وتوفير الحماية الدولية للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال والزام إسرائيل باحترام قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بالتعامل مع المعتقلين، والتأكيد على حقوق الأسرى باعتبارهم مناضلين من أجل الحرية، وأن الأمن والسلام العادل في المنطقة لا يمكن أن يتحقق في ظل استمرار الاعتقالات واحتجاز آلاف الأسرى والأسيرات في السجون الإسرائيلية. وطالبت المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة بضرورة تفعيل أدوات المساءلة والمحاسبة تجاه مقترفي الانتهاكات وفاءً لالتزاماته القانونية والأخلاقية تجاه سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولعل غياب المحاسبة يعتبر من العوامل الأساسية التي تشجع دولة الاحتلال على التمادي في جرائمها. الحلقة الرابعة والأخيرة