من أكثر الأشياء التي تدهش الإنسان في رمضان، وهو سماع الكم الهائل من الأخبار عن جرائم القتل، والشجارات العنيفة، والتحرشات البائسة بإسم رمضان، أو بإسم الشعار التقليدي لرمضان "راني صايم "والمشكل الأكبر أنها تحدث بسبب الصوم على الجوع والعطش، وليس على الغفران والتقرب من الله، فحينما يصوم الفرد صوما تقليديا يمتنع عن الجوع والعطش ولا يمتنع عن الانحراف الأخلاقي في رمضان، فينتج لنا أقلية تخجل فقط من انتهاك حرمة رمضان، لكنها تقوم بانتهاكه بطريقة أخرى غريبة، من يراها يعتقد أن هؤلاء الناس بعيدون كل البعد عن المساجد وأنهم ليسوا مسلمين، فهناك من ينزل إلى الأسواق للسرقة، وهناك من ينشب شجارات بدون مبرر في الأحياء، وهناك من يتحرش بالبنات في عز رمضان وكل هذه الأمور ناتجة عن البيئة الأسرية والمحيط الفاسد، هل علينا لوم هذا الإنسان؟ أم علينا لوم أنفسنا أننا نأكل ونشرب ونبحث عن الأهم لأولادنا وممكن جيراننا بدون أكل، فَقَدْ قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسّلام: "ما ءامَنَ بِي مَنْ باتَ شَبْعانَ وَجارُهُ جائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِه". عدم التوعية، والمراهقة المتأخرة، والبعد عن الدين عجلت في ظهور بعض الأفراد يظنون أن التحرش بالبنات وفي شهر رمضان مثله مثل الأيام الأخرى من السنة، مع أنه حرام شرعا وواقعيا، ويجعل الإنسان مصنفا في رتبة الحيوانات، رغم أن الله أعطه عقلا وفضله عن المخلوقات كلها، كما أن الجريمة التي تحدث في رمضان ويكون سببها بسيطا لدرجة غير معقولة تقشعر لها الأبدان، وتتأسف القلوب من أجلها، والمصيبة أن رمضان السنة الماضية ارتفع فيه معدل الجريمة بكل معاييرها، فهل نحتاج إلى توعية الناس؟ أم أن دور الأئمة وأصحاب الدين لم يعد يجدي نفعا ؟ أو نحتاج إلى ترسيخ ثقافة حديثة تسهل على الفرد أن يستوعب دوره في الحياة بأكمل وجه، طالما ندخل رمضان ولا يهمنا سواء الأسعار وليلة الشك، بدون تفقد الطبقة التحتية للمجتمع كله، سنسجل كل سنة تزايدا في معدل الجريمة والتحرش والسرقة والشجارات العنيفة في رمضان.