تحت شمس حارقة يتراءى لك في كل الطرق البلدية والولائية تقريبا بالجلفة، أفرادا يرعون الغنم والمواشي، في ظروف عادية، وكأنهم في شهر آخر غير شهر رمضان، حيث الكسل وحيث عبارة ”راني صايم” على كل الأفواه، هم يصومون مثلنا ويفطرون في نفس توقيتنا، لكن الفرق بيننا وبينهم أنهم يقضون يومهم في العراء. يومهم يبدأ مع خيوط الشمس الأولى وينتهي مع خيوطها الأخيرة، لا عطش ولا جوع يعرفون، إنهم لا يتعبون في رمضان عكس بقية خلق المدينة· رعاة المواشي، تلك الفئة التي لا تعرف النوم إلا قليلا، تراها في كل الأوقات، تطارد مواطن الكلأ من موطن إلى آخر، تغير مواقع بحثها عن الكلأ من موقع إلى آخر، المهم أن يجد ضالته ولو على حساب جوعه وتعبه وعطشه، رمضان بالنسبة لهم مثل بقية الشهور فهو لا يكتسي أي طابع خاص فخروجهم ومواشيهم إلى البادية يكون بنفس التوقيت مثل بقية الشهور· ويتحدث أحد رعاة المواشي، على أن يومه يبدأ من الساعة الخامسة والنصف صباحا وينتهي قبيل أذان المغرب، وخلاله لا يعرف النوم ولا التعب ولا الجوع ولا العطش، ينتقل من جهة إلى أخرى وينتقل حتى بين جانبي بعض الطرق السريعة· يبحث عن الكلأ لمواشيه، والمهم أن يعيدها مع كل مساء ”شبعانة” ولا يهم أن يعود هو جوعان أو تعبان، مؤكدا أن رمضان هذا العام، كانت بدايته ”سخونة”، لكن نزول المطر مع كل مساء، يعيد له انتعاشه وحيويته، ويجعله ينسى تعب النهار وأوجاعه ومسافة تنقله التي قد تتجاوز 25 كلم يوميا مشيا على الأقدام، مع العلم أن بعضا من رعاة المواشي، يتزودون مع كل خروج بحبات تمر يحملونها معهم، مخافة أن يسبقهم أذان المغرب. ليعمدوا إلى ”تكسير” الصيام بتلك الحبات في انتظار عودتهم إلى الديار· والثابت في صيام رعاة المواشي أن شهر رمضان يبقى شهرا عاديا لا اسثناء فيه، لا يعرفون فيه العطش ولا الجوع، لأنهم طول العالم مطاردين لمواطن الكلأ وعطش رمضان وجوعه يكون بنفس عطش وجوع بقية الشهور الأخرى·