يقول الأمين العام للتنسيقية الوطنية لأساتذة العلوم الإسلامية، بوجمعة شيهوب، إن الدفاع عن مواد الهوية الوطنية التي يراد لها أن تهمش ويستغنى عنها تدريجيا في التعليم لتغريب المجتمع الجزائري خدمة لأغراض معينة، ليس من واجب أساتذة العلوم الإسلامية فحسب بل على جميع أطياف المجتمع الجزائري أن تتحرك وتقف سدا منيعا في وجه حملات التشويه والتقزيم التي تتعرض لها مواد التاريخ واللغة العربية والتربية الإسلامية في جمع المراحل التعليمية وفق خطة محكمة تسعى بن غبريت ومحيطها لتجسيدها بكل الطرق الممكنة. في هذا الحوار يتحدث بوجمعة شيهوب عن مشروع بن غبريت التغريبي الرامي إلى إلغاء امتحان التربية الإسلامية من شهادة البكالوريا تمهيدا لإلغائها كليا من المدرسة.
* حملت المناهج الدراسية للجيل الثاني الكثير من محاولات إقصاء مواد الهوية الوطنية، ورغم الانتقادات الشديدة، إلا أن خطط تغريب المدرسة الجزائرية لا تزال مستمرة انطلاقا من إصلاح بن زاغو إلى نورية بن غبريت هل تعتقدون أن مجابهة هذا التيار أمر ممكن في ظل الخطط التي تحاك في السر والعلن على السواء ؟ – مع الأسف الهجمات على مواد الهوية الوطنية كانت موجودة حتى قبل مجيء بن غبريت لكنها لم تكن بهذا الشكل الواضح والمركز جدا، والمتتبع لبداية الهجمات ينطلق من تقرير بن زاغو الذي أراد أن يهمش مواد الهوية الوطنية ويضعها في الزاوية، وفق التيار اللائكي الذي يرغب في إبعاد الدين عن المدرسة وهي أهداف فرنسية سعت إلى تطبيقها في الجزائر منذ الحقبة الاستعمارية، بعد تحجيم دور المسجد. وبعد خطوة تحجيم المسجد جاء دور المدرسة التي عملوا جاهدين على تهميشها، مركزين على الادعاءات التي تقول إنها أفرزت الإرهاب، رغم أن التقارير العالمية برأت المدرسة من هذه التهمة التي أرادوا التسويق لها، والعمل فيما بعد على تجريدها من القيم الإسلامية.
* هل تعتقد أن من عملوا على محاولة تغريب المدرسة الجزائرية وجدوا الأرضية خصبة وخططوا لذلك طويلا في ظل صمت المثقفين والمجتمع ؟ – بداية العمل على تغريب المدرسة الجزائرية انطلق مع إصلاحات بن زاغو والتي كانت بن غبريت نائبته في البداية لم يستطع بن زاغو وفريقه تغيير القانون التوجيهي وهو المرجعية الأولى للتربية الوطنية بعد الدستور معناه جميع المناهج التي تدرس يجب أن تخضع للقانون التوجيهي الذي صادق عليه البرلمان، هذا القانون كان في صالح الشريعة الإسلامية، إلا أن التيار التغريبي عمل على وضع قانون مواز سماه المرجعية العامة، للتحايل على القانون التوجيهي وأريد أن أوضح أن العمل على تمرير خطط لتقزيم مواد الهوية الوطنية في المدرسة الجزائرية، كانت موجودة أيضا في وقت وزير التربية أبوبكر بن بوزيد،الذي لم يكن صاحب مشروع تغريبي ولم يكن يهمه تطبيق هذا التقرير بشكل دقيق، أما بن غبريت فهي تاريخيا معروفة بتوجهاتها القائمة على سلخ المدرسة الجزائرية منذ أن كانت على رأس معهد "الكراسك"، مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية المعروف بتوجهاته وميولاته لفرنسا وهدفه دراسة تطور المجتمع الجزائري من حيث الجانب الانثربولوجي ومتابعته متابعة دقيقة ونحن نعلم الآن ولدينا معلومات أن كل تقارير معهد "الكراسك" تذهب إلى فرنسا قبل أن تسلم إلى الجزائر، وتصب أهدافه كلها في خدمة فرنسا ومتابعة لأعمالها الاستعمارية. المتتبع للأحداث يرى أن بن غبريت لا تدخر جهدا في تنفيذ إصلاحات بن زاغو، وأذكر في هذا السياق أن بن غبريت عملت دراسة خلال تواجدها في المعهد خلصت فيها إلى وجوب إبعاد الدين عن المدرسة، هذه الدراسة لا تزال منشورة في إحدى المجلات الفرنسية المتخصصة وهي بتواجدها على مستوى وزارة التربية الوطنية تعمل على تنفيذ قناعاتها.
* وزيرة التربية نفت في أكثر من مناسبة الاتهامات الموجهة لها بمحاولة تغريب المدرسة، هل تملكون دليلا على تورطها في ذلك ؟ – بن غبريت حاليا تعمل على تنفيذ مشروع تنسبه لليونيسكو، هذا المشروع يحارب خصوصيات المجتمع الجزائري تحت مسمى تكريس القيم الإنسانية ونحن لسنا ضد هذه القيم بشرط أن تحترم خصوصية الفرد الجزائري التي تتلاءم مع القيم الإسلامية والوطنية وتراعي خصوصيات المجتمع الجزائري ومنها وترويجها لليوم العالمي للتعايش بسلام وقد عملت على ربط 300 مدرسة جزائرية باليونسيكو، فإذا حدث وأن غادرت بن غبريت الوزارة تبقى متابعة للمدارس بصفتها ممثلة لليونيسكو في الجزائر وهذا خطير جدا، والجميع يلتزم الصمت خاصة وأن الجميع يعرف أن المنظمة تحت النفوذ الفرنسي والدليل أن الخبراء التابعين لها الذين كونوا المفتشين المركزين هم فرنسيون جاؤوا باسم اليونيسكو وباسمها يفرضون الإيديولوجية الفرنسية في الجزائر .
* بالحديث عن مادة العلوم الإسلامية، تطرقتم في الآونة الأخيرة لعديد من المواضيع والقرارات التي تتعلق بها بدءا بتقليص الحجم الساعي مرورا بحذف بعض الدروس أو حذف المادة ككل من المراحل التعليمية هل يمكنكم تقديم توضيح حول ذلك ؟ – نددت التنسيقية الوطنية لأساتذة العلوم الإسلامية في أكثر من مناسبة بخطط وزيرة التربية والتي تهدف أساسا إلى إسقاط مادة التربية الاسلامية، وتقليص معاملها وحجمها الساعي في خطوة لتقليل قيمتها وتهوينها لدى التلاميذ، حتى يتنسى لها تنفيذ مشروعها الموضوع على الطاولة وأشير هنا إلى أن بن غبريت تنتظر فقط الوقت المناسب لطرحه على الحكومة من أجل الموافقة عليه.
* ماهي الخطورة التي يحملها مشروع بن غبريت على مواد الهوية الوطنية ؟ – يتركز مشروع بن غبريت القادم على إلغاء مادة العلوم الإسلامية من امتحانات شهادة البكالوريا بصفة نهائية، بعد أن سجلت فشلا في تمرير هذا المشروع في المرة السابقة، بسبب وقوفنا وجها لوجه أمام مخططها وقد قمنا بإيصال الأمر إلى الحكومة ورئاسة الجمهورية التي رفضت إلغاء مادة العلوم الإسلامية من امتحانات شهادة البكالوريا في ذلك الوقت، لكن الملاحظ أن بن غبريت لا تتوقف عن المحاولة والمراوغة كلما سنحت لها الفرصة وقد اختارت هذه المرة تمرير نفس المشروع السابق بصيغة أخرى باقتراحها تقليص امتحان البكالوريا إلى يومين ونصف فقط، وهو ما سيمكنها من حذف مادة العلوم الإسلامية من جميع الشعب وحذف التاريخ واللغة العربية من شعبة العلوم، حيث اعتبرتهم الوزيرة موادا ثانوية وبالتالي إلغاء تدريسها من السنة الثالثة ثانوي في خطوة أولى لإلغائها نهائيا من التعليم النظامي خاصة مادة العلوم الإسلامية التي تعرضت لحذف عدد كبير من الدروس في هدوء تام دون أن تثير انتباه المجتمع، ومن بين الدروس المحذوفة نذكر، درس تحريم الخمر وتحريم الزنا والجهاد هذا الدرس الأخير أثبت دون نقاش ولا جدال ردة أخلاقية لا مبرر لها سوى السير في فلك وأهواء حركات معينة حاقدة على الإسلام والمسلمين تقدم خدمة جليلة لمن يريدون صناعة دين جديد بديل عن الإسلام الوسطي الحقيقي . ونحن اليوم كأساتذة لمادة العلوم الإسلامية نطالب بتدريسها ساعتين في الأسبوع بدل ساعة فقط، وهو وقت غير كاف للتشبع بهذه المادة والقيم التي تحملها كما نطالب بإسنادها لأساتذة متخصصين بدل إسنادها لأساتذة الفلسفة كما حدث في العديد من الولايات وتسبب في أخطاء كارثية بسبب عدم إلمام الأستاذ بأبسط أحكام الشريعة الإسلامية، وأعتقد أن منح مادة التربية الإسلامية لأساتذة الفلسفة واللغة العربية مقصود لمسايرة أهداف الوزيرة بن غبريت وخدمة أهداف خارجية مشبوهة. حاورته: سهام حواس يتبع