عقدت مؤخرا فعاليات حملة أبوظبي الوطنية للترابط الاجتماعي 2009 تحت رعاية سمو الشيخة لطيفة بنت زايد آل نهيان، والتي ينظمها مركز التواصل للاستشارات الأسرية تحت شعار ''نبني أسرة....نبني وطن''، وتضمنت فعاليات مؤتمر الإرشاد الأسري على مسرح بلدية أبوظبي وحضره نخبة من المختصين والاستشاريين العرب لمناقشة العديد من أوراق العمل الخاصة بموضوع الأسرة والحياة الزوجية في جميع جوانبها مثل الوعي الديني، الثقافة والصحية، والصحة النفسية. حضر المؤتمر الدكتور سعيد الحساني مدير إدارة وزارة التعليم العالي، والعديد من ممثلي الجهات الراعية للحملة وعدد كبير من الجمهور وطلاب المراحل التعليمية المختلفة. استهل مناقشات مؤتمر الإرشاد، الشيخ طالب الشحي، الداعية الإسلامي، والذي أكد على أن نهج الدين الإسلامي ونهج الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هما أساس تكوين الأسرة والقرآن الكريم يزخر بالعديد من الآيات القرآنية الدالة على التأمل في روعة بناء الأسرة الصالحة لتكوين مجتمع متماسك، وتشير الآيات أيضاً إلى أن العلاقات الأسرية الكاملة تظهر لنا قدر ومكانة الأسرة في الكون. وأضاف الشحي، أن الدين الإسلامي يمتلك حقوق وشرائع مفصلة تجاه أمور الزواج والطلاق والرعاية، كما اعتنى بالجانب الديني في الأسرة وذلك من خلال تحميل المسؤولية على الأب والأم تجاه أبنائهما وعلى الزوج والزوجة تجاه أمورهما الحياتية وأمر بالعناية الكاملة بالأبناء من خلال أمور عديدة منها ترغيب الابن في الزواج، مشيراً إلى قاعدة فقه الخلاف في تعامل الأزواج مع بعضهما وتجاه الأبناء. وتناول الدكتور علي شراب، أستاذ علم النفس والعلاقات الإنسانية، في دراسة بعنوان أثر العولمة على الاستقرار الأسري الجوانب النفسية والمجتمعية في بناء كيان الأسرة وبالتالي كيان المجتمع وشدد على ضرورة التطلع إلى وجود هدف أو رؤية تجاه ما يصبو إليه الإنسان في أموره اليومية خاصة وأن الحضارة الإنسانية تقوم على إعمار الأرض والأخيرة لا تتم دون وجود أسرة صالحة، وقال: إن أكثر من 90 من المتزوجين يؤكدون على أن المقصد الأساسي من الزواج يدور حول تكوين أسرة والزيادة في النسل، دون وجود هدف مستقبلي لدى الأزواج، كما يجب أن يكون اتباع منهج الرسول الكريم في الزواج ليس لمجرد الاتباع وإنما لوجود غاية تكمن وراء الترابط الأسري. وأشار الدكتور علي شراب، إلى وجود معادلة تنتج عن تكوين أسرة صالحة وهي الاستقرار والتوازن النفسي، وهو أمر يزيد من الإنتاج والفعالية وبدوره تتحقق رسالة الإنسان في الحياة، كما أجاب في مناقشته، على العديد من الاستفسارات الخاصة بالمعوقات التي تواجه الإنسان والأسرة. وتطرق الدكتور علي محمد البلوشي، مدير مركز الدعم الاجتماعي بوزارة الداخلية، إلى إيمان وزارة الداخلية بمبادرة الحفاظ على كيان الأسرة، وقال: قام سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية، بإنشاء مركز الدعم الاجتماعي بالوزارة في فبراير 2004 في مدينة العين، وفي عام 2005 قامت الوزارة بإنشاء مركز آخر في مدينة أبوظبي وتحويله إلى مركز مستقل، ويتكون هيكله التنظيمي من قسم الأسرة ويهدف إلى التعامل مع الخلافات الأسرية والمرتبطة بالعنف الأسري والتعامل مع الحالات التي تحال للمركز من أقسام الشرطة، كما يهدف قسم الأسرة أيضاً إلى تقديم الدعم النفسي والمعنوي لضحاياه وإعداد البرامج الخاصة بالتوعية في القضايا ذات الصلة بالعنف المنزلي. وأضاف البلوشي، يوجد بالمركز قسم خاص بالأطفال والشباب يقوم على وضع الإجراءات الخاصة بتفعيل دور المؤسسات الاجتماعية والتربوية وتشخيص حالات العنف المدرسي، كما يوجد أيضاً قسم شؤون المجتمع ويهتم بتقديم الاستشارات النفسية وإعداد البرامج الخاصة بنشر ثقافة التوعية الأمنية. وتناولت هيا الحمادي مدير مؤسسة زايد العليا للرعاية والتأهيل، في محاضرتها والتي تحمل عنوان الإعاقة وأثرها على العلاقة الزوجية، المراحل التي تمر بها الأسرة تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، وقالت: هناك خمس مراحل يمر بها الآباء تجاه الابن المعاق أولها مرحلة الصدمة والتي يقوم فيها الطبيب بإبلاغ الأسرة عبر كلمات ايجابية عن وجود إعاقة أو جانب ضعف عند الطفل، ومنها تدخل الأسرة المرحلة التالية وهي مرحلة النكران لهذا الخبر وقد يتمثل ذلك في عدة طرق منها إيداع الطفل المعوق في مراكز الإيواء أو ذهاب الأسرة لتشخيص آخر للحالة. وأضافت هيا الحمادي، المرحلة الثالثة هنا تتمثل في مرحلة الألم النفسي والتي تلجأ فيها الأسرة إلى حالة العزلة، وتتبعها مرحلة البحث عن البدائل من الخارج وهي مرحلة الإرشاد الأسري، والتي تتبعها مرحلة احتواء الأزمة والتي تقوم عليها مراكز التأهيل. وأشارت مدير المؤسسة إلى وجود إحصائية صادرة عن دولة الإمارات عامي 2003-2004 تؤكد بلوغ عدد المعاقين في الدولة 6000 معاق وتبلغ نسبة الإعاقة العقلية فيهم 3 أما نسبة الإعاقة السمعية فتبلغ .13 وانتقد الدكتور طارق الحبيب أستاذ الطب النفسي والعلاقات الأسرية، مراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في دول الخليج وقال: أن الإعاقة قامت بتدمير الأسوياء بل إن برامج تدريب المعاقين وتأهيلهم في أغلب دول الخليج مازالت معاقة وتحتاج إلى تأهيل ووصفها بالحاضنات، مطالباً بضرورة تدريب وتأهيل من يقومون على رعاية المعاقين خاصة وأن المريض لا يلمس درجة المشاعر تجاهه بالنسبة الكافية. وألقى الحبيب باللوم على المرأة التي قامت بالأعمال المنزلية وتناست دورها في رعاية الأبناء رغم جدارة المرأة وأحقيتها بقيادة الأسرة من خلال احتواء عنفوان الرجل، مستنداً إلى العديد من الأحاديث النبوية. وتهدف الحملة إلى تعزيز الترابط الأسري والحد من حالات الطلاق، وتثقيف الأزواج والزوجات لمواجهة التحديات المؤثرة على الاستقرار الأسري، وتزويدهم بمهارات حل الخلافات الزوجية، وإرشادهم إلى التوجه إلى أصحاب الاختصاص والخبرة في حل مشكلاتهم الأسرية، وذلك عبر نشر البرامج التوعوية والثقافية والاجتماعية والأسرية لجميع فئات.