في أجواء احتفالية بهيجة تسودها روح الأخوة والتضامن، واصلت عشية أول أمس، القرى التابعة لبلدية إيليلتن، بولاية تيزي وزو، زوبقة، آث عتسو وآث عدالي، إحياء وعدة "أزرو نطهور" التي انطلقت منذ 3 أوت من الشهر الجاري، وقد استقبل كل أهل قرية الزوار، منذ صبيحة نهار يوم الجمعة، كما جرت عليه العادة في السنوات الماضية. وعرفت التظاهرة توافدا كبيرا للزوار والسياح الذين قصدوا المكان من أجل اكتشاف الموقع الجبلي الذي يقع على ارتفاع 1883 مترا عن سطح البحر، كما كانت مراسيم الاحتفال فرصة كبيرة لهم من أجل تذوق طبق الكسكسي باللحم في جو تضامني وأخوي. جرت العادة عند الاحتفال ب"اسنسي بزرو نطهور"، اختيار الجمعة الأولى من شهر أوت للاحتفال، حيث افتتحت وعدة "أزرو نطهور" بقرية زوبقة يوم 3 أوت، ليعود الدور على قرية "آث عتسو" يوم الجمعة 10 أوت، لتختتم قرية "آث عدالي" الاحتفالات يوم الجمعة، الموافق ل17 أوت. والمعروف أن هذه العادة القديمة التي اعتاد سكان منطقة ايليلتن تنظيمها تحمل بعدين سياحي والآخر ثقافي وديني، فالجانب السياحي يتم من خلال تمكين الزوار والضيوف من خارج الولاية من اكتشاف مواقع سياحية ومناظر طبيعية خلابة وجميلة، مما يسمح بتشجيع السياحة، في حين يسعى السكان عبر هذه العادة، إلى إحياء مناسبات وتظاهرات وعادات قديمة موروثة تزيد من أواصر التعاون والمحبة والتسامح بين سكان القرى. وتعرف عادة إحياء "أزرو نطهور" استمرار الاحتفال بهذه العادة، وفقا لبرنامج تضعه لجان القرى المختارة لتولي التحضيرات، وإعداد الوعدة التي تكون مفتوحة للجميع، حيث يتم أياما قبل ذلك اقتناء الأضاحي والمستلزمات التي يعتمد عليها لتحضير "الوعدة"، حتى تكون القرى الثلاث في الموعد لتحضير الوعدة بالتناوب، حيث يقصد هذا الجبل الذي يتوسط قرى إيليلتن عددا هائلا من السياح والمواطنين الذين يأتون من مختلف قرى الولاية لتقديم الأضحية، كطريقة لشكر الخالق سبحانه وتعالى على نعمه مع الدعاء وطلب تحقيقا أماني الجميع، خاصة أن السكان يعتبرون منذ قرون أن الدعوة من فوق الجبل مستجابة. يكتشف زوار وضيوف هذه القمة الجبلية، مدى رسوخ عادة صعود الناس على صخرة "أزرو نطهور"، أي صخرة الظهر التي يبلغ ارتفاعها 1883م عن سطح البحر لبلوغ القمة، حيث يوجد مقام صغير لولي صالح الذي شيّده سكان المنطقة بعد موته، تكريما وتخليدا لشخصيته وذكراه التي عمل السكان على حفظها، خاصة أنه كان رجلا حكيما لا يبخل بمد يد المساعد لكل من قصده في أية مشكلة أو أمر عسير. تعود الاحتفالات ب"أزرو نطهور"، إلى قصص وحكايات كثيرة، حيث منها من أرجعها إلى أن وليا صالحا كان يقطن الصخرة، وقد دفن بها تكريما له، كونه كان طيلة حياته يخدم الدين ويساعد الأشخاص ويحل مشاكلهم ونزاعاتهم بطريقة سلمية، وآخرون يشيرون إلى أنه خلال زمن مضى، بينما كانت النساء فوق الصخرة تحضرن طبق الكسكسي، سقط الصحن وبه الكسكسي من على ارتفاع 1883 مترا، حيث لم ينكسر ولم يفرغ محواه من الكسكسي، الأمر الذي اعتبروه إشارة تدل على وجود كرامة بذلك المكان، ليقرر السكان الاحتفال بهذا المكان على أن له شأن وقوة، كما تم منذ ذلك الحين تنظيم وعدات موازاة مع حلول شهر أوت، الذي يسبق موسم بداية الحرث والزرع، وفقا للرزنامة الأمازيغية. مهما اختلفت القصص والأساطير، إلا أن السكان أجمعوا على أهمية هذه الوعدة في فض النزاعات والخلافات بين السكان، وتوطيد أواصر التعاون والمحبة من جهة، ومن جهة أخرى، إطعام الفقراء والمساكين وعابري السبيل والفرحة التي تخلفها هذه العادة القديمة التي بقيت راسخة في عقول وأذهان سكان المنطقة، وحتى الزائر تبقى له ذكرى جملية ويحمل أحلاما كلها تفاؤل بالخير والنجاح في الحياة المستقبلية. أغيلاس. ت