روبورتاج: سناء بلال قلة العناية الصحية والتكفل الحقيقي بالمرضى وكذلك نقص الأدوية وطول الطوابير أمام أجهزة التشخيص، البيروقراطية أصبحت هاجسا يؤرق المرضى لأن قطاع الصحة في بلادنا مريض وأصبح كارثيا في السنوات الأخيرة، وقاصدي المؤسسات الاستشفائية لم يلمسوا أي أثر يرفع من مستوى الخدمات الصحية، وضع للأسف تتحكم فيه البيروقراطية واللامسؤولية، هذا الحال بمعظم مستشفيات الولاية، فهي بحاجة إلى عملية جراحية دقيقة وعاجلة لإنهاء حالة الخلل والتراجع الكبير في الخدمات الصحية والطبية كبيرة. أول ما يلفت انتباهك وأنت في مصالح الاستعجالات أنها لا تحمل أي صفة للاستعجال، فانتظار المريض الذي يحمله أهله على جناح السرعة إلى هذه الأقسام قد يدوم لساعات طويلة قبل أن يفهم الأطباء علته، وقد تتقاذفه المصالح فيما بينها بعد ذلك للتخلص من الضغط الذي تعاني منه مصلحة الاستعجالات ليلا، كما وقد تشخص حالته الطبية خطأ من فرط الضغط وقلة الأخصائيين وكثرة المرضى الوافدين ليلا، بعضهم من المسنين الطاعنين الذين لا يسعهم الوقوف ولا حتى الجلوس، والبعض الآخر من الرضع الذين يوجهون مباشرة إلى مصلحة الأمراض التنفسية أو القلب بعد معاينتهم. هذا هو حال المرضى في ولاية المدية، حينما يقعون في مخالب المؤسسات الصحية، على غرار جراحة التوليد وأمراض النساء، فمشاكل القطاع في حاجة ماسة إلى التكفل بها من كل الجوانب، سواء من حيث التسير والتأطير الطبي والعلاجي، وكذا في مجال نقص الوسائل الطبية، مما يؤدي إلى توجيه المرضى إلى العيادات الخاصة لإجراء الكشوف الطبية والإشعاعية وحتى التحاليل التي تجري على الدم وغيرها، وكأن وظيفة المؤسسات الاستشفاىية هي فقط استقبال المرضى، لذا تتلخص مطالب المواطن والمريض في مطالبة السلطات العليا في البلاد التدخل لإصلاح هذا القطاع وإعادة الاعتبار للخريطة الصحية بالجزائر، وهذا من أجل تقديم خدمات صحية جيدة للمواطنين، والتي تتوافق ومطالبهم الصحية، وتحسين الخدمة العمومية للصحة من حيث الأمن والآمان والتكفل الحقيقي بالمرضى. مستشفى “محمد بوضياف” .. رئة الصحة بالولاية قطاع الصحة في ولاية المدية يعد من أهم القطاعات التي تهم المواطن نظرا لخصوصيته وأهميته في الحياة اليومية للمواطن، وولاية المدية كغيرها من ولايات الوطن يكثر الحديث فيها عن هذا القطاع بشكل كبير، فمستشفى “محمد بوضياف” بعاصمة الولاية هو القلب النابض للصحة بالمدية، حيث يعد من أهم الهياكل الصحية في الولاية، وحتى بالنسبة للولايات المجاورة نظرا لما يتوفر عليه من مصالح وتجهيزات حديثة وطاقم طبي كفء، وهذا ما تفتقر إليه جل الهياكل الصحية الأخرى الموجودة عبر تراب الولاية. والزائر لمستشفى محمد بوضياف بالمدية، يتخيل له أن المرضى أكثر عددا من الأصحاء، فلا توجد أماكن شاغرة بأي مصلحة به، وأصحاب المآزر بألوانها يجوبون أروقة المستشفى ذهابا وإيابا. ومن بين أهم المصالح التي تعرف إقبالا واسعا من قبل المرضى من داخل وخارج الولاية، هي مصلحة طب العظام التي تستقبل يوميا، حالات عديدة للضحايا في حوادث مختلفة، ويعدّ مستشفى “محمد بوضياف” رئة الصحة بالولاية. مستشفى بنى سليمان القلب النابض في الناحية الشرقية للولاية هو قبلة لسكان الناحية الشرقية للولاية، وأحد أهم الأقطاب الصحية، حيث أن كل المصالح فيه تشتغل بقوة في خدمة المريض، فحشود من المرضى يوميا تصول وتجول داخل أروقة المستشفى. وبشهادة الكثير من المرضى، فإن الأطباء والممرضين يعملون وفق ضميرهم، والأكثرية منهم يتكفلون ويساعدون ويخففون عن المرضى، ولكن الضغط الكبير الذي يشهده المستشفى زاد من معاناة الأطباء والمرضى على حد سواء، لأن هذا لا يساعد على التكفل الأمثل بالمرضى. مستوصفات القرى والمداشر .. معاناة كبيرة للمرضى إن الحديث عن المستوصفات عبر تراب 64 بلدية يعد أكثر تعقيدا، وهذا نظرا لافتقار جل هذه الهياكل للأطباء وكذا الأجهزة الحديثة، ليبقى أمل سكان القرى والمداشر تخصيص قاعات للولادة عبر مختلف هذه الهياكل، كون هذا الأمر أصبح مطلبا ملحا وضروريا لسكان المناطق النائية بالولاية، نظرا لما تعانيه نساء القرى والمداشر من مشقة وإرهاق في الوصول إلى المستشفيات، التي غالبا ما تكون بعيدة عن مقر سكناهم معرضين حياتهم للخطر. المدوامة الليلية بالعيادات متعددة الخدمات مطلب سكان الولاية ما يزال مشكل غياب المداومة الليلية بعديد العيادات متعددة الخدمات يثير استياء قاصديها، وهو ما يدفع المرضى للتوجه إلى المستشفيات في الحالات الاستعجالية التي تتطلب تدخلا طبيا سريعا، خاصة في الفترة المسائية. وعلى الرغم من أن إنجاز عيادات للصحة الجوارية جاء لتخفيف الضغط على المستشفيات، إلا أن هذه الأخيرة لم تعد تؤدي واجبها نتيجة غياب مراقبة صارمة وفرض احترام المداومة الليلية بالمصحات الجوارية. وعلى صعيد آخر، بات مشكل سوء المعاملة التي يلقاها المريض خلال توجهه لمراكز الخدمة العمومية والصحية تحديدا، واقعا يثير استياء الكثير من المرضى، خاصة في غياب التكفل اللازم بالمريض، حيث تبقى العديد من الحالات الاستعجالية لا تؤخذ بعين الاعتبار، إذ يضطر المريض إلى قضاء وقت طويل في انتظار دوره للعلاج، وذلك بسبب تماطل الأطباء في استقبال المرضى، ليزيد الوضع سوءا في عديد من المرات نتيجة غياب سيارة الإسعاف، خاصة في المناطق النائية بالولاية، وعليه بات لزاما على السلطات المعنية أن تهتم بالصحة الجوارية العمومية، لا سيما أن مستشفى عاصمة الولاية ومستشفيات بعض دوائر الولاية يشهد ضغطا كبيرا للمواطنين من مختلف بلديات الولاية. محمد شقوري مدير الصحة بولاية المدية ل”الحوار”: فتح سبع نقاط للمناوبة الطبية الليلية قبل نهاية السنة الجارية بهدف تخفيف الضغط على المستشفيات الكبرى، سيتم قبل نهاية سنة 2018، فتح سبع نقاط للمناوبة الطبية الليلية عبر عدة منشآت صحية بولاية المدية، بهدف تخفيف الضغط على المؤسسات الاستشفاىية الرئيسية بالمنطقة، حيث أوضح السيد محمد شقوري، مدير الصحة بولاية المدية، أن مخطط العمل الذي تم تحديده خلال التوصيات الأخيرة للمجلس الشعبي الولائي، يقر بفتح قبيل نهاية السنة الجارية، سبع نقاط للمناوبة الطبية لتخفيف الضغط على مصالح الاستعجالات بالمستشفيات الكبرى للولاية، حيث تم فتح مناوبة بالعيادة المتعددة الخدمات ببني سليمان، كما سيتم فتح نقاط أخرى مبرمجة في العيادات المتعددة الخدمات عبر عدة بلديات، كما أن قطاع الصحة بالولاية يحصي 25 نقطة مناوبة ليلية عبر القطاعات الصحية الستة، وهي المدية وقصر البخاري وتابلاط وبني سليمان والبرواقية وعين بوسيف، وسيساهم فتح هذه النقاط في تخفيف الضغط التي تشهده مستشفيات المنطقة، خصوصا بني سليمان والبرواقية وعين بوسيف، وتوفير إمكانية العلاج للمواطنين والمرضى في أي وقت من الليل، وسيتم تعيين أطباء عامين وأعوان شبه طبيبين بهذه النقاط التي ستعمل 24 ساعة على 24 ساعة و 7 أيام على 7 أيام، بتنصيب مناوبة في أيام العطل لتجنب توقف العمل بهذه الهياكل الصحية. كما أكد مدير الصحة، أنه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة مع المجالس الشعبية البلدية لضمان الموظفين والحراس وصيانة نقاط المناوبة، مشيرا إلى أن بعض المجالس أعطت موافقتها المبدئية للمساهمة في فتح هذه المنشآت. وفيما استحسن المواطنون مبادرة مديرية الصحة والسكان، تبقى مسألة تحديد توقيت مناوبات الصيدليات بهذه الولاية تلقي بضلالها على هذا القطاع الحساس المرتبط بيوميات السكان. وحسب المتتبعين لقطاع الصحة بولاية المدية، أشاد الجميع بالدور الذي تلعبه المؤسسة العمومية للصحة الجوارية بالمدية، التي تعدّ المتنفس الأكبر لسكان المدية من حيث نوعية التكفل بالمريض. ملف أسود عن الأخطاء الطبية بالمدية بالنظر إلى الظروف التي يتم فيها استقبال المرضى وتشخيص حالاتهم من قبل طلبة يافعين لا يمتلكون الخبرة ولا حتى القدرة على الإقناع، يدعونا حتما إلى التطرق لملف آخر تزداد خطورته بازدياد عدد ضحاياه، إنه ملف ضحايا الأخطاء الطبية الذي صار لونه خلال السنوات الأخيرة أسودا من فرط ما يحمله من حوادث تحولت إلى مآسي اجتماعية يرويها أصحابها أو أهاليهم بمرارة كبيرة تدفعنا للتعامل مع هذا الوضع الصحي الراهن بخوف وحذر كبيرين، فقطاع الصحة بالمدية على غرار ولايات الوطن مريض لا محالة، ولسان حال المواطنين يقول إنه لا مفر من إعادة النظر جذريا في هذا القطاع الحيوي الذي يعتبر فيه الخطأ ممنوع وإن وقع فهو لا يغتفر، لكن على ما يبدو أن الفوضى التي تسود هذا القطاع لا تزال سيدة الموقف ولا شيء يتغير في قطاع الصحة للأسف، فالجهاز الذي يعمل اليوم يتوقف غدا، والمصلحة التي تعمل اليوم في إضراب غدا، والمواعيد التي يجب أن تضرب للغد تؤخر إلى مثل هذا اليوم من العام المقبل، ويبقى المواطن المغلوب على أمره لا يجد مهربا آخر غير هذه المستشفيات التي تحولت إلى “باطوارات” تنقل الإصابات والالتهابات والأوبئة، وقد يدخلها أحدهم بسبب أنفلونزا لكنه يجد نفسه يعاني من التهاب السحايا، وقد تجرى لأحدهم عملية الزائدة الدودية لكنه يفاجأ باستئصال كليته عوض ذلك وغيرها من الحكايات التي تبدو خرافية، لكنها تحدث في أرض الواقع أو بالأحرى في مستشفيات الجزائر التي صارت للأسف سيئة السمعة.