تباينت قراءة الإسرائيليين لخطاب رئيس حكومتهم بنيامين نتانياهو ليل الأحد الذي رفض فيه تقديم موعد الانتخابات العامة بذريعة “الوضع الأمني الحساس”، وما إذا كان فعلاً، كوزير للدفاع خلفاً للوزير المستقيل أفيغدور ليبرمان، يعدّ لحرب على قطاع غزة تعيد لإسرائيل هيبة الردع التي فقدتها في الجولة الأخيرة، حتى في نظر غالبية الإسرائيليين. وكانت النتيجة الأولى المباشرة لخطاب نتانياهو الذي عرض نفسه بوصفه “سيد الأمن” في إسرائيل، تراجع زعيم حزب المستوطنين وزير التعليم نفتالي بينيت وزميلته في الحزب وزيرة القضاء أييلت شاكيد عن تهديدهما بالاستقالة وسحب حزبهما من الحكومة ما كان سيؤدي إلى سقوط الحكومة، مبرريْن موقفيهما بوجوب دعم نتانياهو في معالجة الوضع الأمني. وبدا أن نتانياهو قدم تعهدات منها خصوصاً إخلاء الخان الأحمر قريباً وعمليات ضد “حما”. ولم يستبعد مراقبون أن تكون عينا نتانياهو على الجبهة السورية أو اللبنانية أيضاً. ورأوا في حديثه عن “هزيمة أعدائنا”، وأن “الأمر سيكلف التضحية” احتمالاً للتخطيط لعملية عسكرية في قطاع غزة. لكن آخرين رأوا أنه مجرد تهديد يريد منرئيس الحكومة ضمان الهدوء على الحدود مع القطاع ليعلن بعده انتخابات مبكرة، في آذار (مارس) المقبل. وكرر نتانياهو موقفه أمس أمام لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست، قائلاً إنه التقى فور تسلمه وزارة الدفاع رئيس أركان الجيش الجنرال غادي آيزنكوت وخلفه المعيّن اللواء أفيف كوخافي و”نحن في خضم حرب لم تنتهِ بعد… وفي فترة أمنية حساسة كهذه، إسقاط الحكومة عمل عديم المسؤولية”. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية أوضح في مؤتمره الصحافي الذي نقلته كل قنوات التلفزة أن اعتبارات أمنية لا يستطيع كشفها قادت الى وقف النار على الحدود مع قطاع غزة الأسبوع الماضي، موضحاً أنه يعتمد على تقديرات قيادة الجيش. لكنه رفض الإفصاح عن خطط لمح إلى أن القيادة العسكرية تعدّها، مؤكداً أن لديه خطة واضحة جداً، وزاد: “أعرف تماماً متى ننفذها وكيف، وسننفذها” ملمحاً بقوة إلى احتمال تنفيذ إسرائيل عملية عسكرية واسعة. واستدرك: “الأمر يتطلب التضحية، لكننا بقوة إرادتنا وروحنا وروح جنودنا ومناعة مواطنينا سنهزم أعداءنا”. الى ذلك، اعتبرت المعلّقة في الشؤون الحزبية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” سيما كدمون خطاب نتانياهو “خطاباً انتخابياً مع كل الشعارات المتوقعة”، مشيرة إلى تخصيص رئيس الوزراء الجزء الأكبر من خطابه لتمجيد ماضيه الأمني ونجاحه كوزير للمال سابقاً ووزير للخارجية “أي أن كل إنجازات الدولة تعود له دون سواه”. وتابعت أن نتانياهو لجأ إلى لغة التخويف وهي “اللغة التي يجيدها بامتياز” محمّلاً شركاءه في اليمين مسؤولية فرط عقد حكومة اليمين في حال أصروا على الانسحاب منها. وتابعت أنه نجح في خطابه في إقناع أوساط اليمين بأنه عنوانهم الوحيد. ووافق على هذا الطرح محلل الشؤون العسكرية في الصحيفة أليكس فيشمان، إذ كتب أن نتانياهو في خطابه دافع عن اسمه وصيته محاولاً أن يثبت للإسرائيليين المستائين من تردي الوضع الأمني في الجنوب، أنه ما زال سيد الأمن. وحذّر المعلق من احتمال إقدام نتانياهو على مغامرة عسكرية في قطاع غزة أو على الحدود الشمالية “ليصحح إساءة لحقت بصورته الأمنية التي تآكلت في أحداث غزة الأسبوع الماضي”. وتابع أن لغة التخويف التي اعتمدها نتانياهو هدفها الوحيد ضمان بقائه على المسرح السياسي.