خبراء ومختصون اقتصاديون ل “الحوار:” نصيرة سيد علي أكد مجموعة من الاقتصاديين في تصريحهم ل “الحوار” أن استقرار التشريعي في مجال التجارة لا بد من أن توضع في قمة هرم قائمة المسائل التي تعنى بالمجال جعل الجزائر بلد جذب للاستثمار الأجنبي، وتشجيع المستثمر الوطني للقيام بنشاطه في أريحية تامة، مشيرين إلى أن تغيير القوانين كلما تغيرت الحكومات من المشاكل التي يتخوف منها المستثمر الأجنبي ويرى الجزائر بعين الازدراء وغير مؤهلة لاستقطابه. استقرار الاقتصاد من استقرار مناخ الاستثمار وفي السياق، قال الخبير الاقتصادي الدكتور ناصر سليمان، إن قضية استقرار القوانين من بين المشاكل التي يتخوف منها المستثمر الأجنبي، وهو ما ذهب إليه السفير الياباني بالجزائر حين تحدث عن المشاكل التي يعاني منها المتعامل الأجنبي الذي يريد الاستثمار في الجزائر، أن اقتصاد الأخيرة يعاني من ثلاثة أشياء تعطّل عمله في هذا المجال، وهي التغير المستمر للقوانين والأنظمة، والبيروقراطية الكبيرة التي يجدها أي مستثمر في الإدارة الجزائرية، وكذا قاعدة الاستثمار 51/49 التي لا يحبذها المستثمرين الأجانب، مؤكدا أن قضية تغير القوانين من بين المعيقات الأساسية للاستثمار الأجنبي، واستقرار الإطار التشريعي والقانوني مهم جداً في هذا المجال، لكن للأسف لا يزال اقتصادنا يعاني من هذه الظاهرة. تنظيم التجارة الخارجية هو الحل وأوضح مثال عن عدم استقرار الأطر القانونية والتنظيمية، يقول ناصر سليمان “هو تنظيم التجارة الخارجية حيث يشهد القطاع تخبطاً كبيراً في التنظيم منذ سنوات، فبعد أن بلغت الواردات ما يقارب 60 مليار دولار في إحدى السنوات الماضية، وبعد انهيار أسعار النفط مع منتصف سنة 2014، سعت الحكومات المتعاقبة إلى تقليص الواردات، فلجأت إلى منح رخص الاستيراد لعدد محدود من المستوردين فكان هناك احتكار، ثم أُلغيت الرخص وعوّضت بقائمة طويلة من السلع الممنوعة من الاستيراد تضم 851 مادة، مما أدى إلى نقص العديد من المواد في السوق، ثم تقرر إلغاء هذه القائمة وتعويضها بفرض ضرائب جمركية تتراوح بين 30 و200 بالمائة في قانون المالية التكميلي لسنة 2018، ولا زلنا نطبق التجارب تلو الأخرى. والمثال الثاني يخص صناعة تركيب السيارات إذ بعد أن بلغت وارداتنا من السيارات حوالي 6 ملايير دولار سنوياً، وبعد دخول البلاد في أزمة مالية، تقرر تقليص استيراد السيارات ثم منعها، ثم إجبار الوكلاء على البدء في الصناعة والتركيب في الجزائر كشرط للبقاء في السوق الوطنية، ثم تقرر منح رخصة التركيب ل 8 وكلاء فقط (4 في الوزن الخفيف، و4 في الوزن الثقيل)، ثم أُلغي القرار بأوامر فوقية لتتوسع القائمة إلى 40 وكيل، وهكذا يستمر التخبط. تغيير القوانين يعطي صورة سلبية عن الاستثمار إذن فتغير القوانين والتنظيمات، يضيف ناصر سليمان، يعطي صورة سلبية جداً للمستثمر الأجنبي ويمنعه من الدخول لأن رأس المال جبان كما يقولون، ونحن في حاجة ماسة في هذه المرحلة إلى هذا النوع من الاستثمار الذي نهضت به الكثير من الدول. ولا يتعلق الأمر هنا بتغير القوانين، بل حتى بتغير المسؤولين الذي يؤدي بالنتيجة إلى تغير التنظيمات، فلا يمكن مثلاً أن نطور قطاع السياحة أو الصناعة في إطار تنويع الاقتصاد ونحن نغير الوزراء كل 6 أشهر، لأن كل وزير جديد يحاول أن يلغي ما فعله سابقه ويحاول أن يترك بصمته في القطاع (سلبية كانت أم إيجابية) وذلك في غياب استراتيجية اقتصادية شاملة للبلاد تمتد إلى 5 أو 10 أو 20 سنة ويلتزم بها الجميع. الاقتصاد لا يبنى على الأهواء من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور كمال رزيق في تصريحه ل “الحوار” إن تقييم المشاريع الاقتصادية في الجزائر مبنية على الأهواء، وكان الوزير الأول قد وعد في وقت سابق -يقول رزيق- قدم مشروع تثبيت القوانين المتعلقة بالاستثمار، لكن الواقع يعكس ما تم الوعد به، مما جعل الكثير من البلدان تخشى التعامل مع الجزائر، وهو ما أكده السفير الأمريكي الذي قال إن المناخ الاستثماري الجزائر غير مشجع لاستقطاب الاستثمار، ودعا رزيق إلى ضرورة استقرار القوانين، ولا تلغي الوزارة الجديدة للقوانين السابقة حفاظا على سمعة الجزائر الاقتصادية دوليا.