تواصل الوزارات و المصالح المعنية و في مقدّمتها مصالح التجارة و الجمارك التضييق على الواردات من أجل حماية الاقتصاد الوطني و دعم المنتوج المحلي ،فبعد الإجراءات الصّارمة التي فرضت على مستوردي السيارات منذ الفاتح جانفي المنصرم و ساهمت في تقليص عددهم و خفض الفاتورة ،اتّخدت الحكومة تدابير أخرى ليس فقط من أجل وقف نزيف الأموال الخارج بل للنهوض بالصناعة الميكانيكية بشكل فعلي عملا بدفتر الشروط الأخير الذي يلزم المستوردين بالاستثمار في هذه الشّعبة ،و عليه فإنه ابتداء من السّنة القادمة يتم منح رخص الاستيراد للمتعاملين الذين أنشأوا مصانع لتركيب السيارات أو أودعوا ملفات استثمار لدى الهيئات المعنية للانطلاق في التركيب قريبا . ساهمت التدابير الاستعجالية التي تبنتها الحكومة منذ حوالي سنتين لمواجهة أزمة تراجع مداخيل البلاد من الجباية البترولية في إحداث تغيير كبير جدّا و إيجابي في القطاع الصّناعي و خاصّة في مجال صناعة السّيارات ،و هذه الطفرة لم تأت من الصّدفة و لا من إرادة المتعاملين الاقتصاديين الذين اعتادوا لسنوات طويلة على الرّبح السريع على حساب الخزينة العمومية ،حتّى بلغت فاتورة استيراد السيارات الجديدة أرقاما قياسية بدليل أنّه سنويا كانت بلادنا تستورد ما لا يقلّ عن 500 ألف سيارة سنويا و الآلاف منها كانت تبقى مركونة لسنوات بالحظائر حتى تصدأ أو تباع للمستهلك على أنها سيارات جديدة . و بهذا الكم الهائل من السيارات المستوردة كانت الخزينة العمومية تدعم أجور العمال الأجانب و المؤسسات التي تشغّلهم. لكن أزمة انهيار أسعار النفط و انعكاساتها السلبية على الاقتصاد الوطني جعلت الحكومة تعيد حساباتها و تبادر إلى تشجيع المنتوج الوطني على حساب كل ما يأتي من وراء الحدود ،و بما أن استيراد السيارات التهم و لسنوات طويلة حصّة الأسد من الفاتورة الإجمالية للواردات كان من الضروري وقف هذا النزيف و إيجاد بديل مناسب و فعّال لذلك فبدأت كل من وزارتي التجارة و الصّناعة في فرض ما يسمّى برخص الاستيراد على المتعاملين و هذه الرخص تمنح وفق شروط معيّنة حدّدتها وزارة التجارة على أساس مصداقية الوكيل المعتمد و نزاهته و غير ذلك من المعايير الصّارمة و إلى جانب ذلك فرض نظام الحصص حيث وضعت الوزارة سقفا لعدد السيارات المستوردة بعدما ظلت العملية لا تخضع لأي ضوابط من هذا النوع في السّابق و عليه تقرّر استيراد 83 ألف سيارة خلال هذه السّنة موزّعة بنظام الحصص على 40 متعاملا حصلوا على الرخصة . منذ الفاتح جانفي من السنة الجارية . و ساهمت هذه الإجراءات الجريئة في تقليص واردات البلاد من السيارات بحوالي 70 بالمائة خلال العشر شهور الأولى من السنة الجارية فقد ساهم قانون الرخص و نظام الحصص في تقليص الفاتورة بشكل كبير