يوم الخميس26 مارس 2009م،أحيت إسرائيل رسميا الذكرى أل'' ''30 لمعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر،التي تم التوقيع عليها بكامب ديفيد بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ومناحيم بيغين رئيس الوزراء الإسرائيلي،المعاهدة التي كانت مثاراً للجدل بين مؤيد و معارض،راض وساخط. وقد تميزت الاحتفالات الإسرائيلية بإعطاء المعاهدة صورتها الحقيقية، حيث جاء في كلمة القائمة بأعمال رئيس الوزراء وزيرة الخارجية تسيبي ليفني'' لقد اجتمعنا هنا هذا المساء للاحتفاء بمناسبة الذكرى السنوية أل- 30 لمعاهدة السلام بين إسرائيل وجمهورية مصر العربية. عندما نفكر في السلام مع مصر ترتسم أمام عيوننا صورتان. الأولى هي صورة الرئيس المرحوم, أنور السادات وهو يهبط في إسرائيل. والثانية هي صورة رئيس الوزراء المرحوم مناحيم بيغين والرئيس المرحوم أنور السادات, وهما يشبكان أيديهم مع رئيس الولاياتالمتحدة الأسبق, جيمي كارتر, واعدين بتغيير وجه الشرق الأوسط.'' '' إن الصراع من أجل السلام هو قبل كل شيء صراع داخلي, وحالات الجدل وعدم الاتفاق لا تعني أن الشعب لا يؤيد السلام أو أنه لا يريد السلام, حيث أن كل شعب يتطلع إلى السلام. هذه الأمور صحيحة ألف مرة بالنسبة للشعب في إسرائيل الذي لم يعرف لحظة واحدة من الهدوء والسكينة في بلاده قبل إقامة دولة إسرائيل أو بعد إقامتها. إن الصراع من أجل السلام لا بد منه لأن أبناء الشعب لا يؤمنون بإمكانية تحقيقه أو لأن ثمنه باهظ جدا, أو لأنه يترتب على هذا الشعب القيام بمجازفات جسيمة''. ''بعد هذه الزيارة، ليستا مجرد لحظتين بالزمن، أو فرصتين لالتقاط الصور. هاتان اللحظتان هما معلمان بغاية الأهمية في عملية طويلة ومتواصل.. حتى لو بدت الأوضاع على الأرض غير عنيفة وهادئة، ونشأ وهم بأن الوضع مريح ظاهريا, فإن من شأنه أن يشتعل فجأة وأن ينفجر دون أية علامات مسبقة. إذ أن من شأن الوضع القابل للانفجار أن ينفجر دون سابق إنذار''. وعلى هامش الاحتفال عبر الرئيس الإسرائيلي لصديقه مبارك هاتفيا عن تقديره الكبير لعمله في سبيل سلام ثابت في الشرق الأوسط. وقال له: ''تقف منذ سنوات عديدة كصخرة لا تتزحزح في موقفك الراغب بالسلام''. وأضاف ''ليس هناك من شك في أن السنوات الثلاثين الماضية لم تكن ممتازة، لكنها كانت أفضل من مواصلة النزاع والحروب في ما بيننا.'' وبحسب موقع إسرائيلي، فان مبارك أكد لبيريز''أن السلام العادل والشامل وفق ما دعت إليه المبادرة العربية هو الضمانة الحقيقية لأمن واستقرار الشرق الأوسط بجميع دوله وشعوبه، بما فى ذلك الشعب الإسرائيلي'' هذه صورة مبسطة لمحتوى الاحتفال بالذكرى على مستوى صناعها،وهي صورة تجدد ما لم يطله النسيان في ذاكرتنا، منذ الدعوة المفاجئة التي قدمها الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل للتفاوض، حين سافر إلى القدس في 1977 م وألقى خطابا على الكنيست الإسرائيلي طالب فيه يبدأ محادثات سلام، جرت محادثات طويلة و مضنية في كامب ديفيد بين مصر و إسرائيل برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.وصولا إلى توقيع معاهدة سلام بين مصر و إسرائيل في 26 مارس 1979م. وقد تضمنت المحاور الرئيسية التالية: إنهاء حالة الحرب وإقامة علاقات ودية بين مصر و إسرائيل. انسحاب إسرائيل من سيناء التي احتلتها عام 1967 بعد حرب الأيام الستة . ضمان عبور السفن الإسرائيلية قناة السويس و اعتبار مضيق نيران و خليج العقبة ممرات مائية دولية البدء بمفاوضات لإنشاء منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة و قطاع غزة التطبيق الكامل لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 338,242 لكن هذه الاتفاقية تضمنت شروطًا قاسية على مدى تحرك الجيش المصري في سيناء بعد تسلمها من إسرائيل،منها مثلا أن لا تستخدم المطارات الجوية التي يخليها الإسرائيليون قرب العريش وشرم الشيخ إلا للأغراض المدنية .وهو ما جعل الاتفاقية حسب اعتقادنا في صالح إسرائيل كليا وأدى إلى زعزعة التوازن العربي بفقدان مصر لدورها الريادي في العالم العربي وفقد العرب أكبر قوة عسكرية عربية على خط التماس، وتشتت الجهود بين الزعامة الإقليمية والشخصية في الوطن العربي لسد الفراغ، ومن تلك التطلعات محاولة تشكيل وحدة بين القيادة العراقية والسورية عام 1979 لكنها انهارت بعد أسابيع قليلة وعقد قمة طارئة لجامعة الدول العربية في بغداد في 2 نوفمبر 1978 شاركت فيها 10 دول عربية و منظمة التحرير الفلسطينية وعرفت هذه القمة باسم '' جبهة الرفض''ورفضت اتفاقية كامب ديفيد وقررت نقل مقر الجامعة العربية من مصر وتعليق عضوية مصر ومقاطعتها حتى. وفي 20 نوفمبر 1979 عقدت قمة تونس العادية وأكدت على تطبيق المقاطعة على مصر. وازداد التشتت في الموقف بعد حرب الخليج الأولى إذ انضمت سوريا و ليبيا إلى صف إيران وحدث أثناء هذا التشتت غزو إسرائيل للبنان في عام ,1982 بحجة إزالة منظمة التحرير الفلسطينية من جنوب لبنان حيث تكون خطرا على امن إسرائيل وتمت محاصرة العاصمة اللبنانية، لعدة شهور. هذه المتاعب والمذلات المترتبة عن الاتفاقية،والتي جعلت رؤوس العرب تحت أقدام إسرائيل، يضاف إليها ما أصاب الأمة من تخنث أثناء الحرب على غزة في يناير الماضي، يوشحها الدكتور عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية في القاهرة.في مقال له نشر في صحيفة الأهرام القاهرية، بحر الأسبوع المنصرم يدافع فيه عن معاهدة كامب ديفد فيقول: ''هناك ستة اتهامات شائعة تخص المعاهدة تستحق التنويه والمناقشة أمام الرأي العام وربما الأهم أمام السياسيين الذين لا يزال أمامهم الاختيار ما بين خيارات صعبة وأحلاها دائما مر وعلقم... ''نذكر بعضها لضيق المجال في: -التهمة الأولى الموجهة إلي معاهدة السلام هي أنها لم تحقق شيئا'' -التهمة الثانية التي تقول أنه كان يجب أن تؤدي الاتفاقية إلى''تحقيق الرخاء''. - التهمة الثالثة أن للمعاهدة عيوبا خطيرة حيث تقيد السيادة المصرية علي مناطق من سيناء''. يستمر في سرد التبريئات، جميع هذه التهم الست باطلة عنده. وفي مقابل ذلك نرى التماسك في القوى السياسية لإسرائيلية، فقد خروج رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود ولمرت عن صمته، وأعلن عن سريرته حين قال يوم الخميس 26مارس2009م بالمناسبة نفسها في مؤتمر في هرتزيليا أن ''إسرائيل تضرب كل مكان ما وسعها ذلك من اجل وقف الإرهاب، قريبا كان أم بعيدا في إشارة إلى ضلوع إسرائيل في القصف الجوي الذي أعلنت الخرطوم انه استهدف قافلة لتهريب الأسلحة شرق السودان وأسفر عن ''مقتل المئات، وشكر أيضا الرئيس مبارك على تحركه في سبيل الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط ، وعلى الجهود التي بدلها في تصحيح مسار السياسة الشرق أوسطية على حد قوله. ألا يمكن تلخيص صورة النتائج السيئة في الوضع العربي الراهن وما يعانيه ساستنا أمام الصهاينة من مؤتمر الرفض إلى مؤتمر الممانعة؟ ألا يحق للشعب العربي أن يلعن معاهدة كامب ديفد وموقعيها؟. وليجب أنصار كامب ديفد بالنفي إن أرادوا.