انطلاقا من نتائج الدراسة الاستطلاعية التي أشرف على إنجازها مؤخرا المركز العالمي للاستشارات الاقتصادية والاستطلاع بالجزائر، والتي أكدت أن نسبة الأشخاص الذين لا يقرؤون في الجزائر يعادل ال 86,56 % في حين لا يتجاوز معدل المداومين على القراءة 6,8 % من العينة المدروسة. على ضوء هذه الدراسة التي تدعو الى التوقف الاجباري خاصة وأن الدراسة اجريت على مستوى 10 ولايات من الوطن وشملت 1000 شخص من مختلف الفئات، إنما تدل على أن هناك غيابا شبه كلي لأي تواصل بين المواطن الجزائري والإنتاج الفكري والثقافي الجزائري أو الأجنبي. حيث أبرزت نتائج الاستطلاع أن نوعية الكتب التي يداوم القراء عليها هي الكتب الدينية والتي حددت بنسبة 16 بالمائة تليها كتب الإعلام الآلي والاقتصاد بنسبة 9 بالمائة، فيما بلغت نسبة الكتب القانونية ثمانية بالمائة، أما عن لغة المقروئية لدى العينة المدروسة فقد احتلت اللغة العربية المرتبة الأولى بنسبة 51 بالمائة لتأتي اللغة الفرنسية في المرتبة الثانية ب 2 .35 بالمائة ثم اللغة الإنجليزية ب5.3 بالمائة، وانطلاقا من هذه الأرقام المخيفة خاصة ونحن في عصر العولمة، يمكن القول إن نسبة المقروئية في الجزائر تقلصت بشكل كبير بسبب ظهور وسائط عديدة نافست الكتاب سيما منها الأنترنت، ناهيك عن انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين وقلة النشر والتوزيع. فالفرد الجزائري لا يقرأ حسب عدد من الإحصاءات الأجنبية إلا ما معدله 18 صفحة في السنة، في الوقت الذي يطالع الفرد الإسرائيلي 9 كتب في السنة والأوروبي 23 كتابا في العام، مشيرا إلى أنه في ظل غياب الاستطلاعات التي تثبت العكس فإن هذه الأرقام تترجم الواقع الحقيقي للمقروئية في العالم العربي. ومن هنا بات من الضروري العمل الجاد على إرساء قواعد ''مشروع ثقافي وطني'' من شأنه دفع الفرد الجزائري إلى تطور عقلاني متحضر يبعده عن الانغماس في الجشع المادي، ذلك أن المجتمع الجزائري تحول إلى مجتمع استهلاكي أكثر منه إنتاجيا، ذلك أن تحول المجتمع من لا قارئ إلى قارئ لا يتم عن طريق المعالجة الجزئية والظرفية إنما من خلال تغيير مفاهيمنا ونظرتنا للمنظومة التربوية والسياسية والثقافية وكذا إلى طبيعة المجتمع الذي من شأنه أن يدفع بالفرد إلى التعود على القراءة.