شغلته العيون .. سحرته العيون .. سحرته العيون .. أعمته العيون .. لا أحد مثله شغفا بالعيون .. أخذ يرسمها .. يرسمها .. يرسمها .. سنوات وسنوات استغرقها في رسم لوحات أحادية الموضوع .. لوحاته لم تغادر العيون .. كل العيون .. بألوانها وأشكالها ونظراتها وشحناتها .. وأسرارها .. وفرحها وألمها ويأسها وحياتها وموتها .. رسمها بحبها يكرهها بفجورها بتقواها .. كلها اكتحلت بريشته ..وسكنت لوحاته .. ماذا تبقى ؟ ماذا تبقى ؟ عيناه هو .. نعم عيناه .. هو .. وقرر : سنة 1931 كانت موعدا نفذ فيه الفنان المهووس برسم العيون قراره برسم عينيه .. أخيرا جاء دوره ..وجاءت اللوحة التي ستعاقبه على فعلته .. ولم تحتمل ما تجرأت ريشة الفنان الروماني فيكتور برونر على فعله بإحدى عينيه وهو يرسمها .. لسبب غامض راح يرسم نفسه، وما إن أتم كامل ملامح وجهه عمد إلى اقتلاع عينه اليمنى على اللوحة، وجعل فيها سهما يتدلى منه حرف ''د''.. بعد سبع سنوات من رسمه المجرم ذاك قررت نفس اللوحة أن تنتقم لنفسها، واستغلت عودة برونر إلى باريس ليتعرض أثناء معركة نشبت بين رسامين إلى شقفة زجاج طائشة انغرست في عينه اليمنى، فاقتلعتها بنفس الطريق التي اقتلعت بها في اللوحة الغاضبة.. المحللون لهذه القصة الواقعية استبعدوا أن يكون ما حدث للفنان برونر مصادفة.. إنها بالأحرى أحاسيس تحذيرية وهي موجودة في الأحلام أيضا .. وهذا ما يؤكد أن بصيرة الفنانين قادرة على كل شيء ..