انتشرت في الآونة الأخيرة بين الشباب الجزائري وخاصة المراهقين منهم، ظاهرة تعاطي مشروبات الطاقة التي تأتي على شكل علب تشبه المشروبات الغازية المتداولة. والشائع عن هذه المواد الطاقوية أنها تزود متعاطيها بالمزيد من الطاقة والانتعاش، رغم جهل العديد لمكنوناتها ومصادر صنعها وما يمكن ان تسببه من خطورة على الصحة. يكثر تناول مشروبات الطاقة بين الشباب من كلا الجنسين وخصوصا حينما يكونون مقبلين على الامتحانات أو الرحلات الخارجية، حيث يؤكدون انها تساعدهم على زيادة مفعول الطاقة أثناء ممارستهم لمختلف الأنشطة التي يحتاجون فيها الى جهد عضلي أو فكري. فطلاب الثانويات بالعاصمة أكدوا أن مشروبات الطاقة لها مفعول السحر في جعلهم منتبهين أطول مدة ممكنة وقادرين على استيعاب الدروس بشكل أفضل، كما انها تساعدهم في تأدية بعض النشاطات الرياضية الصعبة والمتعبة حيث لاحظنا ان مثل هده المواد تشهد إقبالا كبيرا لدى هذه الفئة تحديدا المولعة بتقليد واقتناء كل ما هو غربي دون إدراك خطورة إدمانهم عليه. والمثير ان كلا الجنسين يتناولون هذه المشروبات خاصة في فترة الامتحانات وعند ممارسة الأنشطة الرياضية. ويزداد الإقبال على تناول هذه المواد في هذه الفترة تحديدا التي ترافق نهاية الموسم الدراسي واستعداد التلاميذ خاصة المقبلين على امتحانات مصيرية، الى تجريب أي شيء يمكنهم من زيادة نشاطهم وحيويتهم من أجل مراجعة جيدة، وهذا ما أكده التلميذ ''زكرياء'' من الثانوية الجديدة ''بحمادي'' الذي ذكر أن مشروبات الطاقة تمنح الجسم حيوية غير عادية وهو ما جعل إقبال التلاميذ عليها يزداد يوما بعد آخر وقد جربها العديد منهم في الأنشطة الرياضية وأظهرت نتائج جيدة. والغريب في الأمر أن بعض صغار السن من كلا الجنسين بدأوا في تناولها اقتداء بمن هم اكبر منهم سنا ولا سيما وأنها تمتاز بطعمها الكربوني والذي يماثل طعم المشروبات الغازية الأخرى مع الإعلانات التجارية المكثفة التي تروج لمثل هذه المنتجات في القنوات الفضائية، وهذا في الوقت الذي اخذ مفعول آثارها يعم الجميع بعدما راج عنها بأنها تساعد الشخص على قوة التحمل والصبر على المهمات الصعبة. 90 بالمائة من رواد قاعات كمال الأجسام أدمنوا عليها يقبل الكثير من الشباب على تناول مشروبات الطاقة المختلفة التي يجهل عدد كبير منهم مكوناتها، لكنهم يتفقون على أنها تنشط الجسم وتمنحه طاقة عالية. ومن بين الفئة الأكثر إقبالا على مشروبات الطاقة الشباب الذين يمارسون العاب ''كمال الأجسام''، فبالإضافة الى تناولهم فيتامينات معينة يقبلون على شراء مشروبات الطاقة التي تملأ بأنواعها المختلفة محلات بيع المواد الغذائية. ويؤكد ''فاتح صاحب محل قاعة لألعاب كمال الأجسام بالدار البيضاء ان الإقبال على اقتناء مشروبات الطاقة يزيد يوما عن آخر خاصة وأن العديد من الشباب أصبح لا يستغني عن هذا المشروب يوميا، والذي يتراوح سعر القارورة الواحدة منه بين 150 الى 200دج حسب النوع. ويضيف'' فاتح '' أن المشروبات تمنح الجسم طاقة إضافية، لكنه في المقابل ابرز تخوفه من تعود الشباب وإدمانهم على هذه المواد التي تجهل مكوناتها لدى فئة واسعة من الشباب. ويقر صاحب القاعة بأن أكثر من 90 بالمائة من رواد قاعات كمال الأجسام وحتى الرياضات المختلفة الأخرى يقبلون على تناول مشروبات الطاقة، واعتبر أن هذه المشروبات عبارة عن منشطات تحفز الجسم على زيادة نشاطه. أما طارق فقد أكد أن إقبال الشباب على تناول مشروبات الطاقة راجع لما يشاع عن قدرتها على تنشيط الجسم. يحذر من تناولها للمراهقين الأقل من 18 سنة وعن أضرار تناول هذه المواد، تحدثت الدكتورة أمينة برناوي طبيبة عامة قائلة إن تناول مثل هذه المواد الطاقوية يؤثر على الجسم خاصة وأنها تحتوي على مواد منبهة مثل الكافيين والسكر الضارتين، والأكيد أنها سوف تتسبب في مضايقات صحية تصيب من تناولها. وتحتوي تلك المشروبات على أنواع مختلفة من الكافيين، وبعضها يحتوي على مواد منشطة وحينما يتناول الشباب جرعة كبيرة منها سوف يصابون بزيادة سرعة ضربات القلب واهتزاز في أصابع اليد والأرجل، والمقلق -تضيف الدكتورة برناوي- أن بعض المراهقين بدأوا في تناول هذه المشروبات وبشراهة مما جعل الأطباء في الدول الغربية يلحون على التذكير أن الإقدام على تناول كمية كبيرة من مادة الكافيين يعادل تناول السموم الأخرى مثل المخدرات وغيرها. وقد قاد هؤلاء الأطباء وبالتعاون مع علماء الصحة حملة إعلامية كبيرة اضطرت الشركات المنتجة لهذه المشروبات إلى كتابة إعلان يظهر مدى ضرر هذا المشروب واضطروا لكتابة تحذير على ظهر العلبة ينبه الى ضرورة الابتعاد عن تناول هذه المشروبات '' يجب ألا تقدم على تناوله ما لم تصل لسن الثامنة عشر''، إلا أن هذا التحذير لم يطبق في الأسواق الجزائرية لأسباب غير معروفة. ويبقى من واجبنا التنبيه الى خطورة الاستهلاك المفرط لمثل هذه المواد التي انتشرت بسرعة وسط الشباب خاصة المراهقين منهم. أمراض خطيرة تترصد مستهلكي هذه المواد منعت العديد من منتجات الطاقة من التسويق في الدول الأوروبية، لكنها مازالت الى حد اليوم تسوق في الجزائر. والمثير أن هذه المنتجات تروج بشكل كبير في الجزائر بدون رقابة، كما هو الحال مع مشروب ''ريد بيل'' الذي منع من التسويق في فرنسا والعديد من البلدان الأوروبية لأكثر من ثلاث عشرة سنة بسبب احتوائه على مواد يشتبه في تسببها في عدة أمراض، خاصة أمراض الكلى ومضاعفات القلب وحتى الجلطات الدماغية. ويعرف هذا المشروب رواجا كبيرا خاصة في فترة الصيف لدى الشباب. ويشاع أن مادة ''التورين'' مستخلصة من ''خصية الثور'' وهو حمض أميني يدخل ضمن مكونات ''مني الثور'' رغم أن مادة ''التورين'' المستعملة في المشروب ليست طبيعية وإنما هي مخبريه جنيسة. ورفضت الوكالة الفرنسية للأمن الصحي والغذائي الترخيص بتسويق هذا المشروب إلا بعد استبدال مادة ''التورين'' التي تتواجد بتركيز 1000 مغ بقارورة تحوي 250 مل، ليعاد الترخيص بتسويق المشروب بالأسواق الفرنسية في السنة الماضية، إلا أننا لازلنا نجهل نوعية مشروبات الطاقة المسوقة عندنا بالجزائر وهل تخضع لنفس مقاييس الصحة العالمية . ''ما أسكر كثيره فقليله حرام'' يجمع الكثير من المواطنين أن مشروبات الطاقة من الأشياء التي تثار حولها الشبهات. ويؤكد السيد محمد صاحب محل للمواد الغذائية أن أكثر فئة تقبل على شراء المشروبات الطاقوية هم الشباب والمراهقون، الا أن الملاحظ أن كبار السن وأرباب العائلات يتوجسون من الاقتراب من مثل هذه المواد التي تثار حولها الكثير من الأسئلة سواء فيما تعلق الأمر حول مكوناتها أو مصدر صنعها وغيرها من الأسئلة الأخرى ويشبهها بعض الناس بالخمر لأسباب متعددة خاصة بعدما راج على انها تحوي نسبة من الكحول. اختلفت الآراء حول مشروبات الطاقة وهو ما تطلب منا أخذ رأي الدين في ما يقبل على يتناوله الشباب الجزائري اليوم، فذكر الشيخ ''أحمد .س'' إمام مسجد التوبة ببلدية حمادي، أن مشروبات الطاقة إذا كانت مصنوعة فعلا من مستخلصات حيوانية مثل ما يشاع عنه أنها مستخلصة من خصية الثور، فحكم شربه هو حكم شرب النجاسة التي حرمها الإسلام، فالشباب يستهلكون مشروبات الطاقة دون وعي بهذا الأمر الذي هو سبب انتشار ظواهر سلبية خطيرة لدى الشباب في مجتمعنا، لكونه يزيد في الطاقة الجنسية للشباب. كما أن المشروب يحتوي على نسبة من الكحول لذلك فهو حرام بحكم ''ما أسكر كثيره فقليله حرام''. أما عن النسبة الضئيلة للمادة المسكرة الموجودة بالمشروب فهي كافية لاعتباره من الخمور، فالنسبة ليست بالمهمة لأن قطرة أو قطرتين في المشروب تجعله في خانة الخمور. أما الشباب فيعرفون مكونات المشروب ومفعوله، لذلك يستهلكونه في جلسات السمر والسهر. واعتبر أن ترويج مثل هذا المشروب خطر على صحة الشباب.