بيّن أمس رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن الدولة قد أدركت أن أفضل الاستثمارات التي يمكن أن تقوم بها هو الاستثمار في بناء الإنسان كونه لا وجود لتنمية دون الاعتناء به ، داعيا في الوقت ذاته الأسرة الجامعية إلى العمل على تكوين النخب الوطنية والى نبذ العنف . وقال بوتفليقة في رسالة بعثها إلى المشاركين في إحياء الذكرى ال 53 لليوم الوطني للطالب الذي احتضنتها ولاية تيارت، وقرأها نيابة عنه مستشاره محمد علي بوغازي أن ''أفضل استثماراتها هو الاستثمار في بناء الإنسان بوصفه محرك عجلة التنمية و غايتها في الوقت ذاته و بدونه لا تكون التنمية إلا بناء على رمال متحركة. وقد تجسد هذا الإدراك في ما سعت إليه من تعميم التعليم العالي و جعله في متناول أبناء الأمة''، مضيفا ''و نحن مصممون بإذن الله على مواصلة هذا الجهد و تعميمه انطلاقا من قناعتنا الراسخة بان الاستثمار في تنمية الموارد البشرية أنجع استثمار وهو المدخل الصحيح لكل نهوض اجتماعي و حضاري''، ومشيرا إلى أن هذه القناعة هي التي أملت و تملي علينا العناية بأوضاع الطلبة و توفير كل الظروف الملائمة بما ييسر عليهم التفرغ لتلقي العلوم و العيش في رحاب الجامعة ''. ويرى رئيس الجمهورية أن الجامعة تعد العمود الفقري للنخبة الوطنية من أساتذة و باحثين و مؤطرين و مفكرين و طلبة ،و'' ليس لها إلا أن تكون حاملة مشعل تطوير المجتمع و مسابقة الزمن لتمكينه من مواكبة ركب المدنية سريع الخطى و إرساء قواعد الحوار الفكري و نبذ العنف اللفظي و المادي و التحرر من الأفكار الجاهزة و تجديد الرؤى لاستشراف المستقبل لان الجامعة و المعاهد المتخصصة بكافة فروعها العلمية و الإنسانية هي موئلا للابتكار و حاضنا للإشعاع الفكري و المعرفي على المجتمع برمته.لأنها بحق الممول للمجتمع بالكفاءات و الإطارات التي تتطلبها تنميته و تطويره''. ودعا بوتفليقة إلى تثمين الكفاءات والارتقاء بالجامعات و مراكز البحث إلى مستوى الامتياز الكفيل برصد التطورات و معرفة مواطن الخلل و تقديم الرؤى و استشراف المستقبل ،مشيرا إلى أن الدولة '' توفي بواجبها في توفير الشروط المادية و المعنوية لهذا القطاع''، ومبينا أن العمل على الوصول إلى ''مجتمع المعلوماتية'' يقتضي تكييفا نوعيا للنظم التربوية و التعليمية بما يتسابق و مستجدات العلم و منتجات المعرفة التي تتجدد باضطراد، كما بين رئيس الجمهورية أن تراكم المعارف '' لم يعد اليوم سببا للتباهي و علامة للرقي بل القدرة على الوصول إلى المعرفة و تحويلها إلى ثروة اقتصادية و إنسانية هذا هو الطريق نحو وطن آمن مزدهر و مجتمع متناغم مستقر قادر على كسب رهانات الارتقاء و المناعة من الاختراقات و الاهتزازاتز. وأردف الرئيس بالقول '' إذا كانت الجامعة معقلا للعلوم و الفنون و التكنولوجيات فإنها أيضا فضاء لممارسة الحوار الجاد و المسؤول و تطوير الذهنيات و بناء الفكر بما يساهم في صياغة الشخصية الوطنية السوية المنتجة للفعل الحضاري والمجسد للسلوك القويم''، وأن '' الشعوب المتعلمة التى تحيي الثقافة كسلوك و ممارسة شعوب لا تجوع و لا تضمحل مهما كانت مواردها المادية و الطاقوية ضئيلة و محدودة''. وقال الرئيس إن مسار التنمية و التطوير لن يتأتى'' إلا بتمثل قيم الجد و العمل و الاعتماد على النفس و نبذ الاتكال و الركون إلى الترف و حياة الخمول و لا ريب أيضا في أن تلك القيم ذاتها هي التي مكنت أسلافكم من الإسهام بقسط وافر في تحقيق الهدف الأكبر الذي سمت إليه همة أمتهم و تضافرت جهود كل فئاتها من اجل تحقيقه''.