لم يكن ينقص أوباما رئيس أقوى دولة في العالم، وأول رئيس دولة يدخل قائمة مجلة ''فوربس'' لأكثر 100 شخصية تأثيرا في العالم، والرئيس الوحيد الذي استطاع وهو في منصبه ذلك بفضل عدد صوره ومقالاته التي تتصدر أغلفة مجلات وجرائد العالم من تقليص الخطوط الفاصلة بين عالم السياسة وأضواء الشهرة، سوى التلفظ بكلمة واحدة فقط . لم ينطقها أمام الجمع الهائل ممن حضر خطابه المنتظر، لتكون تلك اللفظة تكملة منطقية لمحاولاته المتكررة لتكريس لغة المراوغة التي اعتمدها ولا يزال دائما يفعل مع الشعوب الإسلامية، وذلك خلال إلقائه للخطاب ''الحدث'' الذي احتضنته جامعة القاهرة بمصر، فكان ينقصه فقط التلفظ ب ''الشهادتين''، لا لشيء سوى ليتمكن من إقناع ما تبقى من شعوب العالم العربي والإسلامي ممن لم تصف قلوبهم نهائيا تجاهه، بأنه أحن على العرب والمسلمين من أنفسهم .... خصوصا بعدما استرسل في ذكر آيات بينات من القرآن الكريم، ولمح أكثر من مرة منذ رئاسته أقوى دولة في العالم إلى التذكير بعلاقته الأسرية بالإسلام...، وبدا خلال خطابه ذلك وهو ينتهج أسلوب الاعتراف بالخطايا أنه اقترب كثيرا من مشاعر المسلمين ودغدغة شعورهم المرهف، إلا أنه في حقيقة الأمر ومن خلال إلقاء نظرة معمقة وقراءة تقريبية لخطابه ''الحدث'' فهو لم يقل شيئا ولم يقدم شيئا ولم يعترف ولو ضمنيا بأن المسلمين في كل أفغانستان والعراق وفلسطين يستحقون اعتذارا صريحا، عن سنين الألم والدمار الشامل التي لحقتهم جراء تسلط و''تفرعن'' سادات أمريكا. ما قاله أوباما خلال خطابه كان كلاما معسولا ومنمقا، وجميع محاولات جعله بريئا كانت مفضوحة، والانحياز للمعسكر الغربي بات صريحا. لا شيء مقنع، ولا حلول واقعية ممكنة، استطاع أوباما اقتراحها على الشعوب العربية الإسلامية، بخصوص قضية فلسطينالمحتلة، على الرغم من أن لا شيء أكثر تأثيرا على العلاقات الأمريكية العربية الإسلامية من القضية الفلسطينية، وما من شيء يروي ملايين المسلمين العطشى لرؤية بيت المقدس المحتلة في يوم من الأيام مستقلة سوى اقتراح حلول واقعية وعلى أرض الميدان لفض النزاع العربي الإسرائيلي في فلسطينالمحتلة وإنصاف آلاف اليتامى والمظلومين هناك من عائلات الفلسطنيين، إلا أن أوباما وفي خطابه المعسول تارة والمنمق تارة أخرى بورود شوكية كانت تطارد المقاومة في كل مكان من على أرض المعمورة، لم يكن عند حن ظن العرب والمسلمين به، وإن كنا جميعا قد استعددنا مسبقا لما كان سيأتي به الخطاب ''الحدث'' في نظر طائفة، و''اللاحدث'' في نظر أخرى.