طفت على ساحة الخرجات الشبابية المعتادة بالجزائر صيحة جديدة من تلك الصيحات التي يستهجنها المجتمع لدى ظهورها ليعود ويستألفها فيم بعد، على غرار ما باتت تعيشه بعض طرقات وشوارع العاصمة ليلا من ظواهر لعل أحدثها مشاهدتنا لنساء شابات تقدن دراجات نارية من النوع الكبير بمفردهن وكأنهن تقدن سيارات من الحجم الصغير سهل القيادة وبراحة تامة. يلاحظ مرتاد بعض الطرقات السريعة ليلا أو حتى الطرقات الفرعية الأخرى، مرور بين الحين والآخر امرأة شابة تقود دراجة نارية من النوع كبير الحجم، فبعدما كنا نلاحظ الواحدة منهن تركبها رفقة شاب ما، راحت أخريات إلى أبعد من ذلك لتحقق استقلالها في عالم قيادة الدراجات النارية مثلما حققته في عالم قيادة السيارات الذي تقدمت فيه أشواطا كبيرة بخوضها مجال سياقة سيارات الأجرة والحافلات. الدراجات النارية الكبيرة رمز الثراء أكدت لنا مصادر على احتكاك مستمر ببعض العائلات الغنية بالجزائر أن طرق تباهي هذه العائلات بثروتها قد تغيرت مع تقدم الوقت، فلم تعد السيارات الفخمة المميزة للمستوى الاجتماعي لصاحبها الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك، وخاصة لدى بنات هذه العائلات حيث كُن وإلى وقت غير بعيد تتباهين بتعدادهن ضمن القلة القليلة من النساء اللواتي تمتلكن سيارات شخصية ولهن الحرية الكاملة في قيادتها منفردات دون الحاجة إلى الاستعانة بسائق، فقلد التجأت بعض بنات هذه العائلات إلى سبيل جديد للتباهي والتعبير عن انتمائهم للطبقة الغنية وهامش الحرية الكبير الذي تتمتعن به، بقيادتهن لدراجات نارية كبيرة الحجم وفخمة جدا. أما عن الفئة العمرية لتلك الشابات فهي تتراوح ما بين 19 و25 سنة حسب مصدرنا، وأنهن قليلات إلا أن عددهن يزداد شيئا فشيئا، مؤكدا أنه لا يجب استغراب الوضع فهو لا يعدو أن يكون مواكبا للتقدم الحاصل على المستوى العالمي، ففتيات الطبقة الغنية بالجزائر لفترة الألفينيات ليست نفسها فتيات الثمانينيات والتسعينيات. فإن كانت فتيات الفترتين السابقتين تتحصلن على سياراتهن الفخمة كهدايا أعياد الميلاد أو هدايا النجاح في شهادة الباكالوريا، لا تحصل فتيات هذا العصر على الدراجات النارية الفخمة بنفس الطريقة فهي ليست ملكهن بل تكتفين بتعلم قيادتها ومن ثم كرائها للاستمتاع فقط، فكما أوضح مصدرنا، مجتمعنا لا زال محافظا ولا يسمح بتجاوز الكثير من الحدود الاجتماعية المتعارف عليها، فلا زالت قيادة الدراجات النارية تعتبر مظهرا من مظاهر التمرد حتى لدى الشباب فكيف يمكن تقبلها بالنسبة للفتيات، مشيرا أن النوع الكبير الحجم من الدراجات يجتذبهن بكثرة خاصة نوعي ''الياماها'' و'' الهارلي دافيدسون'' المتوفرة في محلات كراء السيارات والدراجات النارية، مع العلم أن النوع الثاني يعد الأكثر اجتذابا لهن، حيث تقدنها ليلا إلى درجة يخيل لمن يرتاد إلى جانبهن نفس الطريق أنه بإحدى طرقات بريطانيا أو الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن الفرق هنا أنهن لا تقدنها في جماعات. لم تخرج الأوضاع عن زمام السيطرة أكد مصدرنا أن الأوضاع لم تخرج بعد عن زمام السيطرة ومن غير الممكن أن تخرج عنها مستقبلا انطلاقا من محافظة هذه العائلات على العادات والتقاليد حتى وإن أقدمت على عصرنتها نوعا ما، فالمجتمع الجزائري باختلاف طبقاته لا زال محافظا ولا يمكن أن نقيس على ظواهر جديدة وحالات شاذة، حيث لا يتجاوز عدد الشابات اللواتي تقدن الدراجات النارية العشرة ربما على مستوى العاصمة وجميعهن منحدرات من عائلات جد غنية، إلا أنهن حتى ومع قيادتهن ليلا لا تتجاوزن الحدود ولا تتعدين الساعة العاشرة والنصف وهن تقدنها أو إن صح التعبير تتجولن بها.