هل هلال شهر الخير والفيوضات الرحمانية، شهر يتسابق فيه من يريد أن يكون رصيده من الباقيات الصالحات الرصيد الأعلى , ومكانته عند الخالق المرتبة الأسمى , ولكم يتنزل المعنى الذي عشناه في أيام الطلب من الامتحانات التي كانت محددا للفائز المجلي , والخائب الخسران بأجلى معانيها لدى الأوائل حين يقبل موسم تضاعف فيه الأجور , فتلفيهم مشمرين تشمير أحدنا لا يفصله عن الامتحان غير أيام معدودات , قال الحسن البصري يوما : '' إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه , يتسابقون فيه لطاعته , فسبق قوم ففازوا , وتخلف أقوام فخابوا , فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب , في اليوم الذي فاز فيه المجدون , وخاب في المبطلون ''. ثم إنك واجد أن هذا الشهر مما تتجلى فيه رحمة الله بخلقه وعنايته بهم , وبما يصلح حالهم وهم في هذه الدار قبل الرحيل إلى دار القرار , وأن الامتناع عن اللذائذ قد حوى من الفوائد الجمة التي تعود بالنفع على مادة وروح الإنسان الكثير الكثير , أما الروح ففوائدها أجلى من أن تحصى وتعد ومجال القول فيها ذا سعة , وأما الجسد فمما يشير إلى إلزامية صومه مدة قدرها العلماء الغربيون بشهر , وجود أنه حتى الحيوانات جميعها تصوم آليا عن الطعام مدة تختلف من نوع لآخر حتى ولو كان الطعام بالقرب منها , فأي شيء بعد كل هذا يستحق حمدك وشكرك أكثر من الذي رعاك قبل وبعد وأثناء وجودك في هذه الدار ؟