انطلقت فعاليات المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني بأرض الجزائر، وانطلق معها زخم كبير من الأعمال الفنية والأدبية من سينما ومسرح وغناء ورقص شعبي إلى غير ذلك من الفنون والثقافات، فنون يعبر أصحابها عن إرث كبير يعود في أغلب الأحيان إلى آلاف السنين. تلك إذن هي ثقافة إفريقيا السمراء. ومن بين هؤلاء الذين حملوا على عاتقهم المحافظة على هذا الإرث فرقة مرزوق للتراث الشعبي ببسكرة.. مسيرة 60 عاما من العطاء أعطت خلالها الكثير ودخلت بيوت الكثيرين فأبهجتهم الفرقة التي شاركت في الطبعة الاولى من المهرجان الإفريقي الثقافي بالجزائر هاهي اليوم تسجل ثاني مشاركة لها بعد أربعين سنة في نفس التظاهرة. ''الحوار'' استغلت فرصة تواجد الفرقة ببسكرة قبل انتقالها إلى الجزائر العاصمة للمشاركة في المهرجان الثقافي الإفريقى الثاني، وكان لنا مع رئيسها السيد عبدالكريم بلخير هذا الحوار الشيق. بودنا أن تعطينا نبذة عن فرقة مرزوق قبل أن تصبح جمعية؟ تأسست الفرقة في 1950 وهذا برئاسة السيد سوداني مرزوق الذي سميت الجمعية مؤخرا على اسمه، ويعتبر رائد الفلكلور لمدينة بسكرة أو منطقة الزيبان بصفة عامة. كانت هذه بداية الفرقة، أما أول مشاركة رسمية لها فقد كانت بمناسبة الاحتفال بعيد الزهور سنة 1953 بمدينة بسكرة. وواصل السيد سوداني مرزوق رحمه الله مسيرة الفرقة إلى غاية المهرجان الإفريقي الأول بعد استقلال الجزائر وبالضبط سنة ,1969 وقد كانت هذه بشرى خير على الفرقة وعلى أعضائها الذين كانوا آباءنا وأجدادنا. بعد ذلك واصل المشوار إلى غاية وفاته سنة 1985 وتولى الرئاسة من بعده ابنه الفنان المرحوم سوداني جلول، وبعدها بمدة فكر في تأسيسها كجمعية ذات طابع ثقافي، وكان له ذلك حيث عقدت جمعية عامة سنة 1993 وتأسست جمعية مرزوق للتراث الشعبي برئاسة سوداني جلول. ما هي أهم المشاركات الوطنية والدولية للفرقة؟ شاركت الفرقة في العديد من المهرجانات الوطنية التي أقيمت ببسكرة وفي ولايات أخرى من الوطن فالفرقة كانت على الدوام حاضرة، ونذكر من بين هذه المهرجانات مهرجان السياحة الصحراوية والذي يعتبر مهرجانا دوليا وقد أقيم بالجزائر العاصمة. أما على المستوى الدولي فإن الفرقة لها عدة مشاركات دولية خاصة في أوروبا كمهرجان ''ويليم كينيدي'' بإنجلترا ومهرجان ''فيف فيستيفل'' بإيرلندا الشمالية، بالإضافة إلى مشاركتها في الحفلات في كل من بلجيكا وسويسرا وأكثر من عشرة مهرجانات شاركت فيها الفرقة في فرنسا نذكر منها ''الموسيقى الشرقية'' بسان فلورنس ''ليالي رمضان'' بباريس، وقد كان للفرقة عمل مشترك مع الفرقة الفرنسية ''لا بروتون'' التي جاءت الى الجزائر وقمنا بالتنسيق معها. كما نظمنا حفلات في براست ونونت وغيرها أما في الجزائر فقد أقمنا حفلات في كل من العاصمة ووهران. هل حققت الجمعية ما تصبون إليه أم أن الطريق ما زال طويلا؟ نحن نطمح للكثير وكلما حققنا هدفا نطمح إلى تحقيق المزيد. هدفنا الأساسي يتمثل في أن يصبح للجمعية صيت عالمي والحمد لله وصلنا إلى هذا المستوى، لكننا نطمح إلى تجاوز أوروبا إلى آسيا وهناك اتصالات في هذا السياق. صحيح أن لنا مشاركات دولية، لكن هذا لا يكفي ما دامت هذه المشاركات محصورة في أوروبا فقط. الشيء الثاني هو أن تترسم أيام مرزوق للتراث الشعبي التي وصلت إلى الطبعة الرابعة، وهذا كما وعدتنا السيدة وزيرة الثقافة، حيث ستصبح هذه الأيام مؤسسة ثقافية ويكون لها حضور قوي وتنتقل إلى أن تصبح مغاربية. ونطمح إلى أن تصل نغمة مرزوق إلى كل ركن من أركان المعمورة. هل من عراقيل أو مشاكل تواجه جمعيتكم؟ لا أستطيع القول إن هناك عراقيل، لأن جميع الأبواب مفتوحة للجمعية، فكلما طرقنا بابا فتح لنا بصدر رحب خاصة من جانب السلطات المحلية ببسكرة. فلم نجد أي تقصير والحمد لله. إذن أنتم تتلقون دعما محليا؟ ؟؟في حقيقة الحال ليس هناك أي دعم محلي وإنما عندما نود القيام بتظاهرة أو أي نشاط نطرق الأبواب فنجد من يدعمنا، أما إذا كنتم تقصدون دعما محددا فلحد الآن لا يوجد. كانت الجمعية تتلقى دعما في السابق إلا أنه لا يرقى إلى نشاط الجمعية ويعد ضئيلا جدا. ونحن الآن بصدد البحث عن يد مساعدة حقيقية لكي نقدم ما هو مخزن. فمثلا عندما قدمنا ملفا لتنظيم مهرجان أيام مرزوق للتراث الشعبي والذي أقيم مؤخرا لم نكن نملك أي رصيد مالي، ولكن بعدما اتصلنا بالسلطات المحلية من ولاية ومديرية الثقافة وبلدية بسكرة قدم كل طرف مساعدته الخاصة لنا قدر المستطاع. هل لديكم اتصالات بجمعيات أخرى محلية وطنية أو دولية؟ بطبيعة الحال هناك اتصالات حثيثة مع جمعيات أخرى على مستوى الوطن، وذلك بعد الاحتكاك الذي يتم عند مشاركتنا في الحفلات أو المهرجانات، والدليل على ذلك أننا لما استدعينا بعض الفرق ودون مقابل كانوا مستعدين ووقفوا معنا لآخر لحظة. اتصالاتنا دائمة وهناك من الجمعيات من أقمنا معها توأمة. أما على المستوى الدولي فهناك فرقة معروفة وهي فرقة ''باتريك سولار'' التي تضم أساتذة وعازفين في نفس الميدان تقريبا، ولنا معهم أعمال عديدة خارج الوطن، وكان من المقرر أن تشارك هذه الفرقة الفرنسية في فعاليات أيام مرزوق للتراث الشعبي في طبعتها الرابعة والتي نظمت الشهر الفارط، إلا أن الظروف المادية حالت دون ذلك. وماذا عن مشاركتكم في الطبعة الثانية للمهرجان الإفريقي؟ فيما يخص المهرجان فهذا يهمنا كثيرا، الأمر الأول هو لأن أجدادنا الاولين وآباءنا أعضاء الفرقة الأوائل، كانوا حاضرين في المهرجان الأول وبالتالي أوصونا بالمشاركة في مثل هذه المهرجانات. والأمر الثاني هو كون المهرجان إفريقيا بأتم معنى الكلمة وطابع الفرقة يقترب نوعا ما من الطابع الإفريقي لذلك تحمسنا له كثيرا، كما أن أصل أعضاء الفرقة إفريقي وبالتالي تم حمل الثقافة الإفريقية وصقلها بتعديلات بحكم الاحتكاك مع الثقافات الأخرى. ونستطيع ان نؤكد أننا نحافظ على النغمات والإيقاعات الإفريقية وخاصة اللباس الذي هو إفريقي مئة بالمئة، ورثناه عن آباءنا وأجدادنا. وستشارك الفرقة بثلاثين عنصرا وقمنا بعمل فني يمكن أن يكون له صدى واسعا في هذا المهرجان.. ألبسة أفريقية، عربية إفريقية، إيقاعات مختلفة وآلات كثيرة، ولكن الوزارة راسلتنا وطلبت منا إيفاد خمسة عشر عنصرا فقط. وماذا عن قصة العتروس؟ عتروس سيدي مرزوق هو رمز للقبيلة في القديم، كان الأجداد الأولون يجوبون به كل المنازل، وحسب المعتقدات القديمة فإن هذا العتروس كلما دخل منزلا وخرج منه إلا وأخذ منه سوء الحظ ''الوكسة''، وهكذا دواليك إلى أن يتم زيارة كل المنازل آخذا معه كل ''الوكسات'' ثم يأخذ بعيدا ويذبح، وبالتالي يتخلص سكان تلك المنطقة من سوء الحظ بنحر هذا العتروس. وما زالت هذه العادة تمارس ولكن بشكل مختلف ومن دون معتقد للحفاظ على الطابع الاحتفالي الفلكلوري لفرقة مرزوق. ما هي الرسالة التي توجهونها للأجيال؟ فيما يخص التراث أقول إنه من لا ماض له لا حاضر له والتراث الشعبي هو موروث ثقافي نحث كل الشباب على المحافظة عليه، خاصة الجمعيات المختصة في هذا الميدان وذلك لجعل هذا الموروث قبلة لكشف الستار عن ماضينا من عادات وتقاليد على مستوى الوطن، لأنه جزء لا يتجزأ منا.