منذ بداية التمرد الحوثي والحكومة اليمنية تتردد في اتهام إيران بتحريكه ودعمه عسكرياً، ساعة تتهم طهران، وأخرى تتحدث عن تحقيقات لفهم الموقف. وحين تطور التمرد ووصل إلى الأراضي السعودية، أثير جدل عما إذا كانت طائرات حربية سعودية عبرت الحدود لمهاجمة مواقع المتمردين الحوثيين في الأراضي اليمنية، ام أن الطيران السعودي نفذ غارات في ارض سعودية لإرغام الحوثيين على التراجع. والجدل أثير من دون شكوى يمنية من المشاركة السعودية المفترضة. لا شك في أن التمرد الحوثي راهن على تاريخ من التوتر بين اليمن والسعودية في قضية الحدود، وهو رهان خاسر، اذ ان تطابق وجهتي نظر البلدين حيال الأحداث الجارية أكد ان التوتر بينهما في قضية الحدود اصبح جزءاً من التاريخ، وأن أمن البلدين بات مسؤولية مشتركة، ولكن ما ليس مفهوماً هو التعتيم على تضامن البلدين وتعاونهما عسكرياً ضد التمرد الحوثي المدعوم من إيران. لماذا يجامل السعوديون واليمنيون ايران؟ وهل المصلحة السياسية تقتضي هذا الموقف ؟ من يقرأ تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية سيجد أن الرياض سعت على الدوام إلى منع تأزيم العلاقة مع إيران. حتى حين تورطت طهران بأعمال إرهابية ضد أميركيين على الأراضي السعودية، لم تفصح الرياض عن المعلومات التي تدين إيران، خشية استهدافها، وتحملت الرياض نزق الإيرانيين في مواسم الحج، وعالجت كثيراً من المواقف بصمت وهدوء. لكن السياسة الإيرانية لم تتغير، وظلت تصدّر شعاراتها وأزماتها الى دول الخليج العربي. ان التعتيم على التعاون العسكري بين السعودية واليمن في مواجهة التمرد الحوثي بحاجة إلى معاودة نظر، وهو يتطلب موقفاً إعلامياً مختلفاً، واستثمار الحرب الجارية لتكريس هذا التضامن العربي ضد إيران، وتحويل التمرد الحوثي - الإيراني الى شعار لتتويج العلاقات اليمنية - السعودية، وتوجيه رسالة الى إيران مفادها أن أمن البلدين ليست له حدود، وأن الاعتداء على صنعاء اعتداء على الرياض. لا بد من استغلال وحدة المشاعر بين السعوديين واليمنيين، والاحتفاء بهذه النتيجة وعدم مداراتها. نعم السعودية تدعم اليمن عسكرياً، ويجب أن يظهر ذلك بكل وضوح في وسائل إعلام البلدين.