قبل يوم من طي صفحة فعاليات الطبعة الرابعة من مهرجان جميلة العربي، وصل إلى الصرح الحضاري بجميلة أصوات صداحة أتت من عمق تونس الخضراء صنعت الفرجة، وأضاءت ليالي جميلة في ليلة ذهبية فلكلورية شعبية ربطت ثقافة البلدين الجزائروتونس في حفل متميز، أبطاله ثلة من الفنانين نسجت أصواتهم في تناغم الألحان والكلمات تعالت من فوق المسرح الروماني بكويكل الأثرية حكاية وحياكة تعبق بالفن الأصيل وعذب الألحان. كانت الليلة التاسعة من بين أنجح ليالي جميلة لهذه الدورة، ولعل قرنفلة السهرة ويسامينها هي تلكم الغنية عن التعريف بمشوارها الفني المتميز والمحافظة على كل ما هو أصيل، الفنانة نبيهة كروالي التي تسعى إلى مد جسور التواصل مع جيل الفنانين الذي تنتمي إليه من دول الجوار والوطن العربي، فغنت للحب كما غنت للجمال، ولم تنس إعادة خير ما غناه عمالقة الفن الجزائري فبالأحمر استقبلت الجماهير وبالأزرق بدأت حفلتها بأداء أغنيتها ''يا لزرق ''وبالأبيض أرادتها ليلة بيضاء بتحطيمها الرقم القياسي في مدة الحفل التي امتدت إلى الثانية صباحا. ومن أبرز ما جادت به قريحة هذه الفنانة المتميزة بعد أدائها لأغنية ''يالزرق''، عرجت المغنية على رائعة ''هز عيونك'' المتجدرة في عمق تونس الباهية المحافظة على أصالة الفن الجميل، ومن الواضح أن عدد من المطربين الجزائريين سبق أن أعادوا تلك الأغنية على غرار المطرب كاتشو، ثم أدت الفنانة كراولي أغنية ''عبد القادر يا بوعلام'' وهو العمل المجهول والمعلوم أصله في آن واحد باعتبار أن الفنانين التونسيين يعتبرونها إبداعا تونسياوالجزائريين يقولون إنها من تأليف وكتابة وتلحين جزائريين، لكن رغم كل الاختلاف الا أن غناءها يبدو كافيا لامتاع الجمهور دون النظر الى هوامش الأفعال. كما غنت من التراث التونسي القديم بتأديتها لأغنية ''ساعد'' التي تمتد لأغنية ''يا جاري يا حمودة '' في قالب تراثي ممتع وبناء متكامل للكلمات والمعاني، جعل الكل ينغمس فيها بالساحة الأثرية للمهرجان، ولأن الفنانة بدت جد متأثرة بالحاج رابح درياسة حيث ارتأت أن تعيد بعضا من أغانيه بداية من ''الممرضة'' التي تعتبرها من أحسن الأغاني التي أعجبتها طيلة مشوارها الفني، ومن الأغاني التي أدتها كذلك ''على بالي'' و''مبروكة تتبرى'' وهما أغنيتان من التراث التونسي القديم والذي تغنى به كبار الموسيقيين قبل الفنانين من تونس وغيرها، لتختتم سهرتها برائعة رابح درياسة ''نجمة قطبية'' بعد أن رشحت نفسها نجمة السهرة التاسعة بلا منازع، واستطاعت كسب الجمهور الذي لم يبخل رغم الوقت جد متقدم من السهرة. هذا وكان قبل ذلك الرباعي الجزائري عزيوز رايس، ممثل الأغنية الشعبية، وسمير تومي، سفير الطابع العاصمي، والصالح العلمي محبوب السطايفية والطابع السطايفي، دون نسيان مدللة الأعراس الشابة يمينة، قد تداولوا على الركح وصنعوا بهجة كبيرة زادت من رونق اللوحة الفنية الساحرة، التي تميزت بها ليلة ما قبل الاختتام، ولأننا نحاول دائما فرض التميز في تغطياتنا لم نرد أن نمر مرور الكرام على السهرة الثامنة، التي كانت جزائرية محضة من أداء فرقة ''جمعاوي أفريكا'' التي أدت من أغانيها ''الله ياسيادنا'' ''جبال'' وأغنية ''ماما'' من الألبوم الجديد المطروح هذه الصائفة، ليفسح المجال للفنان الجزائري الصاعد خريج مدرسة ألحان وشباب ''عبدالله كرد'' الذي أدى باقة متنوعة من الأغاني العربية والجزائرية، فكانت البداية بأغنية ''ابعثلي جواب'' لكوكب الشرق أم كلثوم وأغنية ''يا شادلي''، وقد وعد الكرد محبيه بأغنية منفردة خلال الأيام القادمة بعنوان ''التقينا'' للمؤلف ''أمين دهان''. وبصوت قوي ودافئ يعتبر نسخة طبق الأصل خالد حاج براهيم أطلق أغاني الراي على إيقاعاته الخفيفة من على ركح قوس كركلا الشاب ''الطيب'' الذي أدى أغاني خالد على غرار ''طوالو جنحيك، بختة، ديدي''، لتعتلي المنصة مطربة الأغنية القبائلية ''حسيبة عمروش'' التي عرجت على جميع الطبوع الجزائرية منها السطايفي بأغاني ''زوالي وفحل، عندي وحدة يسموها لالا'' إلى جانب الأغنية القبائلية والشرقية حيث أدت أغنية ''خليك هنا'' لأميرة الطرب العربي وردة الجزائرية وأغنية ''أنا الباكي'' لحسين الجسمي، كما كرمت الفنانة حسيبة عملاق الأغنية الشعبية المرحوم الحاج الهاشمي قروابي بأغنية ''البارح''، ليختم نصر الدين حرة السهرة بتأدية جملة من الأغاني على غرار ''العوامة'' وأغنيتين من ألبومه الجديد.