من شعره يخرج شعر آخر.... ومن حلمه يخرج حلم آخر.. عشق القهوة مثلما عشق النضال والكلمة وفلسطين .. ''القهوة لا تشرب على عجل ..القهوة أخت الوقت ..تحتسى على مهل ..على مهل .. القهوة صوت المذاق ..صوت الرائحة ..القهوة تأمل وتغلغل في نفس محمود درويش وفي ذكرياته ..القهوة عادة تلائمها بعد السيجارة عادة أخرى هي : الجريدة ..مسه ما مسه من حماسة .. وواصل الفضاء المحتل .. والبحر المحتل .. وجبل الصنوبر المحتل قصف الهواجس الأولى وسيرة خروج آدم من الجنة ،المتعدد في سيرة خروج لا تنتهي.. ما عاد لمحمود درويش جسد .. وما عاد له وطن .. الجسد كله والوجود كله للقصف ..قصف أناشيد المدائح وحوارات الموت المتحركة في دم كالضوء يحرق أسئلته الباردة .. ينزل الشاعر متكئا على جرادة.. حطت جرادة أخرى خائفة على حضنه ..ارتدت عفة الخوف من الطائرات لتحتك بما يحك .. قال لها مازحا وناصحا : هذا يوم لا نهاية له ..عندهم ألف طائرة تستطيع القيام بعشرة آلاف غارة، واذا واصلت الرد على كل غارة بهذا الاحتكاك ،فإنه سيجف ، وسيصير رجلا مثمودا ..والتفت إلى الشاعر: ''قل لي لماذا تندلع شهوات الفتيات في أسوأ الحالات؟ أهذا هو وقت الحب الخاطفة ..يتعاون جسدان عابران على صد موت عابر آخر هو موت العسل ..'' عاوده السؤال ..عاوده الكلام .. هل يعرف خبراء صناعة الابتزاز؟ ما معنى هذا اليأس ..ما نتائج هذا اليأس؟ لا نقول ابتزازا مضادا .. ولا نهدد بسقوط الهيكل علينا وعلى أعدائنا وعلى حلفائنا ولكننا نشهر حريتنا الوحيدة ووطننا الوحيد على مائدة المفاوضات: إن تقاتل .. صوت يشذ على الأصوات المألوفة ، لا لأنه أقوى بل لأنه مختلف وبعيد .. صوت يسرق المكان ويهرول ..صوت يقص الفضاء ويحدث تجويفا في الضوء ..كم أحب هذا المكان المهدد منذ البداية أراده أن يكون نصا من نصوص مجلة ..حروفا بنية مطبوعة على ورق أصفر .. وما يكاد يسند رأسه إلى مرفق يده اليسرى في انتظار فنجان القهوة حتى يجد نفسه خارج المكتب .. رفعه دوي الانفجار كما هو بقلم الحبر والسيجارة ووضعه سالما أمام المصعد .. وجد وردة في قميصه ..بعد دقيقة حاول العودة إلى مكتبه الذي اختفى بابه وتحول إلى ساحة من زجاج مكسور وورق متطاير وتراب متناثر كما فلسطين ..''كل ما أصاب مكتبي أصاب فلسطين ''... عن نص ذاكرة للنسيان