زبيار املريك'' واحدة من أكبر المكتبات الأرضية والإلكترونية المتواجدة بمدينة ألبي بمقاطعة تولوز بالجنوب الغربي لفرنسا، مكتبة تحاول الحفاظ على وجودها في ظل انتشار خطر محرك البحث غوغل الشبح الذي ظل يهدد وجود آلاف المكتبات الأوروبية من خلال مشروعه القاضي بتحويل ملايين الكتب المطبوعة أرشيفا رقمياً ووضعها في متناول العامة. مشروعٌ ضخم كان سيتم البدء بتنفيذه قريبا لولا احتجاجات بعض الناشرين والكتّاب، من أوروبا وفرنسا تحديدا، خوفاً من تبعاته الاقتصادية والتاريخية والثقافية، وخصوصا تلك المتعلقة باحترام حقوق المؤلف المادية والمعنوية. تخوّف أوروبا، بدءا بفرنسا، من سيطرة الأميركيين على المعلومة الثقافية ومن احتكارهم امتياز الوصول إلى المنتج الثقافي وتوجيههم قراءات الأجيال المقبلة، دفع بمدير مكتبة ''بيار املريك'' لاتخاذ قرار الانضمام إلى مشروع المكتبة الوطنية في فرنسا والقاضي بتأسيس مشروع أوروبي مماثل لمشروع غوغل، يتعلق الأمر بمكتبة رقمية أوروبية والذي خصصت له ميزانية 250 مليون أورو ويشارك فيه إلى جانب فرنسا كل من إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وبولونيا وهنغاريا، وسيرفع المشروع قريبا إلى الاتحاد الأوروبي بغية التعجيل في إقرار شروطه وقوانينه. بيار املريك.. فضاء للمعرفة تطورت مكتبات اليوم كثيراً عما كانت عليه في الماضي؛ وذلك بسبب التعدد والتنوع في محتوياتها وتباين هذه المحتويات من حيث مجالات التخصص. وتعد مكتبة ''بيار املريك'' بمدينة ألبي واحدة من هذه المكتبات التي تصارع من أجل الحفاظ على بقائها ومكانتها ضمن المكتبات الفرنسية والأوروبية وكذا الأمريكية، ولاسيما بعد ظهور المنافس الأمريكي غوغل الذي أصبح يشكل خطرا على جل المكتبات الإلكترونية. قادتنا جولتنا الصغيرة إلى مكتبة ''بيار املريك'' الأرضية للتعرف على أهم مكنونات هذا الفضاء الإعلامي والثقافي البارز بهذه المنطقة، حيث تحتوي هذه المكتبة بجانب الكتب، على المجلات والصحف اليومية والمنشورات والأُسطوانات وأشرطة التسجيل وأفلام الفيديووالصور الفوتوغرافية والميكروفيش وبرامج الحاسوب والرسومات والقطع الموسيقية والخرائط. هذا بالإضافة إلى الكتب القديمة والهشة التي يصعب تداولها ومطالعتها والتي تعتبر كنزا عند جماعات الكتاب والمؤرخين وخبراء الأصول، كما لها فضاء رقمي يهتم بالكتب الرقمية الإلكترونية. مجموعات قديمة نادرة تعود إلى القرن ال16 تأسست مكتبة ''بيار املريك'' في جانفي 2001 وهي تحتفظ بمجموعات قديمة نادرة هامة يقدر حجمها ب300 ألف وتضم في مخزنها نحو 14 ألف كتاب قديم من بينها 463 مخطوط و71 وثيقة و275 منشور يعود إلى القرن ال16 أثناء حكم هنري الرابع. بجانب تعدد المحتويات، تقدم المكتبة الخدمات في مجال المعلومات والترويح، كما تلبي احتياجات البحوث للطلاب والباحثين ووكلاء الإعلان والعاملين في الخدمات المصرفية والمحامين والأطباء والمعلمين والعلماء. لا تمد المكتبة روادها بالكتب فحسب، بل تساعدهم في البحث عن متطلباتهم والإجابة عن تساؤلاتهم، واستعارة ما يحتاجونه من خلال نظام برامج الاستعارة بين المكتبات. وتوفر المكتبة الخدمات المرجعية وخدمات المعلومات ويمكن للأشخاص المسجلين بها استعارة كتب ومجلات، كتب سمعية بصرية، أقراص مضغوطة ولعب دي في دي مجانا بالنسبة للقاطنين في ذات البلدية، بينما يفرض على غير القائمين بها بدفع مبلغ مالي قدره 23 أورو. ولم تضع إدارة المكتبة شروطا محددة بخصوص الإعارة الخارجية لمنتوجاتها إلا فيما يتعلق بالكتب والمجلات، فهي تضع مهلة 4 أسابيع كأقصى حد للإعارة ويمكنها تمديد المدة حسب اقتراح الطالب شرط أن يكون طلب التمديد أياما قبل نهاية الموعد. ومن بين شروط الإعارة الخاصة بالمكتبة أيضا، يمكن للأشخاص المسجلين بها إعارة 6 أقراص مضغوطة، 3 أفلام، 3 أفلام وثائقية والتي حددت مدة إعارتها بأجل أقصاه أسبوعين. املريك روضة للأطفال وتنوير لعقول الكبار هناك تطور واضح في مكتبة ''بيار املريك'' من حيث الشكل والتصميم والتأثيث والإضاءة وطريقة تنظيم الأرفف مما يُسهل مهمة الدارس والباحث ويحبّب إليهما القراءة. حيث إنها توفر الوسائل التكنولوجية الحديثة والحاسوب الذي يصل إلى 13 جهاز موفر في فضائها يُسهل الرجوع إلى المراجع والكتب. يحتم ارتفاع نسبة السرقات استخدام جهاز أمني متقدم وفعّال، ومن بين الشروط التي تفرضها إدارة ''بيار املريك'' حفاظا على حقوق التأليف والمؤلف هو أن يخضع تصوير المستندات للقوانين التي تمليها حقوق الطبع حتى لا يُستعمل التصوير وسيلة لعدم شراء الكتب والمواد المطبوعة. تخصص المكتبة فضاء للأطفال وآخر للشباب والكبار. القسم الخاص بالأطفال صمم بطريقة مغرية ومثيرة، حيث أضفت تلك الملصقات الملونة، ونماذج مباني الأطفال الصغيرة والأثاث في جذب الأطفال إلى هذا القسم. وتراعي مكتبة الأطفال الجاذبية والإثارة والتمشي مع متطلبات الأطفال الحيوية، كما ترتب الدورات والنشاطات الصيفية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 12 سنة. أما خدمات الشباب فتركز المكتبة في هذا الجزء على المواد المهنية والرياضية والأسفار، ويكون المسؤول عنها مُلماً بأمور الشباب واحتياجاتهم، وله المقدرة على تنظيم الأنشطة التي تناسب ميولهم وهواياتهم. في حين أن خدمات الكبار وتمشيًا مع روح العصر يهتم هذا الجزء بتعليم الكبار وبالمواد التي تشغل وقت فراغهم؛ فتحرص على توسيع أنواع المعرفة التي تقدمها الكتب، وتشمل التقاويم والأطالس الجغرافية والموسوعات والمطبوعات الحكومية، والآداب الحديثة والقديمة... إلخ. إدارة املريك.. مهارة وخبرة فائقين تحتاج إدارة مكتبة ''بيار املريك'' إلى مهارة وخبرة فائقتين، تتمثل في المواصفات الشخصية التي تؤهل العامل في هذا المجال للتخاطب والتعامل مع كل الفئات والأعمار والمستويات. وعادة ما تكون هناك لجنة للمكتبة، بالإضافة إلى كبير أمناء المكتبة الذي تقع على عاتقه مهمة تحضير الميزانية، ورسم خطة عمل المكتبة، والحفاظ على العلاقات الضرورية، والبعد عن التيارات التي من شأنها التأثير على سير العمل والتحكم في المواد، ويكون معه عادة عدد من المساعدين حسب حجم المكتبة.