إن مرحلة استجلاب معية الله هي الحلقة الأضعف في حياتنا . فكثيرا ما تنسينا القدرات والخبرات والمواهب الخاصة مرحلة استجلاب معية الله . كثيرا ما نعتمد على مواهبنا وننسي الواهب . كثيرا ما نعتمد على قدراتنا وننسى القادر . كثيرا ما نعتمد على قوتنا وننسى القوي . وهنا نخسر الكثير . ففي يوم حنين بذل المسلمون الجهد في إعداد المدد المادي الهائل : العتاد , العدد ,العدة , الكثرة في عدد الجند حتى اكتمل الهيكل العام للجيش على صورته المبهرة . حتى دخل العجب لقلوب البعض فقالوا : زلن نهزم اليوم من قلة '' . أنستهم القوة والعدة مرحلة استجلاب معية الله. أنساهم العدد والعتاد الاتكال علي الله . أنستهم قدراتهم البشرية استجلاب معية الله والاتكال عليه وحده لا على تلك الأسباب . لقد أتقن المسلمون يوم حنين مرحلة الإعداد ولم يتقنوا مرحلة الاستجلاب فكانت الانكسارة . كانت الانكسارة التي كان لابد منها لتعي الأمة أن مرحلة استجلاب معية الله من المراحل التي لا غنى عنها في حياة الأمم والإفراد والجماعات . كما وأنها سند كل إنسان في هذا الوجود مهما كانت قدراته ومواهبه . و رسولنا صلي الله عليه وسلم وهو صاحب المواهب والقدرات التي لا تحصى ولا تعد إضافة إلى كونه المؤيد بالمعجزات , والمزود بالكاملات, والمحلى بالمدد الرباني كان دائما ما يردد : ''اللهم لا تكلني إلي نفسي طرفة عين ولا ادني من ذلك '' . فالخذلان أن يكلك الله إلي نفسك ويخلي بينك وبينها . والتوفيق ألا يكلك الله إلي نفسك ولا يخلي بينك وبينها . كما يقول ابن القيم رحمه الله . وإذا كانت مرحلة استجلاب معية الله هي الحلقة الأضعف في حياتنا كما قلنا . فيجب على علماء الأمة ودعاتها وأهل الخير فيها أن يسعوا جميعا - كل في مجاله - إلي معالجة هذا الداء وتضميده وترميمه عند أبناء المسلمين . وليبذل كل غيور من أبناء هذه الأمة الجهد إلى أن تبصير الأمة بكيفية إتقان فن استجلاب معية الله حتي لا نندم . حتي لا نندم على أمر عظيم كندم يوم حنين . ولا على أمر صغير كندم جحا الذي قرر ذات يوم شراء حمار. واخذ يخبر كل من يقابله عن نيته في الذهاب إلي السوق غدا في الصباح الباكر لشراء حمار . فنصحه احدهم: بأن يا جحا قل إن شاء الله . قل إن شاء الله غدا سأشتري حمارا . فرد عليه جحا بثقة الواثق من قدراته والمعتمد على مواهبه : ولماذا أقول إن شاء الله ؟! دنانيري في جيبي وما أكثر الحمير في الأسواق . وفي اليوم التالي ذهب جحا وعاد من السوق مطأطئ الرأس , خالي الوفاض بدون حمار. فسألوه : أين حمارك يا جحا ؟ فقال : إن شاء الله سرقت كل دنانيري . طارق حسن السقا