يطل ''وليام شكسبير'' من خلال نصه المسرحي '' بنات لير'' منتصف الشهر الجاري على جمهور مسرح بشطارزي بالجزائر العاصمة عبر رؤية إخراجية جديدة لسيد أحمد قارة في اقتباس عن تراجيديا ''الملك لير''. يدور موضوع المسرحية الأصلي حول الملك لير الذي جمع بناته الثلاث بعد ان تقدم به العمر ليسألهن عن حقيقة حب كل واحدة منهن له فتعبر ابنتاه ''جونريال وريغان'' عن حبهما الشديد وقالتا انه يفوق كل حب في الدنيا. أما ابنته الصغيرة كورديليا فقد عبرت بصدق وواقعية عن حبها له عندما قالت إنها تحبه كما ستحب زوجها. موضحة أن أختيها غير صادقتين فيما قالتاه لأبيهما. ليدخل سيد احمد قارة من خلال علاقة الفتيات بابيهن في خليط من التناقضات الإنسانية بعيوبها. ويظهر النص ضعف النفس البشرية عندما يكشف النقاب عن مساعي كل من البنتين في خلع أبيهما عن الحكم وابداله بأزواجهما بل وتذهب المسرحية إلى ابعد من هذا حين تكشف خيانة بنتا الملك لير لزوجيهما. وعلى الرغم من سودوية النص إلى انه اظهر الجانب الإنساني الطيب في الفتاة الصغيرة التي أثبتت أنها مخلصة في حبها لأبيها وزوجها معاً وهي التي تموت في سبيل حرية أبيها. لتكون النهاية لصالح الشر على حساب الخير. وربما هي النهاية التي كانت سببا في اعتبار مسرحية ''الملك لير'' من أعقد التراجيدبات المسرحية العالمية لوليام شكسبير والتي اعتبرها بعض النقاد من أسوء وأعقد التراجيديات لأنه كان يمر بمرحلة صعبة في حياته فانعكس ذلك على ما قدمه. وقد كانت هذه الانتقادات، حسب المخرج المسرحي الجزائري سيد أحمد قارة، محفزا له لإعادة صياغة المسرحية وإعادة عرضها فوق الخشية برؤية إخراجية عصرية مع الحفاظ على روح النص الأصلي والذي يتخلى ضمنه عن شاعرية شكسبير ليعوضها بالتعبير الجسدي للممثلين إضافة إلى توظيف تراجيديا الموقف ضمن 22 مشهدا مسرحيا. كما يوضح سيد أحمد قارة أنه اعتمد على مسرح الورشة في انجاز العمل حيث يلتقي رفقة فريق العمل لإعادة كتابة شخصيات المسرحية ومنحها حياة أخرى غير تلك الموجود في النص الأصلي، مشيرا إلى انه لم يبتعد عن روح شكسبير ولكنه أعطى الأهمية أكثر لبنات الملك اللواتي سيصبحن بطلات العمل الجديد، وهو السبب وراء اختيار المخرج للعنوان ''بنات لير'' لأن السلطة ستكون بيد الفتيات. واعتمد المخرج في تجسيد العمل على الفنان حليم ريبيع، طارق بوعرعار، مراد أوجيت، منيرة ربحي وثلاثة طلبة من معهد برج الكيفان، وستكون الكوريغرافيا من إمضاء سليمان حابس، بينما سيوقع الموسيقى الفنان زامي محمد . والجدير بالذكر أن مسرحية ''بنات لير'' تعد ثالث إنتاج مسرحي للمسرح الوطني بعد مسرحية كيشوت للمخرج شوقي بن بوزيد، ومسرحية ''نزهة في الغضب'' للمخرج جمال قرمي التي ستعرض في الأيام القليلة القادمة.