لا أتمنى البتة أن يكون فيلم ''الخارجون عن القانون'' لرشيد بوشارب، والذي ينافس به أحسن الأفلام الفرنسية المرشحة لنيل جائزة مهرجان ''كان'' الدولي للسينما، ويمثل به الجزائر التي دخلت المنافسة بعد غياب دام سنوات طويلة، أن يكون على شاكلة ''انديجان''، على الرغم من أن فيلم ''السكان الأصليون'' قد تمكن في زمانه من حصد العديد من الجوائز وفي العديد من المهرجانات، إلا أن ''انديجان'' لمن شاهدوه وتابعوه ثم حللوه وأتقنوا رصد توجهاته وأفكاره وحتى هفواته ''المتعمدة أو غير المتعمدة'' وجدوه ''غير مقنع''، فالفيلم الذي سرد مشاركة أكثر من 340 ألف جندي مسلم في تحرير فرنسا من بطش النازية الألمانية لم يكن ''منصفا'' بالفعل، ولم يصنع من الجزائريين والمغاربة عموما ممن شاركوا في الحرب العالمية الثانية والذين جندتهم فرنسا عنوة ''أبطالا'' قررت الحكومة الفرنسية إعادة الاعتبار لهم بصرف مستحقاتهم المالية كاملة ''دون مقابل''، ولم تكن فرنسا ممثلة في جاك شيراك آنذاك لتعيد النظر في قراراتها بعدما كان تاريخها قد أغفل ولحقبة زمنية طويلة ملف المجندين ''الأجانب'' في مستعمراتها القديمة من سبيل ''الرأفة'' ولا ''التحية''.. إلا بعدما حرفت قصة الفيلم بعض الحقائق التاريخية والتي لها مفعول مغاير لو أدرجت حقا في سيرورة وقائع العمل السينمائي الذي وجده الأغلبية ''ناجحا''، فمن مغالطات الفيلم محاولة بوشارب إيهامنا بأن الذين تنقلوا لمجابهة الغزو الألماني كان تجنيدهم ''اختياريا''، والحقيقة تؤكد أنهم أجبروا على ذلك، حقيقة تاريخية ثانية حرفها مخرج الفيلم تقول إن الذين سافروا عبر واحدة من أكبر البواخر الحربية كانوا ضمن مسافري الدرجة الثانية ولم يكن ينقصهم شيء أو هكذا صورهم الفيلم، والحقيقة تقول إنه تم الزج بهم ك''الأغنام'' في تلك الحرب القذرة وداخل تلك الباخرة التي سلمتهم إلى بارئهم عند وصولهم ضمن أول من خاض مواجهات عنيفة في منطقة ''الألزاس'' الفرنسية ضد الألمان. أن يصنع فيلم ''انديجان'' ضجة إعلامية غير مسبوقة وأن يقدر على تحويل قرارات وتعليمات أي وزير أو مسؤول بالحكومة الفرنسية فذلك أمر رائع، لكن أن يتم ذلك على حساب التاريخ والحقائق والوقائع وهو ليس كلامي فحسب بل أتذكر جيدا البلبلة التي أحدثها العرض الأولي للفيلم هنا في الجزائر وبالتحديد في قاعة ''ألجيريا'' لدى قدوم بوشارب شخصيا منذ 3 سنوات تقريبا.. سئل أثناءها عن أسباب الخدش التاريخي. ''الخارجون عن القانون'' تكملة متوقعة ل ''إنديجان''، أحدث حتى قبل أن ينال أي تكريم ضمن فعاليات مهرجان ''كان'' الدولي ضجة وسبقا سينمائيا، جعل أحد أعضاء البرلمان الفرنسي يعرب عن قلقه إزاء مشاركة الفيلم في تخريب العلاقات الجزائرية الفرنسية وتوترها، بسبب تصوروا... مغالطات تاريخية يحملها الفيلم .. لأنه.. لا يمثل فرنسا، مغالطات نعتبرها تصحيحا لما فات.