أحيت مدينة بياتشنزا الإيطالية يوم الأربعاء الماضي ذكرى فقدان عناصر طاقم طائرة الشحن التابعة للخطوط الجوية الجزائرية الثلاثة الذين ضحوا بأنفسهم منذ سنتين لتفادي تحطم طائرتهم على منطقة سكنية. وأطلقت السلطات المدنية لمدينة بياتشنزا وعلى رأسها عمدتها روبرتو ريجي على ساحة تقع بشارع فيا مارجيولي أسماء كل من القائد محمد عبدو والطيار محمد الطيب بدرينة والضابط الميكانيكي الملاح مصطفى قديد، كما أقامت نصبا تذكاريا على شرفهم. وأعرب ريجي الذي اتصلت به وأج عن '' عرفان كل سكان المدينة للطيارين الجزائريين '' . وذكر بأن طاقم طائرة الشحن من نوع لوكهيد L-283 التي كانت تقوم بالرحلة رقم AH 8022 بين الجزائر وفركنفورت الألمانية '' تحلى بالشجاعة ورباطة الجأش اللازمتين '' لقيادة طائرتهم في وضع حرج '' نحو المكان الوحيد حيث كان يمكن تفادي وقوع ضحايا '' . وحسب رواية الحادث التي تناقلتها الصحافة المحلية، فبعد ملاحظتهما عطب أحد المفاعلات الأربعة لطائرتهم في سماء بياتشنزا قام القائد عبدو والطيار بدرينة بتحويل الطائرة نحو المكان الوحيد الخالي من السكان بين الطريق السريع وأحد الأحياء الأكثر كثافة سكانية بضاحية المدينة. وكانت وسائل الإعلام حينها قد أشارت إلى أن عناصر طاقم الطائرة الثلاثة '' رفضوا القفز من الطائرة وهي على وشك التحطم مفضلين التضحية بحياتهم عوض العيش بضمير يؤنبهم بسبب القتلى الذين كانوا قد يخلفون لأن التخلي عن الطائرة وتركها تتحطم بهذه المنطقة من جنوبميلانو ذات الكثافة السكانية الكبيرة كان سيخلف العديد من الضحايا '' . ولازال الإيطاليون يتذكرون بألم حادث تحطم طائرة عسكرية فوق مدرسة بنواحي بولونيا (شمال) يوم 6 ديسمبر 1990 بعد انقذاف طيارها مما خلف 12 قتيلا من بين التلاميذ و74 جريحا. وأضاف ريجي أن '' ما يجب أن نحتفظ به من هذا الحادث هو القيم الإنسانية التي تتجلى من مثل هذه التصرفات '' . وأردف بإعجاب أن '' روح الإنسانية '' هذه هي التي دفعت بطاقم الطائرة الجزائري إلى التضحية بالنفس من أجل إنقاذ حياة سكان أبرياء ببياتشنزا. وفي كلمة بهذه المناسبة حيى الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الجوية الجزائرية عبد الوحيد بوعبد الله تفاني طاقم الطائرة وخصالهم الإنسانية الكبيرة. وأضاف قائلا '' نحن نقف وقفة ترحم على أرواح ثلاثة من أفضل قائدينا فهم أعزاء على ذويهم وعلى أقاربهم وكذا على شركة الخطوط الجوية الجزائرية '' . كما أعرب الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الجوية الجزائرية عن أسفه لبقاء أسباب هذا الحادث مجهولة على الرغم من مرور سنتين على وقوعه ولكون فقدان قائدي الطائرة والميكانيكي الجزائريين '' يبقى لغزا بالنسبة للجميع '' . وألح قائلا '' كلنا من مسؤولي الشركة وأولياء نأمل أن يتم تسليط الضوء على هذه المأساة '' . وكانت طائرة شحن تابعة للخطوط الجوية الجزائرية من نوع لوكهيد 130-C L-283 التى كانت تقوم بالرحلة رقم AH 8022 بين الجزائر وفرانكفورت (ألمانيا) قد تحطمت في 13 أوت 2006 على الساعة السادسة و15 دقيقة مساء بتوقيت غرينتش (19 سا و15 د بتوقيت الجزائر) بمقربة من مدينة بياتشنزا جنوبميلانو (إيطاليا). وكان طاقم الطائرة على اتصال ببرج المراقبة لميلانو إلا أن الاتصال انقطع لأسباب مجهولة عندما كانت الطائرة بصدد الهبوط إلى غاية 13.500 قدما (4.100 متر)، حيث بدا أن طاقمها كان يحاول تفادي عاصفة قوية اجتاحت المنطقة. وبدقائق قليلة قبل الحادث يكون قائد الطائرة قد أخطر المراقبين بفقدان السيطرة على أحد أو عديد مفاعلات الطائرة. وكان للحادث وقعا كبيرا جدا حيث تحطمت الطائرة كليا وتناثرت أجزاؤها الملتهبة على مساحة شاسعة حسب صور الحادث التي لا تزال متوفرة على شبكة الأنترنت.