قرر المطرب الشعبي وقائد جوق بالإذاعة الوطنية عبد القادر شبيرة العودة إلى الفن، بعد أن غاب عنه لسنوات، بقوة من خلال الحفلات الفنية وطرح ألبوم جديد في غضون السنة الجارية. ويكشف لنا شبيرة في هذا ''الحوار'' عن الأسباب الحقيقية التي دفعته إلى اعتزال الساحة الفنية. كما يقدم رأيه بصراحة حول التسميات الجديدة التي أصبحت تطلق على الفن الشعبي الأصيل ك''نيو شعبي'' أو الشعبي المعاصر وأمور أخرى يحدثنا عنها شبيرة في هذا اللقاء. بعد غياب دام سنوات يعود شبيرة إلى الساحة الفنية بقوة، ما هو جديدك لصيف 2010 ؟ سيصدر لي قريبا ألبوم غنائي يحتوي على ست أغانٍ في نوع الشعبي المعاصر، منها ''يا مرسول غاول بجوابي''، ''لما جابت يدو يقول السعد خان بيا''، ''الوالدين''، ''صباح النور'' وكل مواضعها مستمدة من واقع المجتمع الجزائري، وهي أغانٍ معادة في شكل جديد، وهي من كلمات وتلحين محبوباتي. وهل لنا أن نعرف سبب هذا الغياب؟ توقفت عن أداء الأغاني وليس الغناء، فالفن ساكن في دمي واستوطن جسمي، وعليه لا يمكن الاستغناء عنه، إنما بقيت في ركن ما في بيت الفن الجزائري، أراقب حركته والمستوى الذي وصل إليه. بعدها قررت العودة مرة ثانية إلى الفن حتى أصحح ما يجب تصحيحه رفقة زملائي الفنانين لننقذ الفن الجزائري من الأوحال، ونعطيه صبغته الأصيلة. هدفنا هو جعل هذا الطابع يتواصل مع الأجيال القادمة وأن يجد مكانه بين مختلف الطبوع الفنية الأخرى التي غزت الساحة الفنية الجزائرية. كنت من بين الفنانين الذين أعربوا عن رفضهم للتسميات المشاعة التي تطلق على الفن الشعبي الأصيل كنيوشعبي والشعبي المعاصر... لماذا ترفض هذه التسمية ؟ وأين يمكن أن نصنف شبيرة ضمن هذه التسميات؟ الاختلاف يكمن في الفرع فقط والأصل يبقى ثابتا. بمعنى أن ذلك الذي يسمى بالشعبي المعاصر لا يخرج في حال من الأحوال عن الشعبي القديم الذي أسس أركانه أعمدة هذا الفن في بلادنا وعلى رأسهم الحاج محمد العنقى، الباجي وغيرهم. لكن ما يميز الشعبي المعاصر يكمن في أن هذا اللون الذي يعد جزءا من الشعبي يعتمد على آلات موسيقية مستحدثة وجديدة مثل السانتي، القيثار الكهربائي...آلات غير تلك التي عهدناها في الطابع الشعبي الذي كان يرتكز على آلة العود والبيانو والدربوكة والبنجو. لكن صيغة ومحتوى هذا الطابع يقيت على حالتها الأولى ولم يمسس بها، باعتبارها روح الأغنية الشعبية العاصمية، ولهذا ندعوه بالفن الشعبي الذي ينبع من الفن الأندلسي الأصيل الذي اكتسح الوسط الاجتماعي الجزائري خاصة مدينة القصبة العتيقة. هل نفهم من قولك إن هذا التجديد هو تمرد على الشعبي الأصيل الذي أسسه الباجي والعنقى والحاج مريزق؟ لا إطلاقا، أنا أديت طابع الشعبي منذ كنت شابا يافعا، وقد أديت تقتوقات وقصائد مطولة، أشهرها قصيد بعنوان ''زهر الربيع'' في ، .1978 وقبل هذا التاريخ كنت أحيي حفلات الأعراس، حيث كان المطرب الشعبي مطلوبا بكثرة في سنوات السبعينيات والثمانينينيات،على اعتبار أن العرس الذي يخلو من نغمة الشعبي ليس له أي طعم أو ذوق، وبقي هذا الفن يتواصل مع مرور الأجيال وأكسب أصحابه شهرة فائقة. لكن ومع مرور الوقت وظهور موجة الفن الحالي، بات من الضروري تحيينه وضبطه وجعله يتماشى مع ذوق المتلقي الجديد الذي أضحى يميل إلى الأغاني الخفيفة الراقصة، هنا رأى محترفو هذا الطابع أنه من الأهمية بماكان تطوير هذا الفن وجعله في متناول الجيل الجديد حتى لا يندثر ويصبح مغمورا وتتعالى عليه بقية الطبوع الأخرى، فيفقد توازنه بين المتلقين. وعليه أدخلت عليه بعض التعديلات في شكله وليس في جوهره، كبعض الآلات كما سبق وأن أشرت، ثانيا تقليص الزمن الذي تؤدى فيه الأغنية التي كانت تستغرق في السابق مدة زمنية طويلة تصل إلى الساعتين، ووصلت اليوم إلى عشر دقائق أي الانتقال إلى ما يسمى ب ''الأغنية القصيرة'' اقتصادا في الوقت وحفاظ على ذوق المستمع، وكذا تغيير ريتم الأغنية أي جعلها خفيفة تتوافق مع موجة شباب اليوم الذي يميل إلى الطبوع الخفيفة. هل تعتقد أن الشعبي بدأ يفقد شعبيته ومكانته مقارنة بتلك التي كان يحظى بها سابقا؟ بالعكس، لو نقوم بعملية سبر آراء في مختلف ربوع الوطن سنجد أن فن الشعبي هو الأكثر شعبية ويتصدر المرتبة الأولى في سلم التنظيم الفني في الجزائر، لا لشيء إلا لأن هذا الطابع الأصيل الذي يعبر عن آهات وأوجاع الناس لم ولن يزحزح من على عرشه وأنه باق كما أراد له أن يكون مؤسسه، وأقول إن الشعبي المعاصر النابع من الشعبي الأصيل أو العتيد له جمهور عريض ومطلوب لحد الساعة لإحياء حفلات الأعراس كما في السابق تماما. ن. س