تنظم قبائل عربية وأمازيغية متجاورة بالمغرب مرة كل عام في مهرجان شعبي يسمى ''الطوايط''، وتتناوب القبائل الضيافة والاستقبال فتتكفل إحداها باستقبال الأخرى حيث استقرت هذا العام على أن تتكفل القبيلة الثانية بالأمر نفسه العام الموالي. ومن المنتظر هذه السنة أن تستضيف قبيلة أولاد بورزين العربية بمنطقة أربعاء السهول قبيلة ''جناتن آيت علا'' الأمازيغية طيلة خمسة أيام بدأت يوم 15 من الشهر الجالري ويجسد هذا الموسم السنوي لحظات الحرب والعداوة ثم الصلح والتآخي حيث وقعت القبيلتان وثيقة أخوة وحلف توارثها الأحفاد عن الأجداد منذ أكثر من ثلاثة قرون ولا تزال بعض بقاياها محفوظة عند المسنين. عمر مهرجان ''الطوايط'' أكثر من ثلاثة قرون وقد وضع حدا لحالة الحرب بين القبائل حول الأرض. وحسب توضيحات أدلى بها كبار السن من الرجال في المهرجان، فإن ''الطوايط'' و''طاطا'' مصطلح متوارث يشير إلى الأخوة الدائمة بين عائلات بأكملها من كلا القبيلتين، والتي صار بموجبها ''التوارث بين الأسر حلالا بل واجبا والتصاهر حراما إلى يوم القيامة''، وفي هذا الصدد أوضح الدكتور نور الدين بلحنشي عضو بلدية السهول وابن المنطقة أن المهرجان وضع حدا لحالة الحرب التي كانت قائمة بين القبائل حول الأرض والماء والمواشي، مضيفا أن الروايات المتوارثة بين الناس تتحدث عن أخوة بالرضاعة بين القبائل اقترحها علماء وحكماء القبيلتين، فأرضعت نساء قبيلة أطفال القبيلة الأخرى، ثم وثقوا الحلف والأخوة في وثيقة، أما عن الطقوس التي تتم بها هذه العادة الشعبية فتقوم القبيلة المستضافة في العراء قبيل انطلاق الحفل، وفي الصباح الباكر ''تزحف'' على القبيلة المستقبلة في صفوف متتابعة والنساء يرددن أغاني الأخوة والعودة، وفي الجهة الأخرى يصطف النساء والرجال مرددين أغاني الترحاب والضيافة ثم يبدأ مشهد تمثيلي يجسد فترات الحرب ثم التفاوض ثم توقيع عهد الأخوة والسلام، فيخلع الجميع أحذيتهم ويمشون على الشوك والتراب ورؤوسهم منحنية إلى أن يتبادلوا العناق والقبل فيما بينهم، ثم ييسير الجميع في موكب واحد نحو الخيام المعدة سلفا. ويصر على حضور المهرجان، الذي تنظمه القبيلتان دون مساعدة السلطة، أفراد من مدن مختلفة بالمغرب لهم ''طاطاتهم'' في هذه القبيلة أو تلك، وتتكفل بالجانب التنظيمي فرق تسمى ''عبيدات الرمى'' وهي فرق فنية تنشط المهرجان من أوله إلى آخره ويتوارثها الأبناء عن الآباء. وحسب بلحنشي، فإن هذه الفرق كانت تحرض الجيوش وتبث فيهم الحماسة، كما كانت تقوم بدور المحرض في عملية مطاردة الصيد. وتعتبر ''الحفرة'' أهم خصائص المهرجان، وهي مكان صغير توضع فيه جميع المفقودات والأشياء الضائعة في الموسم مهما كانت قيمتها. ويعتقد الناس أن الحفرة مقدسة وأنها تفضح كل من عثر على شيء ثم لم يضعه فيهاويتداولون فيما بينهم قصصا لأفراد انفضح أمرهم بسبب سرقاتهم. ويسود الأمان طيلة المهرجان فلا يخشى أحد عن نفسه أو أمواله طيلة مدة المهرجان. وللحفرة وظيفة أخرى لدى الفتيات إذ تقف الراغبة في الزواج أمامها سائلة الله أن يمن عليها بزوج صالح في القريب العاجل.كما يتم تسطير برامج ثرية تتوزع بين ألعاب الفروسية وسهرات فنية لعبيدات الرمى وتبادل الزيارات بين العائلات وذبح الذبائح وإكرام الضيوف وهي فرصة للتضامن والتآزر بين أبناء القبلتين.