ما يعرفه التاريخ عن اليمن وقد لا يعرفه البعض أن هذا البلد كان منبع الحضارات ومنه بدت الهجرات الإنسانية القديمة واستوطنت دول الشام والدول العربية بشمال افريقيا ،وباليمن قامت العديد من المماليك التي لا يعرفها الكثير،كما كان اليمن يسمى وقتها ببلاد اليمن السعيد لازدهاره في ذلك الزمن، ويقال أيضا أن أرض اليمن هي أرض سام بن نوح. أما يمن هذا الزمن فقد أصبح اسمه يقترن بالحروب الأهلية التي عصفت به، وكأنها تنتقم منه لدوره الحضاري وتاريخه العريق في تصدير كل تلك الحضارات ، ما جعل يمن هذا الزمن ارض تجارب وثورات لما يشهده من نزاع قبلي وصراع سياسي سلطوي في الجنوب وفكري عقائدي بما تمثله ويزعمه تنظيم القاعدة في هذا البلد، وكلها حروب هامشية ليس إلا ، الشعب وحده فيها من يدفع الثمن والخاسر الأكبر، وان تمكن الرئيس علي عبد الله صالح ونجح في استتباب الأمن النسبي لما يفوق العقد من الزمن، فإن الكثير وللأسف من المؤشرات توحي بان اليمن الذي نريده سعيدا ربما قد يذهب بعيدا عنا، وذلك لما يعصف به من مشاكل داخلية تساندها مشاكل خارجية ناتجة عن الوضع الاجتماعي المتردي ،وهي الأسباب الرئيسية التي يراها البعض أنها القشة التي قسمت ظهر البعير أو ستفعل به، ومنها على سبيل الحصر وحسب ما علله البعض الآخر، هي الحكومة الفاشلة، والرؤوس الدخيلة، التي تشتري وتبيع في قضايا اليمن لمصالح شخصية منتفعة بها اجتماعيا، رؤوس لها أجندات متعددة منها التاريخية و الدينية حتى ، تعمل على توجيه الشعب بعيدا عن المصلحة العليا للوطن ويقصد بالرؤوس هنا شيوخ القبائل المنضوية تحت لواء الحكومة، وكذا بعض من زعماء الحركات السياسية الداعية إلى التغيير . ربما تكون هذه هي الأسباب التي تنخر عظام اليمن لتبقى من الأسباب الأخرى التي تحول دون أن يقوم ويقف شامخا، غير تلك الخفية وهي دور اليمن وحسه القومي اتجاه الأمة العربية وما يتحلى به هذا الشعب من حب وتعلق دائم بعروبته ووقوفه المستمر ومواقفه الثابتة حيال القضايا القومية، فقد تجد في الشعب اليمني الروح العربية القومية العقائدية الدنيوية تسبق الروح العقائدية الدينية، واستعداده الدائم للدفاع عنها ولا يقبل أو يتقبل أن يتبوأ احده مكانته التاريخية، ولا يؤمن حتى بأن العروبة ولدت بأرض أخرى غير أرض اليمن، لذلك يحاول الحفاظ على دوره الحضاري العربي و وحدته المرجعية العربية . فما أن تعصف مشكلة بأي قطر عربي إلا ويهب الشعب اليمني متظاهرا في الشوارع، مناصرا لأشقائه في ذلك القطر، ولعل أهم ما قام به هو استضافته واحتضانه للملايين من الشعب العراقي وخاصة كبار القادة العسكريين والسياسيين الرافضين للاحتلال الأمريكي في العراق، وهذا موقف يحسب صراحة للرئيس اليمني على عبد الله صالح الذي رفض المساومة عليه في العديد من المرات ، وربما هو سبب من الأسباب الأخرى القوية التي يدفع اليمن ثمنها اليوم غير اتهامه بإنتاج الثوار وتصدير الثورات .