يتوجه تفكير طلبة الجامعات ذكورا وإناثا مباشرة بعد انتهاء السنة الدراسية إلى البحث عن فرصة عمل يكسبون بواسطتها بعض المال يمكنهم من تغطية مصاريفهم الزائدة خلال العطلة الصيفية وتوفير جزء منه لاقتناء الكتب تحسبا للدخول الجامعي المقبل، فلا يفوتون فرصة الاطلاع على آخر الإعلانات الخاصة بعروض العمل في الجرائد اليومية أو طلب الوساطة من الأصدقاء والأقارب حتى يسهلوا عليهم مهمة البحث وتكون لهم حظوظ أكبر. تتبادر في أذهان العديد من المواطنين مع اقتراب حلول فصل الصيف أسئلة كثيرة حول كيفية قضائهم للعطلة والأماكن التي سيقصدونها من شواطئ البحر والمخيمات الصيفية التي يشعرون فيها بالراحة والاستجمام وما مقدار الميزانية التي سيصرفونها من أجل نسيان تعب السنة وتجديد طاقاتهم، لكن بالمقابل نجد شبابا وخاصة طلاب الجامعات يمضون السنة الدراسية بأكملها وهم يفكرون في طريقة للعثور على وظيفة تساعدهم على كسب مصروف إضافي، فباعتبار المدة طويلة فإنهم بحاجة ماسة إلى المال حتى يتمكنوا من تغطية نفقاتهم طوال العطلة دون أن يكون عليهم طلب ذلك من أوليائهم، فهم يجدون في الأمر حرجا كبيرا، ولذلك فالوسيلة المثلى التي تجنبهم ذلك هي البحث عن أي عمل ومهما كان نوعه يدر عليهم بالمال، فليس شرطا أن تكون الأجرة مرتفعة لكن بالمقدار الكافي الذي يسمح لهم بالشعور بالاستقلالية الاقتصادية. وتختلف وجهاتهم فالبعض تجذبه نسمات البحر العليلة ليحاول على رماله الذهبية التنقيب بأية طريقة عن لقمة عيشه وآخرون يسعين إلى التجارة وغيرها من الأساليب الرامية إلى تحقيق ذاتهم. العمل على شواطئ البحر عزاء لبعض الطلبة يقصد بعض طلبة الجامعات خلال العطلة الصيفية شواطئ البحر، ولا يتعلق الأمر ببحثهم عن الراحة والاستجمام وإنما بغرض الاسترزاق وربح المال، فبالنسبة إليهم فإن هذا المكان باعتباره الوجهة المفضلة للعديد من المصطافين فإنهم يجدونه فضاء مناسبا للعمل وضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، فتتنوع الطرق وتختلف وكل حسب إمكاناته. فهناك من يلجأ إلى كراء المظلات الشمسية للعائلات التي تبحث عن جو عائلي، حيث تخصص لها مساحات مع توفير طاولات وكراسٍ وذلك مقابل مبلغ من المال لا يتجاوز 500 دج للزبون الواحد. وفي هذا الشأن يقول ''كمال'' طالب سنة ثانية تخصص اقتصاد إنه طوال السنة وهو يفكر في البحث عن عمل، ولم يجد من وسيلة أفضل من التوجه إلى شاطئ البحر نظرا للإقبال عليه في فصل الصيف، حيث قام بكراء المساحة التي خصصها لوضع طاولاته، ليقوم بكراء المظلات والكراسي للمصطافين الذين يتوافدون على ذلك الشاطئ، فبالنسبة للمظلة الشمسية فإن سعر كرائها لوحدها يقدر ب 200 دج، أما الطاولة والكراسي فب 500 دج وهذا طوال الصائفة، حيث يتقرب وصول العائلات ليقوم بإغرائها بحسن الاستقبال والأسعار المغرية وأنها لن تجد أفصل من ذلك المكان. أما ''إسماعيل'' فهو أيضا طالب سنة ثالثة تخصص علوم الإعلام والاتصال، فهو يعتبر العمل ضروريا له حتى يساعد نفسه على الحصول على مصروف إضافي، كما يضيف أيضا أنه يحتاج إليه حتى يجمع المبلغ اللازم الذي سيصرفه على إنجاز مذكرة نهاية الدراسة وما تتطلبه من مصاريف زائدة، وبالنسبة ل''جمال'' فهو يعتبر البحر أجمل مكان يمكن أن يقصده خلال الصيف للاسترزاق، فحتى لا يفوت فرصة الاستمتاع بزرقته، فهو يفضل أن يبيع مستحضرات الاحمرار ''البرونزاج'' وبعض المأكولات الخفيفة كالبسكويت حتى يجني بعض المال خاصة أنه يعد الاابن الأكبر في عائلته وتلزمه عدة أشياء وبما أنه اجتاز شهادة البكالوريا هذه السنة فهو يأمل أن يلتحق بالجامعة هذه السنة ولذلك فهو لا يريد أن يكلف والديه عناء مصاريفه. وفي حديثنا مع ''أسامة''، طالب سنة ثالثة طب، أكد لنا بأنه معتاد كل موسم اصطياف على العمل على شواطئ البحر من أجل كسب بعض المال، وبما أنه يحب الموسيقى فقد وجد الفرصة سانحة ليتمكن من توظيف موهبته في عرض الأغاني عبر ''الديسك حوكي''، حيث يقوم بوضع مختلف الطبوع الغنائية والموسيقى الصاخبة حتى يمتع المصطافين ويزداد إقبالهم على ذلك المكان. والبيع في المحلات يستهوي الطالبات تعرف المحلات بشتى أنواعها مع حلول موسم الاصطياف توافدا وتسابقا من طرف الزبونات أغلبهن طالبات ممن يبحثن عن عمل مؤقت يكسبن منه بعض المال خلال العطلة نظرا لطول مدتها، وبالتالي كثرة متطلباتها ومصاريفها خاصة بالنسبة للفتيات اللواتي يبحثن دائما عن التجديد والتغيير في مظهرهن الخارجي والبقاء في صورة أنيقة وجميلة، فتجدهن يفتشن من محل لآخر عساهن يجدن لافتة في الواجهة تطلب بائعة أو يطلبن المساعدة من صديقاتهن وأقاربهن حتى يجدوا لهن عملا في محل ما. وتعتبر محلات بيع الملابس الأكثر طلبا من طرف الطالبات، فما من محل تلج إليه إلا وتجد به شابات هن طالبات جامعيات من مختلف الأعمار والتخصصات يستقبلن الزبائن بكل حفاوة وبإبتسامة عريضة تبعث على الارتياح والرغبة في العودة مرة أخرى إلى ذلك المكان وجعل الإقبال كبيرا عليه. وتعتبر ''أمينة'' طالبة سنة ثالثة فلسفة بجامعة بوزريعة عينة من الطالبات اللائي رفضن إضاعة عطلتهن في اللهو، مفضلة بذلك العمل للحصول على المال الذي تساعد به عائلتها. ولأنها لم تيأس من البحث فقد استطاعت أن تجد وظيفة كبائعة بمحل الملابس للنساء بشارع ''ديدوش مراد '' بالعاصمة وقد انطلقت في العمل منذ حوالي 15 يوما، وهي تحس بالرضى لأنها ستتعلم المسؤولية والاعتماد على نفسها ولا يهم بالنسبة إليها المبلغ الذي ستجنيه والذي يقدر ب 8000 دج شهريا إذا كانت ستكتسب خبرة تفيدها في المستقبل. وينطبق الأمر كذلك على ''سهام'' طالبة بنفس التخصص سنة ثانية التي استفادت بفضل إعلان في الجريدة من التوظيف في أحد المحلات للألعاب ببئر مراد رايس، وهي تكسب مبلغ 10 آلاف دينار شهريا وتعتبره كافيا لسد حاجياتها خلال عطلة الصيف. أما بالنسبة ل''كريمة'' طالبة سنة رابعة بكلية الحقوق ببن عكنون فهي الأخرى قررت خلال الصائفة أن تبحث عن فرصة عمل وبعد إصرارها وجدت عملا بمحل للألبسة الصينية بشارع محمد بلوزداد ''بلكور''، حيث تقوم بمساعدة البائع هناك على عرض أسعار السلع باللغة العربية للزبائن الوافدين على المحل. هكذا إذن يمضي طلاب الجامعات الذين يريدون تذوق طعم المسؤولية عطلتهم الصيفية، فلا مجال للراحة أو النوم لساعات طويلة طوال النهار وإنما همهم الوحيد هو السعي وراء الدينار والتحرر من قيود الأولياء. ولا يقتصر عمل الطلاب على شواطئ البحر والبيع في المحلات بل نجدهم في كل مكان لأنهم يؤمنون بأن العمل جد ومثابرة وهو أيضا عبادة.