تواجه الأم العاملة، مع بداية كل صيف ومع بدء إغلاق دور الحضانة، مشكلة تتكرر كل عام وهي البحث عن مكان آمن تضع فيها أطفالها الصغار. فأغلب دور الحضانة المتواجدة في الجزائر تأخذ إجازتها الصيفية في شهر جويلية من كل عام، كما أن هناك بعضا من هذه الدور تغلق أبوابها قبل ذلك بكثير، وهو ما يضع الأم في مأزق البحث عن بديل. تضطر ظروف العمل الكثير من الأمهات إلى وضع أبنائهن في دور الحضانة التي استطاعت إنقاص الكثير من القلق الذي ينتاب الأم وهي تحاول جاهدة البحث عن حل او مكان آمن تترك فيه رضيعها أو طفلها الصغير. وتلجأ الأمهات العملات إلى حلول مختلفة وخيارات متعددة إما إلحاق الأطفال بإحدى دور الحضانة أو الاستعانة بأهلها وإبقاء الطفل لديهم وهو ما قد يسبب ضغوطا أكبر عليها. لكن أكثر ما يثير خوف الأمهات هو موعد غلق دور الحضانة في الصيف وهي الفترة التي لا تجد فيها الأمهات بديلا يمكنها وضع أطفالها فيه، أولا لقلة هذه الأماكن وثانيا لعدم قدرة الطفل على التكيف بسهولة مع وضعه الجديد. ومن بين الأمهات اللاتي أثر عليهن غياب دور الحضانة في الصيف السيدة ''أميرة'' من برج البحري بالعاصمة أم لطفلة في الثالثة من عمرها تقول إنها فوجئت بغلق دار الحضانة التي تضع فيها ابنتها في بداية شهر جوان الماضي ووقعت في مشكلة البحث عن بديل يرعى ابنتها. وتضيف السيدة أميرة انها واجهت الكثير من المشاكل في البداية مع رفض ابنتها البقاء عند جدتها والتأقلم مع وضعها الجديد، وهي تتساءل عن سبب غلق دور الحضانة مبكرا، وهو الأمر الذي يخلق العديد من المشاكل للأولياء ويؤثر حتى على نفسية الاطفال كثيرا. أما السيدة ''فائزة'' من باب الزوار فترى أن غلق دور الحضانة مع انعدام البديل زاد من مشاكل الأم العاملة سواء داخل الأسرة أو في العمل، حيث تضطر العديد من الأمهات الى الهروب مبكرا من أماكن العمل أو التأخر في الالتحاق بها، وهناك من الأمهات من تأخذ أبناءها معها إلى أماكن العمل. وترى السيدة ''فائزة'' أن هناك العديد من الحلول التي يمكن لأصحاب دور الحضانة اتباعها وتجنب الغلق التام للدار، من خلال اتباع نظام التناوب وتقسيم المعلمين إلى مجموعات تعمل خلال فترة العطلة الصيفية بالتناوب. غلق دار الحضانة مسألة تنظيمية تؤكد السيدة ''بلعيد'' مديرة إحدى دور الحضانة بالعاصمة، أن غلق دور الحضانة في فصل الصيف مسألة تنظيمية وتخضع للنظام الداخلي لكل دار، فأغلب دور الحضانة يتم غلقها في شهر جويلية من أجل أشغال الصيانة والتنظيف، وهو أمر يربك الأولياء. لكنهم يدركون منذ بداية السنة من خلال اطلاعهم على القانون الداخلي لدار الحضانة أن فترة العطلة تبدأ في شهر جويلية، وهو ما يجعلهم يبحثون عن الحل البديل مبكرا وقد وصلتنا عدة شكاوى من الأولياء إلا أننا نؤكد في كل مرة أن نظام المؤسسة لا يسمح لنا بتمديد فترة الدراسة أكثر من ذلك. جليسات الأطفال حل مؤقت ومكلف انتشرت في السنوات الأخيرة مهنة مجالسة الاطفال بشكل محسوس خاصة في فترة العطلة الصيفية، حيث يتم غلق أغلب دور الحضانة، وترى العديد من الفتيات في هذه المهنة فرصة لكسب مبالغ من المال، وهو ما جعلها تحظى بإقبال كبير منهن مثلما تلقى اهتماما لافتا من قبل عديد العائلات ولاسيما تلك المقتصرة على زوجين يشتغلان طول الوقت، حيث يكثر الطلب على ''المربية'' أو ''جليسة الأطفال'' وتلجأ الأسرة الى وضع أطفالها لدى مربية داخل منزلها لعدم قدرة العديد منهم على إيجاد حل أمام غلق دور الحضانة. وبهذا الخصوص تؤكد السيدة ''فائزة'' ان الكثير من المربيات يعمدن خلال فترة الصيف الى انتهاز الفرصة وزيادة مطالبهن المالية، حيث يتراوح مبلغ رعاية الطفل بين 2500الى 4000دج في الشهر. وبما أن مهنة جليسة الأطفال لا تزال حديثة بالمجتمع الجزائري، فإنّها من المهن الحرة التي تفتقد إلى ضوابط من حيث التأمين الاجتماعي والراتب الشهري، وتجمع كثيرات على أن ''مجالسة الأطفال'' ليست من الأنشطة المهنية المصرح بها مثلها مثل مهن تمارسها النساء داخل بيوتهنّ على غرار ''الخياطة'' و''الحياكة'' التي تستهوي بنات حواء. وتختلف أسعار مجالسة الأطفال بين أسرة وأخرى، لكنها غالبا ما تتراوح ما بين 200 و300 دينار للطفل الواحد لمدة ساعة واحدة، وتبرر جليسات الاطفال ذلك بكون المجالسة مسؤولية كبيرة لا تعني حراسة الطفل عند غياب الوالدة فقط بل رعايته والعمل، على جعله بعيدا عن الأخطار المختلفة.