بسم الله الرحمن الرحيم شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..'' ''...رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ..''. يقول الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- ''..أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فينزل الرّحمة ويحط الخطايا، ويستجيب فيه الدّعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه ويباهى بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فان الشقيّ من حرم فيه رحمة الله عز وجلّ...''رواه الطبراني.. مرحبا..أهلا وسهلا بشهر رمضان الكريم، شهر الرّحمة وعبير المغفرة، شهر العتق من النار، مرحبا بشهر الجود والهبات والصدقات والأعمال الصالحات ''..إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنّم وصفّدت الشياطين...'' شهر كان سلفنا الصالح ينزلونه في النفوس منزلة خاصة، وفي الجزائر كان يحظى باستقبال عظيم قلّ نظيره، كان سلفنا يكثرون تلاوة القرآن ويتدارسون معانيه، يقومون بأعمال البر والإحسان، يستبشرون به ضيفا عزيزا، ويحتفلون بمقدمه سيّدا كريما ''.. أولئك آبائي فجئني بمثلهم* إذا جمعتنا يا جرير المجامع..'' كانت النسوة يجتمعن ويتهيأن له أسابيع قبل حلوله، ويغيّرن كل شيء في البيت، ويحضرن التوابل والصحون والأواني وجميع اللوازم بشكل لافت ومغري، في شهر رمضان يتجدّد نشاط الشباب ويعلنون عن فرحتهم واستعدادهم للصيّام والقياّم، رمضان كان ولا يزال مدرسة للصبر وتهذيب الروح، شهر للتحدي يصومه الكبار ويسعد بمقدمه الأطفال، شهر للتزاور والسهرات العائليّة المفيدة، شهر للتكافل واجتماع الأسر وتبادل المنافع، شهر لتجديد العهد مع الله بالتوبة الصادقة، والالتزام بطاعة الله ورسوله ''وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ''، فلماذا رمضان لم يعد يرحب بمقدمه كما كان؟، صارت تتعطل فيه الأعمال ويغيب فيه العمال، لماذا في شهر رمضان يتوقف الإنتاج، وتتغير فيه المعاملات، ولا تسمع فيه إلا عبارات الاشمئزاز والغضب والتشكي؟ لماذا صارت أيادي الأغنياء مقبوضة غير مبسوطة؟ لماذا الوجوه كالحة غير فارحة؟ لماذا الارتفاع في الأسعار وتهافت الناس على شراء المواد وبشراسة؟ أليس في الترك علاج لهذه الأسعار الملتهبة والسلوكات المنحرفة؟ حظوظ الناس في الكسب متفاوتة، وهم متقاربون في السّعادة والسقاء هذه حقيقة، وإن الثقة في النفس تجعلنا نطمئن أكثر، فالنعمة لا نعرف قيمتها حتى تزول وإننا في الحياة نتعلم وفي مدرسة رمضان نتعلم ونتطهر من الخطايا والذنوب ''..وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ..'' لابد أن نستعد لرحمة الله بالعمل الخالص لوجهه تعالى ''.. وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى..'' وأن نتذكر في هذا الشهر العظيم قوله تعالى ''..فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً..''. وفرصتنا في الشهر أن نتعلم الإحسان والتسامح ولا نسرف، فالشهر شهر عبادة وتقرب إلى الله {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ''. تقبل الله صيّامنا وقيّامنا وما قدّمنا وما سنقدم في هذا الشهر الأبر من عمل صالح فيه خير لأفراد مجتمعنا ولأمتنا ووطننا.. اللهم بلغنا رمضان .. واجعلنا من المعتوقين فيه من النار، واشف مرضانا وعافي مبتلانا واحفظنا بحفظك التام، ويسر أمورنا وارحم موتانا وتقبل أعمالنا كلها وتجاوز عن سيئاتنا واجعلنا من المعتوقين في شهر رمضان العظيم.. واحفظ أسرة ''الحوار'' إعلاميين كتابا نقادا ومبدعين، شعراء وقصاصين وروائيّين ، قراء ومتصفحين.. آمين يا رب العالمين... وبالله التوفيق.