صيام رمضان وإن كان فرضاً على كل مكلف عاقل بالغ ، إلا أن هناك بعض العوارض والأعذار التي قد تطرأ على المكلف ، فتصرف عنه حكم الوجوب ، ويباح له الفطر حينئذ ، وربما وجب في حقه كما في حالات معينة ، وهذه العوارض هي ما يعرف ب''رخص الفطر'' أو ''الأعذار المبيحة للفطر'' ومنها: ❊ أولاً: المرض والمرض تغير يطرأ على الإنسان يخرجه عن طبيعته السوية ، وهو من الأعذار المبيحة للفطر لقوله تعالى: '' فمن كان منكم مريضًا أو على سفرٍ فعدة من أيام أخر '' (البقرة 184) ، وضابط المرض المبيح للفطر هو المرض الذي يخاف معه الضرر والهلاك ، أو يلحقه به مشقة شديدة تزيد في مرضه ، أو تؤخر برءه وشفاءه ، فهذا هو الذي يجوز الفطر معه ، ويقضي ما أفطره عند زوال عذره ، أما المرض الذي لا يلحق الصائم معه ضرر أو مشقه ، كمن به وجع ضرس أو أصبع أو نحو ذلك فلا يرخص له في الفطر . ❊ ثانياً: الكبر الشيخ الكبير والمرأة العجوز يرخص لهما في الفطر ، لعدم القدرة على الصيام ، ولا قضاء عليهما إذا كان الصيام يشق عليهما مشقة شديدة في جميع فصول السنة ، وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً ، لقوله تعالى: '' وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين '' (البقرة 184) ، قال ابن عباس : ''الآية ليست منسوخة ، وهي للشيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة ، لا يستطيعان أن يصوما ، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا'' ، ومثلهما المريض مرضاً لا يرجى برؤه ، ويشق عليه الصوم ، فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً . ❊ ثالثاً: الحمل والرضاعة اتفق الفقهاء على أنه يباح للحامل والمرضع الإفطار إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما ، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: ( إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحبلى والمرضع الصوم ) رواه النسائي وغيره ، ويجب عليهما قضاء ما أفطرتا من أيام أخر ، حين يتيسر لها ذلك ، ويجب التنبه هنا أن مجرد الحمل والرضاعة لا يبيحان الفطر في رمضان ، وإنما الذي يبيح الفطر هو خوف الحامل والمرضع على نفسها أو ولدها . ❊ رابعاً: السفر المسافر إذا لم يقصد بسفره التحيل على الفطر ، فإنه يرخص له فيه ، لقول الله تعالى: '' فمن كان منكم مريضًا أو على سفرٍ فعدة من أيام أخر'' (البقرة 184) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتقدم: ( إن الله وضع عن المسافر الصوم) ، والسفر المبيح للفطر هو السفر الطويل الذي تقصر فيه الصلاة الرباعية ، ويجب عليه القضاء بعد ذلك ، وهو مخير في سفره بين الصوم والفطر ، لقول أنس رضي الله عنه - كما في الصحيحين - : '' سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم '' ، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال : '' كانوا يرون أن من وجد قوة فصام ، فإن ذلك حسن ، وأن من وجد ضعفاً فأفطر فإن ذلك حسن ز. ❊ خامساً: دفع ضرورة يرخص الفطر - وربما يجب - لدفع ضرورة نازلة ، كإنقاذ غريق ، أو إخماد حريق ، ونحو ذلك ، إذا لم يستطع الصائم دَفْع ذلك إلا بالفطر ، ويلزمه قضاء ما أفطره ، ودليل ذلك عموم الأدلة التي تفيد رفع الحرج ودفع الضرر ، والقاعدة أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.