تتميز العشر الأواخر من أيام الشهر الفضيل عند عامة الجزائريين بطقوس متوارثة عن الآباء والأجداد ظلت راسخة الى يومنا هذا لما فيها من قدسية تميز هذا الشهر الكريم، ولاسيما الأيام الأخيرة منه والتي فيها ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر التي تصادف ليلة 27 من رمضان على أرجح الأقوال الشرعية. ''الطلوق ''يعود إلى العائلات الجزائرية.. لعل من أهم العادات المتوارثة في العشر الأواخر من رمضان والتي مازلت تمارس إلى يومنا هذا ما يعرف باسم ''الطلوق ''27 نسبة إلى ال 27 من رمضان. والطلوق هو عبارة عن مجموعة النباتات العطرية منها ''العرعار، الكمون، الفيجل، اللوبان، البخور، العنبر أو الجاوي''، حيث تقوم ربة البيت بجمع ما يكفيها لمدة عام كامل من هذه النباتات العطرية ثم تسلمها للرجل ليضعها امام الإمام أثناء صلاة التراويح طيلة العشر الأواخر، إلى ان يردد دعاء ختم القرآن الكريم في ليلة ال 27 من رمضان ثم يعيده الرجل الى ربة البيت التي تحتفظ به طيلة العام وتستعمل هذه النباتات العطرية بعد جلبها من المسجد بالأخص للمرضى حيث تضع ربة البيت قليلا منه فوق الجمر ثم يستنشق المريض الدخان، حيث تعتقد الأسر أنه يبعد العين والحسد ويقاوم السحر. ''القدري'' يجمع أهل الحي على وجبة الكسكسي كما تتسم العشر الأواخر بإقامة وجبة ''القدري'' أو الكسكس أو الطعام على مدار الأيام الفردية وبشكل منفصل إلا أن اغلب الأسر تقيمها في ليلة 27 فقط. وتتمثل وجبة القدري في إحضار وجبة من الكسكس عليه مرق وقطع لحم وتؤخذ هذه الوجبة إلى مسجد الحي أو القرية الذي يظل ممتلئا وقت المغرب طيلة الأيام المذكورة، إذ يتناول الرجال وجبة إفطارهم هناك ثم يذهبون إلى عائلاتهم لشرب الشاي. ويعتقد عامة الناس أن هذه الوجبة تدر عليهم الكثير من الخير ويطلق على هذه الوجبة اسم ''القدري''، فيما يفضل آخرون دعوة الأطفال لتناول الوجبة في شوارع الحي، وهي عبارة عن عادات ومعتقدات بدأت تندثر مع تعاقب الزمن. الختان وعقد الزواج للتبرك بليلة ال27 تفضل العديد من العائلات الجزائرية في العشر الأواخر من رمضان ختان أطفالها الصغار وإبرام عقود الزواج بالمساجد مع تأخير المراسم الرسمية الى أيام العيد، كون الكثير يتبرك بإبرام العقد في هذه الليلة المباركة كما تعقد مجالس الصلح، وهذه عادات تقرب العائلات من بعضها وتمحي الضغينة من القلوب. أطفال الشرق يحتفظون بعادات ''طاب ولامازال''.. أما الأطفال فلهم عادتهم الخاصة وتسمى عندنا ب ''طاب ولا مازال'' وهي أغنية يرددها الأطفال عند قيامهم بجولة عبر منازل الحي ومطلعها يقول: ''طاب ولا مازال.. إذا طاب هاتوه.. إذا مازال انزيدوا ساعة وانجوه''. ''وطاب ولا مازال'' المقصود بها كسرة محلية تحضرها النسوة وقت الفجر وتوزعنها ساخنة على الأطفال أثناء جولاتهم، إلا أن معظم الأسر استغنت عن تحضير الكسرة (الخبزة المحلي) وعوضتها بالمعلبات والحلويات والفول والخبز العادي والمشروبات وتوزع على الأطفال الذين يطوفون جماعات جماعات بالمساكن، ولا يترددون في دق الأبواب أو الدخول حتى دون استئذان للمنازل المفتوحة والتي عادة تترك مفتوحة، ولا يرد لهم طلب في هذه الليلة ويضعون ما يمنح لهم في أكياس قماشية أو بلاستيكية ثم يعودون إلى بيوتهم بعد إتمام الطواف حول كافة منازل الحي. ويشارك في هذه الجولات أبناء كل الأسر ثرية كانت أو محتاجة. ولكن هذه العادات بدأت تزول تدريجيا عدا ولايات الشرق التي مازالت تحتفظ بها ولكن بنسبة قليلة. أما في الأسواق فيشرع التجار في عرض مستلزمات العيد من ملابس جديدة ويكثر باعة الفواكه ومستلزمات الحلويات فيما تتفرغ ربات البيوت، طيلة الليالي الأخيرة من رمضان، لإعداد أطباق حلويات العيد لتقديمها للمهنئين صباح يوم العيد والعائلات عند تبادل الزيارات. ومن العادات التي انتشرت وبشكل كبير في الوقت الراهن خروج النساء إلى جانب الرجال إلى المساجد من أجل أداء صلاة التراويح وحتى صلاة العيد.