قد لا نبالغ إذا أطلقنا على الجيل الحالي من الأطفال والشباب لقب ''جيل الإنترنت''، فالأرقام العالمية تشير إلى أن استخدام الشباب والأطفال للشبكة العنكبوتية بدأ يتزايد بسرعة شديدة على مستوى دول العالم، والخطورة في ذلك أن الإنترنت تفتح أبواب الإباحية بكل صورها أمام هذه الشريحة الهشة من مستخدميها، نتيجة غياب الضوابط الأخلاقية، ما يجعل منها وسيلة هدم وتدمير للقيم والأخلاق والأسر والمجتمعات. كشفت دراسة مسحية أن 33 بالمائة من الأطفال مستعملي الإنترنت في الجزائر تلقوا عروضا استغلالية من شبكات إجرامية ومنظمات عالمية مختصة في الدعارة والمتاجرة بالأطفال عبر شبكة الإنترنت ، في حين أثبتت دراسة علمية أخرى أن 65 بالمائة من الشباب الجزائري مدمن على المواقع الإباحية. أسفرت دراسة علمية إحصائية أجرتها الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث شملت ألف طفل جزائري موزعين على عدد من الابتدائيات والإكماليات والثانويات المنتشرة عبر التراب الوطني، عن اصطدام 40 بالمائة من المبحوثين بمواقع تديرها شبكات عالمية تحترف الدعارة عبر الشبكة العنكبوتية في حين تلقى 33 بالمائة من المبحوثين عروضا استغلالية بعد حصول منظمات دولية على أسمائهم وعناوينهم الإلكترونية. ودعا مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، الحكومة للتنسيق مع المجتمع المدني وجمعيات أولياء التلاميذ لوضع خطة وطنية لحماية أبنائنا من مخاطر الشبكة العنكبوتية سواء خلال الاستعمال المنزلي أو في مقاهي الأنترنت، مشيرا إلى أن غياب الرقابة الأبوية يفتح المجال أمام الشبكات الدولية المختصة في استغلال الأطفال عبر شبكات الأنترنت من اصطياد القصر الجزائريين. وشدد خياطي على أن إصدار المشرع لترسانة من القوانين لحماية الأطفال من الجرائم الإلكترونية المحّتملة لن يحمي أبناءنا من الشبكات الدولية التي تنشط في الشبكة الافتراضية إن لم نكوّن الأولياء ومحيط الأطفال على التقنيات الحديثة لمرافقة القصّر أثناء استعمالهم للتكنولوجيات الحديثة التي تبقى سيفا ذا حدين، على حد تعبيره. كما أثبتت دراسة مماثلة أنجزها مركز التدريب الإعلامي بالجزائر شملت 50 مقهى للأنترنت بالعاصمة، أن 65 بالمائة من الشباب الجزائري مدمن على المواقع الإباحية بحجم ساعي لا يقل عن 3 ساعات يوميا، حيث يطبق 90 بالمائة من المقبلين على هذه المواقع ما يشاهدونه من صور إباحية، بينما يكتفي 10 بالمائة في التفكير فيما شاهدوه. وطرحت هذه الدراسة العديد من الأسئلة أهمها من ينقل فضائح بناتنا في الإقامات الجامعية على شبكة الأنترنت ومن يقف وراء تمويل هذه المواقع الإباحية ويسيرها من الداخل والخارج. وأحصت نفس الدراسة 150 موقع إباحي الأكثر تداولا بين الجزائريين، حيث طالب سعد ساعد مدير مركز التدريب الإعلامي بالجزائر الجهات الوصية بإدراج هذه المواقع في القائمة الحمراء في إطار تنظيم قاعات ومواقع الأنترنت في الجزائر. ميثاق خاص بحماية الأطفال في الفضاءات الإلكترونية وقاعات الأنترنت شددت مجموعة من الأخصائيين في مجال رعاية شؤون الأسرة والطفل على مدى خطورة الاستخدام المنفرد للأطفال لشبكة الأنترنت التي تجعل منهم في غالب الأحيان عرضة للوقوع ضحية لاعتداءات جنسية فيما بعد، وقدموا عرضا لمختلف المخاطر التي قد تهدد الأطفال في هذا الفضاء الذي يعرف إقبالا متزايدا من قبل هذه الفئة دون اطلاعهم على قواعد وضوابط التصرف فيه، كما قدموا الطرق والوسائل الواجب اتباعها لمواجهة مخاطر الانترنت على الأطفال. وأوضح المقدم بن رجم من الدرك الوطني بمناسبة التوقيع على الميثاق الخاص بحماية الأطفال في الفضاءات الإلكترونية، جملة المخاطر التي تهدد الأطفال لدى استخدامهم شبكة الانترنت، وقال بن رجم إن الأطفال عندما يطلعون على صفحات الانترنت أو يدخلون غرف الدردشة أو يشاهدون صورا وأفلاما على الخط، قد يتعرضون لمخاطر مثل الإدمان على العاب النت وما يتبع ذلك من مشاكل صحية واجتماعية خطيرة، ويكونون عرضة للوقوع ضحية الاحتيال من طرف أشخاص يستغلون براءتهم وعدم قدرتهم على التفريق بين ما هو قانوني وما هو غير قانوني، إضافة إلى تعرضهم لمشاهدة صور غير أخلاقية أو لا تليق بسنهم كالصور الإباحية أو التي تحمل العنف والكراهية والعنصرية. وبعد عرض المقدم نتائج دراسة أوروبية حديثة حول مخاطر الانترنت على الأطفال ما بين 12 و 18 سنة، أظهرت أن 70 بالمائة منهم يستخدمونها من أجل الدردشة والتسلية، وكشف عن إحصاءات السنة الماضية بالجزائر والمتعلقة بجرائم الانترنت، بوقوع 289 طفل قاصر ضحية اعتداءات جنسية سيقوا لها عبر الانترنت من بين 786 ضحية أخرى. وينص الميثاق الذي وقعت عليه كل من وزارة الاتصال والفيدرالية الوطنية لأولياء التلاميذ وموفري خدمات الانترنت، على وضع برامج مراقبة تعترض كل المحتويات الخطيرة في فضاء الانترنت كالإدمان على ألعاب النت والاحتيال عبرها والعنف وغيرها، والبريد غير المرغوب فيه، والبرامج غير اللائقة بالشباب. كما ينص على مساعدة الأطفال بصفة منتظمة حتى يتمكنوا من التعرف على القواعد الضرورية للدردشة عبر الانترنت وتطبيقها وكذا التصرف الحسن في الفضاء السيبراني، يأتي هذا الميثاق مدعوما بدليل استخدام الانترنت الذي أصدرته شركة اتصالات الجزائر والذي يضم 30 قاعدة ترشد الأطفال وأولياءهم إلى كيفية الاستخدام الجيد للنت، قسمت إلى ثلاثة أقسام: قواعد الأمان، تحذيرات من الإدمان على الانترنت وكذا تحذيرات من المواقع الخطيرة. 63 بالمائة من المراهقين يرتادون المواقع الإباحية دون إحساس بالذنب وتفيد الإحصاءات بأن 63 بالمائة من المراهقين الذين يرتادون صفحات المواقع الإباحية لا يدري أولياء أمورهم طبيعة ما يتصفحونه، وأن أكثر مستخدمي المواد الإباحية تراوح أعمارهم بين 12 و17 سنة، والصفحات الإباحية تمثل بلا منافس أكثر فئات صفحات الأنترنت بحثاً وطلباً. ولذلك صرحت وزارة العدل الأمريكية قائلة: ''لم يسبق في أي مدة من تاريخ وسائل الإعلام بأمريكا أن تفشى مثل هذا العدد الهائل من المواد الإباحية أمام الكثرة من الأطفال والشباب. وتفيد إحصاءات الوزارة بأن تفشي هذه الوسائل من الأسباب المباشرة في تفشي أنواع أخرى من الجرائم والمآسي الاجتماعية كالقتل والسرقة والاغتصاب والشذوذ. ففي دراسة أمريكية حديثة تأكد أن الشراء والبيع عبر الشبكة ونشر المواد الجنسية، والمقامرة وبرامج الأحاديث.. أصبحت مثل المخدرات بالنسبة لفئات من الناس يشعرون بالوحدة والحساسية المفرطة، حيث يلجأون إليها بحثاً عن الاستمتاع والإثارة دون الإحساس بالذنب.. وبهذا أصبحت ظاهرة الأنترنت تهدد حياة بعض الأسر بالمشكلات العائلية والانفصال الزوجي، بسبب انصراف الأزواج عن حياتهم الزوجية ومسؤولياتهم العائلية، ليغرقوا أمام شاشات الأنترنت.