حذّر مختصون من أن المجتمعات العربية ستكون أول الخاسرين في حال لم يتم التنبه للآثار السلبية لأحد أبرز الاضطرابات المنتشرة بين الأطفال، وهو اضطراب ''فرط الحركة وتشتت الانتباه''، الذي تؤكد الدراسات والتقارير أن عدد المصابين به في كل بلد عربي يتجاوز المليون طفل، وهو ما يعادل نسبة 15 بالمائة . أكدت استشارية المخ والأعصاب في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتورة سعاد اليماني، أنه بالرغم من أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يصنف كمرض، إلا أن آثاره السلبية كبيرة وقد تؤدي إلى وقوع المصابين به فريسة سهلة للسقوط في الجريمة والاتجاه للمخدرات والتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة. وينتشر هذا الاضطراب، حسب الدكتورة سعاد، عند العائلات الفقيرة، مشيرة إلى أن هناك علاقة عكسية بين الفقر والمستوى الاجتماعي والتعليمي واضطراب فرط الحركة، فكلما كان مستوى الأهل التعليمي أقل كانت الإصابة عند أطفالهم أعلى. هذا فيما أكدت الدكتور نهال عرفان، رئيسة قسم الطب النفسي في مدينة الملك فهد الطبية، أن الأطفال المصابين بالاضطراب هم الأكثر عرضة للاكتئاب، وأن التشخيص المبكر هو الأفضل للحيلولة دون تفاقمه. الذكور أكثر إصابة بإفراط الحركة وأضافت الدكتورة يماني أيضاً أن المصابين باضطراب فرط الحركة فرصهم في النجاح في التواصل الاجتماعي محدودة جداً، مقارنة بين الاهتمام الغربي بهذه المشكلة وبين الاهتمام العربي، حيث إن الغرب يجري أبحاثاً على هذا الموضوع أكثر مما يجريه على مرض ''السكري''، مؤكدة أن الفحص السريري هو الذي يستطيع إبراز عمق الإصابة. وتعرضت يماني لجوانب أخرى هامة، مثل الصعوبات الكبيرة التي تواجهها جمعية دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه المعنية بنشر ثقافة التوعية تجاه هذا النوع من الاضطراب وتعريف المجتمع بأهمية التعامل مع مصابيه ليتسنى الاكتشاف المبكر له، مؤكدة أنه لو أجريت دراسات على الكثير من الكبار وممن فشلوا في جانب من حياتهم لسبب من الأسباب لربما وجد أن اضطراب فرط الحركة هو السبب ولم يتم اكتشافه. وأشارت الأخصائية إلى أن الشعور بالخجل هو السبب لدى الكثير من أهالي المصابين لإخفائها، مضيفة أن الإصابة بتشتت الانتباه هي الأكثر لدى البنات، فيما نسبة الإصابة باضطراب فرط الحركة أكثر لدى الذكور عموماً. وكشفت يماني أن المصابين بفرط الحركة هم الأكثر تسبباً بالحوادث المرورية، وأن الشرائح المجتمعية ذات الدخل المنخفض هي الأكثر إصابة بهذا النوع من الاضطراب.