لا تحظى أية لعبة ترفيهية في الجزائر بالشعبية الكبيرة التي تحظى بها لعبة ''البوقالة''، و تزداد شعبيتها كلما حل الشهر الكريم شهر رمضان، إذ تعود لتحتل مكانتها الحميمية وسط النسوة في سهراتهن فوق أسطح القصبة العتيقة بالعاصمة. امتدت هذه العادة لتشمل مختلف مناطق الجزائر فتجتمع الفتيات في البيوت حول أطباق البقلاوة وقلب اللوز وأكواب الشاي الأخضر والقهوة، وتقوم من تحفظ البوقالة على ظهر قلب في تلاوة أشعارها بعد أن تنوي كل واحدة منهن وتعقد وهن يأملن أن يتحقق الفال الجميل الذي كان من نصيبها. وتحرص العازبات من النساء على المداومة على لعبة البوقالة كل سهرة رمضان، إذ تجدهن يسرعن ترتيب المطبخ وإعداد سينية الشاي الأخضر بالنعناع، وتحضير الأجواء المناسبة لهذه اللعبة رغبة منهن في التأمل خيرا من الأبيات الشعرية الرقيقة والعذبة التي تتلى على مسامعهن من عجائز ومتزوجات. وقد امتدت هده اللعبة وانتشرت في باقي المدن الجزائرية وأصبحت ميزة رمضانية تحرص الفتيات على إقامتها بجمع أكبر عدد ممكن منها وكتابتها على شكل قصاصات ورقية تقوم الفتاة باختيار واحدة منها وتقوم غيرها بقراءتها لها. والبوقالة هي لعبة تراثية عبارة عن أشعار شعبية جزائرية تشكل أساس ما يعرف منذ التاريخ القديم بالعاصمة الجزائر ب ''البوقالة''، تشيع في الأوساط العائلية النسوية ، وغالبا ما يكون فحواها حول الحب العفيف والحزن على فراق الأحباب والخلان والأمل بعودتهم. وتتطلب لعبة البوقالة تحضير الأجواء الحميمية الملائمة التي تساعد المشاركات فيها على فتح مخيلتهن وخواطرهن للفال الطيب والأمل والرجاء والحلم. ولعل أهم ما يميز هذه اللعبة هو ضرورة أن تعقد النساء المستأنسات بمقاطعها الشعرية اللطيفة المعنى، ما يسمى ب ''الفال''، ومعناه أن تعقد المرأة النية داخل قلبها بالتفكير في شخص من الأشخاص زوجا كان أو ابنا أو أخا بعيدا أو أما، أو في أي من الأصفياء والأحباب، بل حتى في الأعداء والخصوم، بمحاولة إسقاط معنى أبيات البوقالة الموجهة لها، على أشخاص. ومن أساسيات ''البوقالة'' أن لا تنال المرأة حظها من الأبيات الشعرية إلا بعدما تمسك بجزء من خمارها أو تنورها أو أي قطعة قماش أمامها، وتصنع منها عقدة صغيرة مرة واحدة قبل أن تفتح هذه العقدة بعد الاستماع إلى البوقالة والكشف إن أرادت عن اسم الشخص الذي أسقطت عليه هذا الفال. وتأخذ لعبة البوقالة تسميتها من الإناء الفخاري المعروف باسم ''البوقال''، الذي كان يستخدم في هذه اللعبة، بعد أن يتم ملؤه بقليل من الماء يرفق ب ''الكانون'' أو ''النافخ'' للتبخير بكل أنواع البخور، لكنها وللأسف جردت مع مرور الأيام من كل هذا واكتفت النساء بالأشعار فقط دون الطقوس الأخرى. ولا تكتمل الصورة حول لعبة ''البوقالة'' إلا بعد تقديم نماذج من أبياتها الشعرية التي تتنوع تبعا لتنوع الحالة والمقام، ولا تسترسل النسوة في تلاوة هذه الأشعار ما لم تبدأ بالتعويذة والصلاة على الرسول (صلى الله عليه وسلم) لافتتاح جلسة البوقالة وهذا نموذج منها: باسم الله بديت وعلى النبي صليت وعلى الصحابة رضيت وعيّطت يا خالقي يامغيث كل مغيث يارب السماء العالي. سهام حواس