الصيام مدخل إلى التقوى وحسن الخلق، والصبر على الناس، والصيام كما أمرنا الله به -من الفجر إلى غروب الشمس- يجب ألا يوصلنا إلى حالة من الجوع الشديد، الذي يترافق مع عضات الجوع في المعدة، ويصاحبه التوتر النفسي والعصبية، ذلك أن المعدة بعد أن تفرغ من الطعام الذي كان فيها، ويمضي على فراغها عدة ساعات، تبدأ فيها تقلصات شديدة - تسمى ''انقباضات الجوع''-، وتترافق مع الإحساس النفسي بالجوع. وتكون هذه التقلصات في المعدة على أشدها في الشباب والشابات ذوي الصحة الجيدة؛ حيث تكون المعدة لديهم نشيطة، وانخفاض سكر الدم يزيد من انقباضات الجوع هذه كثيرًا، فإذا طال جوع الإنسان صارت انقباضات الجوع مؤلمة، وسميت ''عضات الجوع''، وهي تظهر عادة بعد 12 إلى 24 ساعة من آخر وجبة، وهذا يختلف من شخص إلى آخر؛ أما إن كان الجائع في مجاعة واستمر جوعه فإن عضات الجوع تشتد، حتى تبلغ أقصى مدى لها خلال 3 إلى 4 أيام، ثم تضعف بالتدريج في الأيام التالية، حتى لو استمرت المجاعة، ويتلاشى معها الإحساس بالجوع. إن الجوع هو الإحساس الذي يدعو الكائن إلى تناول الطعام، وقد وجد العلماء في الدماغ مركزًا صغيرًا جدًا إذا ما تنبّه أحس الكائن بالجوع وأقبل على الطعام، وإذا ما حزبه المرض أو استأصله الجراح فإن الحيوان أو الإنسان يفقد الرغبة في الطعام نهائيًا، ويموت جوعًا رغم أن الطعام أمامه. وحتى لا يبلغ الأمر بنا مبلغ عضات الجوع، نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تأخير الفطر من جهة، فقال: ''لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر''. [رواه البخاري ومسلم]. وحثنا على السحور من جهة أخرى فقال: ''تسحروا فإن في السحور بركة''. [رواه البخاري ومسلم]. فليست المبالغة في الجوع والعطش هي الغاية من الصوم، إنما المطلوب مجرد الامتناع عن الطعام والشراب وغيرهما من المفطرات من الفجر إلى الغروب، ولو سبق هذا الامتناع وجبة جيدة تعين عليه وتخفف مشقته لما قلل ذلك من ثواب الصائم، بل على العكس فإن السحور يجلب المزيد من الثواب، لأنه سنة النبي -صلى الله عليه وسلم -.