ككل عام، احتفلنا واحتفلت الأمة الإسلامية جمعاء، بعيد الفطر المبارك، وعمت السعادة قلوبنا برؤية صغارنا يحتفلون بهذه المناسبة الدينية في أبهى حلتهم، دون أن يدركوا أن سعادتنا بالعيد هذه السنة، لم تكتمل، وإخواننا فوق الأرض يعانون ويتعذبون، وكانت الفاجعة.. بسماعنا لتلك الأخبار الأليمة التي وصلتنا من جنوب بلدنا، فتناقلتها بلمح البصر وكالات الأنباء الدولية. الفاجعة كانت فعلا أليمة بارتفاع عدد الضحايا ممن لقوا حتفهم، ودمرت منازلهم، وفقدت أخبارهم، خصوصا وأن مثل هذه الفيضانات هي الأولى من نوعها منذ 50 سنة أو يزيد بمنطقة بني ميزاب، فكان وقعها كبيرا على أهالي غرداية مثلما كان أثرها على قلوبنا مؤلما، ونحن نحتفل بعيد الفطر المبارك .. غير أن المؤسف جدا وسط ما حدث هو تلك الأصوات التي تعالت للتنديد بدور الحكومة الجزائرية وطريقة تعاملها مع الأزمة، واتهامها بعدم التنسيق لعمليات الإنقاذ والتضامن مع المتضررين، مع العلم أن ولاية غرداية لم تكن الوحيدة في فاجعتها، بل تسببت التقلبات الجوية التي مست أغلب ولايات غرب وشرق البلاد في إلحاق أضرار مادية وبشرية جسيمة بكل من عنابة وتلمسان، وسيدي بلعباس، وحتى بالجلفة وولايات أخرى من الوطن... فلماذا ترتفع الأصوات المنتقدة كلما حلت مصيبة بهذا الوطن؟ حتى وإن كانت الدولة قد سارعت فعلا إلى تجنيد كافة مجهوداتها المادية والبشرية من أجل التصدي للوضع، وإنقاذ المئات من الأرواح.. أو لم يصب ما أصابنا العديد من الدول الشقيقة وغير الشقيقة، المتطورة وغير المتطورة؟، ولنا في إعصار ''كاترينا'' الذي ضرب بلاد العم سام وحول ''نيو أورليانز'' قاعا صفصفا، وكيف طفت إلى السطح أمواج الانتقاد لأداء الحكومة الأمريكية وتفاعلها مع الحدث، فالأمر ليس بهذه البساطة، والمطلوب بذل الوسع وفقا للمتاح. آلامنا التي تزامنت وعيد الفطر المبارك لم تتوقف عند هذا الحد، بل الأوضاع الأليمة التي يعيشها إخواننا المسلمون على وجه المعمورة جعلت خطب صلاة العيد عبر عديد الدول العربية والمسلمة مفعمة بدعوات التضامن والتكافل ونبذ النعرات القومية والطائفية بين أوساط المسلمين، كيف لا والمشهد العراقي لاينبئ بالخير، وكذلك الوضع في الضفتين، وحتى في لبنان وسوريا، ونحن في كل مناسبة ندّعي أن ما أصابنا هو من فعل الغرب، فمتى نعي أن ما أصابنا ويصيبنا من فرقتنا وعنجهية ضمائرنا الميتة.